مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الإجماع على كفر منكر الرجم في الإسلام

الإجماع على كفر منكر الرجم في الإسلام



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

أما بعد :


فقد حصل لغط كبير في موضوع الرجم وقد اتفقت المذاهب الفقهية سواءً مذاهب أهل الحديث أو أهل الرأي أو الظاهرية على الرجم بل اتفقوا على تكفير من أنكر الرجم

قال عبد القاهر البغدادي في الفرق بين الفرق ص64 :" وَأنْكرت الْأزَارِقَة الرَّجْم وَاسْتَحَلُّوا كفر الْأَمَانَة الَّتِي أَمر الله تَعَالَى بأدائها وَقَالُوا ان مخالفينا مشركون فَلَا يلْزمنَا إِذا امانتنا إِلَيْهِم وَلم يقيموا الْحَد على قَاذف الرجل الْمُحصن وأقاموه على قَاذف الْمُحْصنَات من النِّسَاء وَقَطعُوا يَد السَّارِق فِي الْقَلِيل وَالْكثير وَلم يعتبروا فِي السّرقَة نِصَابا وأكفرتهم الْأمة فِي هَذِه الْبدع"

وقوله أكفرتهم الأمة يعني بكل واحدة على حدة فلا يوجد شيء اسمه التكفير بالمجموع

بل حتى المعتزلة والرافضة والزيدية والإباضية كلهم يقرون بالرجم

قال الزمخشري في الكشاف :" يا أَهْلَ الْكِتابِ خطاب لليهود والنصارى مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ من نحو صفة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ومن نحو الرجم وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه لا يبينه إذا لم تضطر إليه مصلحة دينية، ولم يكن فيه فائدة إلا اقتضاء حكم وصفته  مما لا بدّ من بيانه، وكذلك الرجم وما فيه إحياء شريعة وإماتة بدعة"

والصنعاني في سبل السلام وهو يعتد بمذاهب الزيدية نقل إقرارهم بالأمر

بل حتى اليهود والنصارى عندهم رجم كما هو معلوم

في الإصحاح  20الفقرة 27 من سفر اللاويين  (( وَإِذَا كَانَ فِي رَجُل أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ ))

فهنا يرجمون من به جن

وجاء في سفر التثنية الإصحاح 22 الفقرات من 13 إلى 21 (( «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا،
وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً.
يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ،
وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا.
وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ.
فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ
وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ.
وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ.
يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ))

ففي دينهم الرجم على المحصنة كما هو ظاهر ، فأين الذين يتحدثون عن تشويه صورة الإسلام إرضاء لمن عندهم الرجم أصلاً في أديانهم !

وهذه الأسفار معتمدة عند اليهود والنصارى على حد سواء

فيقال للزنادقة من أمثال يوسف أبا الخيل ومحمد آل الشيخ ومن على شاكلتهم  إذا أردتم نقد أحد فلا تنقدونه على شيء اتفقت عليه المذاهب وأهل السنة مع أهل البدعة مع أسيادكم من اليهود والنصارى

ومن يستدل بخبر عمر عام الرمادة أين يذهب ؟

فعمر أسقط حد السارق من المجاعة وما مجاعة المحصنة الآكلة الشاربة حتى تزني ؟

إن أكرهت امرأة على الزنا سقط عنها الحد ولكن إن فعلت برضاها واعترفت وجبت عقوبتها بكراً كانت أم ثيباً بالإجماع وعمر نفسه لم يسقط الرجم في هذه الحال

وهذا ابن رشد الذي يعظمونه يقول في بداية المجتهد :" وَالْحُدُودُ الْإِسْلَامِيَّةُ ثَلَاثَةٌ: رَجْمٌ، وَجَلْدٌ، وَتَغْرِيبٌ.
فَأَمَّا الثُّيَّبُ الْأَحْرَارُ الْمُحْصَنُونَ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حَدَّهُمُ الرَّجْمُ إِلَّا فِرْقَةً مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ فَإِنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ حَدَّ كُلِّ زَانٍ الْجَلْدُ، وَإِنَّمَا صَارَ الْجُمْهُورُ لِلرَّجْمِ؛ لِثُبُوتِ أَحَادِيثِ الرَّجْمِ، فَخَصَّصُوا الْكِتَابَ بِالسُّنَّةِ، أَعْنِي قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] الْآيَةَ"

وأما من يذكر عدم إقامة الحدود في الحرب ، فالمقصود عدم إقامتها في محل الحرب يعني في خطوط القتال ، وأما في ولاية منفصلة آمنة فهذه يقام فيها الحدود بلا خلاف وقد أقام علي الحد على شراحة الهمدانية وكان بينه وبين غيره نزاع معلوم

وقد قال أبو هريرة :" حد يقام في الأرض خير من أن يمطروا أربعين صباحاً "

وباب المسلم التسليم ومن اعترض على الحكم الشرعي فهو كافر مرتد لا يضر إلا نفسه ، ومن لا ينكر مظاهر المنكرات ومقدمات الزنا ثم يضج من إقامة الحد على زانية واضح أنه منافق من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا

وليعلم أن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رجم زانية فأنكر عليه زنادقة الأعراب وذلك في بداية ظهوره

قال ابن بشر :" فلمّا صدرت منه هذه، أعني رجم المرأة. اشتهر أمره في الأفاق. فبلغ خبره سليمان بن محمد بن غرير الحميدي قائد الأحساء والقطيف وما حوله من العربان وقيل له: إنَّ في بلد العيينة عالماً فعل كذا وكذا وقال كذا وكذا.
فأرسل سليمان إلى عثمان كتاباً وقال: إنَّ هذا المطوع الذي عندك فعل وفعل. وتهدد عثمان، وقال اقتله فإن لم تفعل قطعنا خراجك الذي عندنا في الإحساء، وخراجه عندهم كثير، قيل لي أنَّه اثنا عشر مائة أحمر وما يتبعها من طعام وكسوة، فلمّا ورد عليه كتابه ما وسعه مخالفته واستعظم أمره في صدره لأنَّه لم يعلم قدر التوحيد ولا ما لمن نصره وقام به من العز والتمكين في الدنيا ودخول الجنّة في الآخرة فأرسل إلى الشيخ. وقال له: إِنَّه أتانا خط من سليمان قائد الأحساء وليس لنا طاقة بحربه ولا إغضابه. فقال له الشيخ: إنَّ هذا الذي أنا قمت به ودعوت إليه كلمة لا إله إلاَّ الله وأركان الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن أنت تمسكت به ونصرته فإن الله سبحانه يظهرك على أعدائك، فلا يزعجك سليمان ولا يفزعك فإنّي أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك بلاده وما وراءها وما دونها، فاستحيا عثمان وأعرض عنه"

وقد قال الزنديق محمد آل الشيخ مخاطباً امرأة في تويتر :" لولا الله ثم جدي ما كنتِ تتخرجين من الطب الآن بل لكنتِ ترعين الغنم وتغزلين الصوف في خيمتك"

وصدق الزنديق وهكذا بدأت الدولة التي ترون اليوم ، وبعد أن تنعمتم بآثار جهاد الصادقين صرتم تتمردون على الشرع 

وقد هنا عبد العزيز ابن باز المفتي السابق للمملكة الحكومة اليمنية لما أقاموا حد الرجم 

جاء في مجموع فتاويه (22/400) :" 50 - هل يشترط في الراجم شروط
س: حكمت إحدى المحاكم الشرعية في مدينة تعز بالجمهورية العربية اليمنية برجم امرأة بسبب الزنا، فكان بعض الناس يتردد بالرجم، وحجتهم أنهم يقولون: إنه يتوجب على الراجم شروط: أن يكون الراجم بدون خطيئة، وكلام كثير قيل في هذا، أفيدونا عن ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: لقد سرني كثيرا حكم المحكمة بتعز برجم الزانية المحصنة، لما في ذلك من إقامة حد الله الذي أهملته غالب الدول الإسلامية، فجزى الله المحكمة خيرا، ووفق حكومة اليمن وسائر الحكومات الإسلامية للحكم بشريعة الله بين عباده في الحدود وغيرها، ولا شك أن في حكمهم بشريعة الله صلاح أمرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وينبغي للمسلمين التعاون في هذا، ومن شارك في رجم الزاني المحصن فهو مأجور، ولا ينبغي لأحد التحرج في ذلك إذا صدر الحكم الشرعي بالرجم، و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة برجم ماعز الأسلمي واليهوديين والغامدية، وغيرهم، فبادر الصحابة إلى ذلك رضي الله عنهم، ووفق المسلمين السير على منهاجهم في الحدود وغيرها.
ولا يشترط في المشارك في الرجم أن يكون معصوما أو سليما من السيئات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشترط ذلك، ولا يجوز لأحد من الناس أن يشترط شرطا لا دليل عليه من كتاب الله سبحانه ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والله الموفق" 


وجاء في طوقي الحمامة لابن حزم الظاهري :"  فيا لشنعة ذنب أنزل الله وحيه مبيناً بالتشهير بصاحبه، والعنف بفاعله، والتشديد لمقترفه، وتشدد في عقوبة رجمه الا يرجم إلا بحضرة أوليائه.
وقد أجمع المسلمون إجماعاً لا ينقضه إلا ملحد أن الزاني المحصن عليه الرجم حتى يموت"


وجاء في العقد الفريد لابن عبد ربه المعتزلي :"قال الرياشي: فكنت أعجب من شنعة حدّ الرجم، فلما سمعت شنعة الذنب هان عليّ الحدّ! "

وقال ابن حزم أيضاً في طوق الحمامة :" وقد صح في إجماع الأمة المنقول بالكافة الذي يصحبه العمل عند كل فرقة وفي أهل كل نحلة من نحل أهل القبلة - حاشا طائفة يسيرة من الخوارج لا يعتد به - أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بكفر بعد إيمان، أو نفس بنفس، أو بمحاربة لله ورسوله يشهر فيها سيفه ويسعى في الأرض فسادا مقبلاً غير مدبر، وبالزنا بعد الإحصان فإن حد ما جعل الله مع الكفر بالله عز وجل ومحاربته وقطع حجته في الأرض ومنابذته دينه لجرم كبير ومعصية شنعاء."

وقال الزجاج في معاني القرآن :"  وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
أي من زعم أن حكماً من أحكام اللَّه التي أتَتْ بها الأنبياءُ عليهم
السلام باطل فهو كافر، أجمعت الفقهاءَ أن من قال إِن المحصَنَين لا يجب أن
يرجما إذا زنيا وكانا حُرَّين - كافِرٌ، وإنما كفر من رد حكماً من أَحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مكذِبٌ له، ومن كذب النبي فهو كافر"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي