الأحد، 14 ديسمبر 2014

نبدعك كما بدعوه يا ممدوح جابر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد كتب رجل مصري اسمه ممدوح جابر وقدم له محمد عبد المقصود عن الثورة المشئومة المعنونة بثورة 25 يناير ، والتي خبثت وسيلة ومقصداً فأما وسيلة فتلك السلمية التي يسفك فيها الدماء وتنتهك فيها الأعراض ويصرون على سلميتهم ! ، وأما الغاية فشعارات الديمقراطية التي كانت تجلجل في الأفق

وقد خرج فيها مشايخ السوء ولحى العمى العقدي

ثم اجتهدوا في تبرير هذه الثورة شرعياً وكان من أكثرهم اجتهادهم في هذا أحمد أبو العينين الذي أضله على علم وكان يتكلم عن ثورة مصر وكانت ما خرجت إلا لهدم الأوثان وتحكيم الشرع وإزالة المنكرات والواقع أن الاختلاط الذي كان يقع في الميادين لا يقره إلا ديوث

وممدوج جابر هذا أتى بعجيبة العجائب وصار يزعم أن مذهب جمهور السلف جواز الخروج على الحاكم الجائر

وتستر بأبي حنيفة إمام أهل الرأي

وها هي مغبة تمجيد أهل البدع فتحت لهذا وغيره باب التلبيس على المسلمين

فرحم الله من قال ( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام )

وقد رد عليه محمد بن كمال الأسيوطي وفات الأسيوطي أمراً هاماً وهو أن السلف أنكروا على أبي حنيفة قوله بالسيف وجعلوها من أعظم المنكرات التي أتى بها، وقد أشار إلى ذلك إشارة ضعيفة ولكنهى للأسف حاول تبرئة أبي حنيفة بقوة راداً على السلف خبرهم وجرحهم

قال عبد الله في السنة 233 - حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ «إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ»، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ

وقال أيضاً 234 - حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَرَى السَّيْفَ» قُلْتُ: فَأَنْتَ؟ قَالَ: «مَعَاذَ اللَّهِ»

وقال أيضاً 242 - حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ نَعُودُهُ أَنَا وَأَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ وَعَلِيُّ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، عِنْدِي سِرٌّ كُنْتُ أَطْوِيهِ عَنْكُمْ فَأُخْبِرُكُمْ، وَأَخْرَجَ بِيَدِهِ عَنْ فِرَاشِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: «احْتَمَلْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ، وَاحْتَمَلْنَا عَنْهُ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ الثَّانِيَةِ، وَاحْتَمَلْنَا عَنْهُ كَذَا وَعَقَدَ بِأُصْبُعِهِ الثَّالِثَةِ الْعُيُوبَ حَتَّى جَاءَ السَّيْفُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ السَّيْفُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ نَقْدِرْ أَنْ نَحْتِمَلَهُ»

وقال أيضاً 250 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ، قَالَ: أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رِزْمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ عِنْدَ الْوَدَاعِ أَوْصِنِي فَقَالَ: " كَانَ مِنْ رَأْيِي أَنْ أَفْعَلَهُ وَلَوْ لَمْ تَقُلْ إِنَّكَ أَطْرَيْتَ عِنْدِي رَجُلًا كَانَ يَرَى السَّيْفَ عَلَى الْأُمَّةِ فَقُلْتُ: أَفَلَا نَصَحْتَنِي قَالَ: كَانَ مِنْ رَأْيِي أَنْ أَفْعَلَهُ "

وقال أيضاً 322 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ " حَدَّثْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ فِي رَدِّ السَّيْفِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةٍ "

وقال أيضاً 322 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ " حَدَّثْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ فِي رَدِّ السَّيْفِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ خُرَافَةٍ "

وهذه كلها أخبار صحيحة والعجب ممن يترك هذا كله ثم يتشبث بالطحاوي الذي لم يدرك أبا حنيفة !

وقال عبد الله أيضاً 363 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، وَالْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولَانِ: «إِنَّ قَوْلَ الْمُرْجِئَةِ يَخْرُجُ إِلَى السَّيْفِ»

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل  نا محمد بن أحمد بن أبي عون النسائي نا أحمد بن حكيم أبو عبد الرحمن المروزي نا أحمد بن سليمان نا الأصمعي عبد الملك بن قريب قال كنت عند هارون أمير المؤمنين وأبو يوسف بجنبه إذ دخل عليه أبو إسحاق الفزاري فأقيم من بعيد قال فنظر إليه هارون فقال إنا لله وإنا إليه راجعون وقع الشيخ موقع سوء، قال وإذا الرجل عزيم صريم قال فقال له هارون: أنت الذي تحرم لبس السواد؟ قال فقال (137 م) معاذ الله يا أمير المؤمنين أنا من أهل بيت سنة وجماعة ولقد خرجت مرة في بعض هذه الثغور وخرج أخي مع إبراهيم إلى البصرة فقال لي أستاذ هذا: لمخرج أخيك مع إبراهيم أحب إلي من مخرجك.
وهو يرى السيف فيكم، فلعل هذا الجالس بجنبك أخبرك بهذا، على هذا وعلى أستاذه لعنة الله وغضبه.

وأستاذ أبي يوسف الذي لعنه الفزاري الإمام هو أبو حنيفة

وجاء في مسائل ابن أبي شيبة عن شيوخه 82- وسمعت ابي يقول سالت ابا نعيم يا ابا نعيم من هؤلاء الذين تركتهم من اهل الكوفة كانو يرون السيف والخروج على السلطان فقال على رأسهم ابو حنيفة

وقال الخطيب في تاريخ بغداد أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، قَالَ: أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مُحَمَّد بن يحيى المزكي النيسابوري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المسيب، قال: سمعت عبد الله بن خبيق، قال: سمعت الهيثم بن جميل، يقول: سمعت أبا عوانة، يقول: كان أَبُو حنيفة مرجئا يرى السيف، فقيل له: فحماد بن أبي سليمان؟ قال: كان أستاذه في ذلك

بل أنكروا أمر السيف على رجل أجل من أبي حنيفة وهو الحسن بن صالح بن حيي

قال العقيلي في الضعفاء  حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ذُكِرَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولو كان القول بالسيف هيناً أو مسألة خلافية لما جعلت جرحاً

ولما أنكر الناس حديثاً على نافع فجاء بعض الناس ورواه من طريق زيد بن أسلم

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَمَا أُولِعَ  النَّاسُ بِنَافِعٍ. وَهَذَا تَعْلِيلٌ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ.

وأقول على هذا السمت لو كان القول بالسيف قولاً لجماعة من كبار أئمة السلف لما أولع الناس بأبي حنيفة والحسن بن صالح

ونقول لممدوح جابر وشيخه الذي أقر بناء كنيسة :" نبدعك كما بدعوهم "

والخروج على الحاكم على أضرب

الخروج على الحاكم المسلم الفاسق فهذا لا يجوز بحال حتى تروا كفراً بواحاً

الخروج على الحاكم الكافر بدون قدرة وهذا إلقاء للنفس في التهلكة

وقولنا ( القدرة ) ليس معناه أن نخوض حرباً لا يموت فيها أحد فهذا لا كان ولا سيكون

والخروج على الحاكم الكافر طلباً للدنيا فهذا لا يجوز إذ لا يسفك المسلم دمه إلا في خير ولكن من أظهر السنة وتغيير المنكرات ولم يظهر طلباً للدنيا لا يجوز الطعن في نيته دون قرائن

والخروج على الحاكم الكافر إنكاراً لكفره ولنشر الكفر بين المسلمين وإعلاءً لكلمة الله مع وجود القدرة فهذا من الجهاد في سبيل الله

وبهذا يأتلف كلام السلف ولا يختلف فشيء يحمل عليه إنكار الحسن على من خرج على الحجاج وشيء يحمل عليه إنكار أحمد على من أراد الخروج على الواثق وشيء يحمل عليه إقرار بعضهم لبعض هذا

وأما الخروج العصري في ثورات الديمقراطية فهذا لا يجيزه أحد يعتد به
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم