الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال عبد القاهر البغدادي الأشعري في كتابه
الفرق بين الفرق ص321 وهو ينفي العلو :" وَقد قَالَ امير الْمُؤمنِينَ على
رَضِي الله عَنهُ ان الله تَعَالَى خلق الْعَرْش اظهارا لقدرته لَا مَكَانا لذاته
وَقَالَ ايضا قد كَانَ وَلَا مَكَان وَهُوَ الْآن على مَا كَانَ"
هذان الأثران لا أصل لهما عن علي البتة
ولا شك في كذبهما ولا زال كثير من الجهمية يعتمدون هذين الأثرين اللذين لا أصل
لهما
وتناقضهم أنهم يحاولون تضعيف حديث الجارية
الثابت في صحيح مسلم واحتج به مالك في الموطأ والشافعي في الأم وأحمد في مسنده
وعدد من مسائله والبخاري في القراءة خلف الإمام
ويحاولون تضعيف أثر ابن مسعود الثابت (
والعرش فوق الماء والله فوق العرش )
ثم هم يحتجون بهذه التي لا أصل لها وقد
سمعت بأذني جهمياً يحتج بهذا الخبر
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى
(2/272) :" وَمِنْ أَعْظَمِ الْأُصُولِ الَّتِي يَعْتَمِدُهَا هَؤُلَاءِ
الِاتِّحَادِيَّةُ الْمَلَاحِدَةُ الْمُدَّعُونَ لِلتَّحْقِيقِ وَالْعِرْفَانِ:
مَا يَأْثُرُونَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ} عِنْدَ
الِاتِّحَادِيَّةِ الْمَلَاحِدَةِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهُوَ قَوْلُهُ:
{وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ} كَذِبٌ مُفْتَرًى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى
أَنَّهُ مَوْضُوعٌ مُخْتَلَقٌ وَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ
الْحَدِيثِ لَا كِبَارِهَا وَلَا صِغَارِهَا وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ بِإِسْنَادِ لَا صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ وَلَا بِإِسْنَادِ مَجْهُولٍ
وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ: بَعْضُ مُتَأَخِّرِي مُتَكَلِّمَةِ
الْجَهْمِيَّة فَتَلَقَّاهَا مِنْهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَلُوا إلَى آخِرِ
التَّجَهُّمِ - وَهُوَ التَّعْطِيلُ وَالْإِلْحَادُ -. وَلَكِنَّ أُولَئِكَ قَدْ
يَقُولُونَ: كَانَ اللَّهُ وَلَا مَكَانٌ وَلَا زَمَانٌ وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا
عَلَيْهِ كَانَ فَقَالَ هَؤُلَاءِ: كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ وَهُوَ
الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ
كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ هَؤُلَاءِ
بِالْإِسْلَامِ ابْنُ عَرَبِيٍّ فَقَالَ فِي كِتَابٍ: (مَا لَا بُدَّ لِلْمُرِيدِ
مِنْهُ) وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي السُّنَّةِ {كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ}
قَالَ: " وَزَادَ الْعُلَمَاءُ وَهُوَ الْآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ
فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ الْعَالَمَ وَصْفٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ
وَلَا عَالَمٌ مَوْجُودٌ فَاعْتَقِدْ فِيهِ مِنْ التَّنْزِيهِ مَعَ وُجُودِ
الْعَالَمِ مَا تَعْتَقِدُهُ فِيهِ وَلَا عَالَمَ وَلَا شَيْءَ سِوَاهُ ".
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ قَوْلُ
كَثِيرٍ مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ"
وقد بحثت عن هذا الأثر في كتب الرافضة فلم أجده أيضاً وإنما وجدت نحوه منسوباً للصادق
ويستدل الجهمية أيضاً بخبر مكذوب على علي
( من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل المعبود ) ويحملونه على نفي العلو
قال أبو نعيم في الحلية (1/73) :
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، ثَنَا
الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، ثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ
الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ
سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ، دَارِ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا نَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَابِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُوَدِ، فَقَالَ
عَلِيٌّ: عَلَيَّ بِهِمْ، فَلَمَّا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَالُوا لَهُ: يَا
عَلِيُّ صِفْ لَنَا رَبَّكَ هَذَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ، كَيْفَ هُوَ، وَكَيْفَ
كَانَ، وَمَتَى كَانَ، وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ فَاسْتَوَى عَلِيٌّ جَالِسًا
وَقَالَ: مَعْشَرَ الْيَهُوَدِ اسْمَعُوا مِنِّي، وَلَا تُبَالُوا أَنْ لَا
تَسْأَلُوا أَحَدًا غَيْرِي، إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْأَوَّلُ لَمْ
يَبْدُ مِمَّا، وَلَا مُمَازَجُ مَعِمَّا، وَلَا حَالٌّ وَهُمَّا، وَلَا شَبَحٌ
يُتَقَصَّى، وَلَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى، وَلَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ
فَيُقَالُ: حَادِثٌ، بَلْ جَلَّ أَنْ يُكَيِّفَ الْمُكَيِّفَ لِلْأَشْيَاءِ كَيْفَ
كَانَ، بَلْ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزُولُ لِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ، وَلَا
لِتَقَلُّبِ شَانٍ بَعْدَ شَانٍ، وَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْأَشْبَاحِ، وَكَيْفَ
يُنْعَتُ بِالْأَلْسُنِ الْفِصَاحِ، مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَشْيَاءِ فَيُقَالُ:
بَائِنٌ، وَلَمْ يَبِنْ عَنْهَا فَيُقَالُ: كَائِنٌ، بَلْ هُوَ بِلَا كَيْفِيَّةٍ،
وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبَلِ الْوَرِيدِ، وَأَبْعَدُ فِي الشَّبَهِ مِنْ كُلِّ
بَعِيدٍ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ، وَلَا كُرُورُ
لَفْظَةٍ، وَلَا ازْدِلَافُ رَبْوَةٍ، وَلَا انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ، فِي غَسَقِ
لَيْلِ دَاجٍ، وَلَا إِدْلَاجٍ لَا يَتَغَشَّى عَلَيْهِ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ،
وَلَا انْبِسَاطُ الشَّمْسِ ذَاتِ النُّورِ، بِضَوْئِهَا فِي الْكُرُورِ، وَلَا
إِقْبَالُ لَيْلٍ مُقْبِلٍ، وَلَا إِدْبَارُ نَهَارٍ مُدْبِرٍ، إِلَّا وَهُوَ
مُحِيطٌ بِمَا يُرِيدُ مِنْ تَكْوِينِهِ، فَهُوَ الْعَالِمُ بِكُلِّ مَكَانٍ،
وَكُلِّ حِينٍ وَأَوَانٍ، وَكُلِّ نَهَايَةٍ وَمُدَّةٍ، وَالْأَمَدُ إِلَى
الْخَلْقِ مَضْرُوبٌ، وَالْحَدُّ إِلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ، لَمْ يَخْلُقِ
الْأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ أَوَّلِيَّةٍ، وَلَا بِأَوَائِلٍ كَانَتْ قَبْلَهُ
بَدِيَّةً، بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ فَأَقَامَ خَلْقَهُ، وَصَوَّرَ مَا صَوَّرَ
فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ، تَوَحَّدَ فِي عُلُوِّهِ، فَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ
امْتِنَاعٌ، وَلَا لَهُ بِطَاعَةِ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ انْتِفَاعٌ، إِجَابَتُهُ
لِلدَّاعِينَ سَرِيعَةٌ، وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ لَهُ
مُطِيعَةٌ، عَلِمُهُ بِالْأَمْوَاتِ الْبَائِدِينَ كَعِلْمِهِ بِالْأَحْيَاءِ
الْمُتَقَلِّبِينَ، وَعِلْمُهُ بِمَا فِي السَّمَوَاتِ الْعُلَى كَعِلْمِهِ بِمَا
فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَعِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، لَا تُحَيِّرُهُ
الْأَصْوَاتُ، وَلَا تَشْغَلُهُ اللُّغَاتُ، سَمِيعٌ لِلْأَصْوَاتِ
الْمُخْتَلِفَةِ، بِلَا جَوَارِحٍ لَهُ مُؤْتَلِفَةٍ، مُدْبِرٌ بَصِيرٌ عَالِمٌ
بِالْأُمُورِ، حَيٌّ قَيُّومٌ. سُبْحَانَهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا بِلَا
جَوَارِحٍ وَلَا أَدَوَاتٍ، وَلَا شَفَةٍ وَلَا لَهَوَاتٍ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَنْ تَكْيِيفِ الصِّفَاتِ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَهَنَا مَحْدُودٌ، فَقَدْ جَهَلَ
الْخَالِقَ الْمَعْبُودَ، وَمَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَمَاكِنَ بِهِ تُحِيطُ،
لَزِمَتْهُ الْحِيرَةُ وَالتَّخْلِيطُ، بَلْ هُوَ الْمُحِيطُ بِكُلِّ مَكَانٍ،
فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا أَيُّهَا الْمُتَكَلِّفُ لِوَصْفِ الرَّحْمَنِ، بِخِلَافِ
التَّنْزِيلِ وَالْبُرْهَانِ، فَصِفْ لِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ
هَيْهَاتَ أَتَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِكَ، وَتَصِفُ الْخَالِقَ
الْمَعْبُودَ، وَأَنْتَ تُدْرِكُ صِفَةَ رَبِّ الْهَيْئَةِ وَالْأَدَوَاتِ،
فَكَيْفَ مَنْ لَمْ تَأْخُذْهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، لَهُ مَا فِي الْأَرَضِينَ
وَالسَّمَوَاتِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ كَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ
عَنْهُ مُرْسَلًا
وهذا الخبر أعله أبو نعيم كما ترى ومحمد
بن إسحاق الذي في السند ذكره غلط بل هو عبد الرحمن بن إسحاق فهو الذي يروي عن
النعمان بن سعد وهو متروك وإن كان ابن إسحاق صاحب السيرة فهذا من مناكيره وهو مدلس
وقد عنعن
والسقاف الذي يعتمده الجهمية يكذبه
وقال الكوثري في مقالاته :" فمن رجال
كتب السير في الشرق محمد بن إسحاق، وقد كذَّبه كثير من أهل النقد، ومن قوَّاه
اشترط في رواياته شروطاً لا تتوفر في مواضع الريبة من رواياته"
وهذه الرواية لا تشبه كلام السلف نهائياً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم