الخميس، 11 سبتمبر 2014

تناقض الجهمية في مسألة البناء على القبور



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمن تناقضات الجهمية الأشعرية أنهم يزعمون التقليد ، ومع ذلك يخرقون إجماعات قديمة في مسائل معدودة ولأن أهل أهواء هم أتباع الدجال ، نرى كثيراً منهم منهزماً أمام المد الغربي فتراه ينكر جهاد الطلب

وقد رأيت كلاماً لبعض جهلتهم يحتج للبناء على القبور بالتسنيم المذكور في السنة ويزعم أن الوهابية هجروا سنة تسنيم قبور الفضلاء !

والتسنيم في قول عامة الفقهاء هو رفع القبر شبراً فقط ، ورفعه يكون بالتراب لا بالبناء وإليك كلام أئمة القوم في هذا لتعرف جهلهم

قال سيد سابق في فقه السنة :" قال الطبري: لاأحب أن يتعدى في القبور أحد المعنيين من تسويتها بالارض، أو رفعها مسنمة قدر شبر على ما عليه عمل المسلمين، وتسوية القبور ليست بتسطيح.
وقد اختلف الفقهاء في الافضل منها، فنقل القاضي عياض عن أكثر أهل العلم: ان الافضل تسنيمها، لان سفيان النمار حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما، رواه البخاري"

والطبري ليس من أئمة القوم ولكن لا يمكنهم تكذيبه وهو ينقل عمل المسلمين

وفي التاج والإكليل من كتب المالكية :" وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرِ بِتَسْوِيَةِ الْقُبُورِ وَبَيْنَ تَسْنِيمِهَا ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ تُسَطَّحُ الْقُبُورُ وَلَا تُبْنَى وَلَا تُرْفَعُ وَتَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ ( وَحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلَاثًا )"

فأين هذا من بناء القباب على القبور

وقال ابن الحاج في المدخل :" والتسنيم في القبر ارتفاعه قدر شبر مأخوذ من سنام البعير"

وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق :" وَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ { أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته } فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ عَلَى التَّسْنِيمِ وَصَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّسْنِيمِ ، وَفِي الْمُجْتَبَى بِاسْتِحْبَابِهِ"

والبناء الموجود الآن زائد على التسنيم

وإليك هذا النص الدامغ من الإمام الشافعي حيث يثني على من يهدم الأضرحة

قال الشافعي في الأم (2/631) :" أُحِبُّ أَنْ لاَ يُزَادَ فِي الْقَبْرِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ بَأْسٌ إذًا إذَا زِيدَ فِيهِ تُرَابٌ مِنْ غَيْرِهِ ارْتَفَعَ جِدًّا , وَإِنَّمَا أُحِبُّ أَنْ يُشَخِّصَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شِبْرًا أَوْ نَحْوَهُ وَأُحِبُّ أَنْ لاَ يُبْنَى , وَلاَ يُجَصَّصَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ الزِّينَةَ وَالْخُيَلاَءَ , وَلَيْسَ الْمَوْتُ مَوْضِعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , وَلَمْ أَرَ قُبُورَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مُجَصَّصَةً ( قَالَ الرَّاوِي ) : عَنْ طَاوُسٍ : { إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُبْنَى الْقُبُورُ أَوْ تُجَصَّصَ }
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رَأَيْت مِنْ الْوُلاَةِ مَنْ يَهْدِمَ بِمَكَّةَ مَا يُبْنَى فِيهَا فَلَمْ أَرَ الْفُقَهَاءَ يَعِيبُونَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْقُبُورُ فِي الْأَرْضِ يَمْلِكُهَا الْمَوْتَى فِي حَيَاتِهِمْ أَوْ وَرَثَتُهُمْ بَعْدَهُمْ لَمْ يُهْدَمْ شَيْءٌ أَنْ يُبْنَى مِنْهَا وَإِنَّمَا يُهْدَمُ إنْ هُدِمَ مَا لاَ يَمْلِكُهُ أَحَدٌ فَهَدْمُهُ لِئَلَّا يُحْجَرَ عَلَى النَّاسِ مَوْضِعُ الْقَبْرِ فَلاَ يُدْفَنُ فِيهِ أَحَدٌ فَيَضِيقُ ذَلِكَ بِالنَّاسِ"

وقول الزنادقة الصوفية ( تسنيم قبور أهل الفضل ) بدعة فالتسنيم عام لأهل الفضل وغيرهم

وقد كره كثير من المذهبيين التسنيم تحت ذرائع عدة ، من أهمها مخالفة الروافض وهؤلاء الزنادقة اليوم يريدون موافقة الرافضة

والخلاصة أن القوم ارتكبوا جرائم عدة

الأولى : الخلط بين التسنيم والبناء على الأضرحة

الثانية : تخصيص التسنيم بأهل الفضل

الثالثة : كذبهم على مخالفهم أنه ينكر التسنيم مطلقاً 

وقد بلغني أن هناك من هدم الضريح على قبر النووي وهناك من استنكر علماً أن النووي نفسه يحرم البناء على القبور ويرى هدمها 

 قال النووي في روضة الطالبين (2/136) :" الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُزَادَ فِي الْقَبْرِ عَلَى تُرَابِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَلَا يُرْفَعُ إِلَّا قَدْرَ شِبْرٍ لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ. قَالَ فِي (التَّتِمَّةِ) : إِلَّا إِذَا مَاتَ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ، فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ، بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ إِذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ. وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ. وَلَوْ بُنِيَ عَلَيْهِ، هُدِمَ إِنْ كَانَتِ الْمَقْبَرَةُ مُسَبَّلَةً، وَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي مِلْكِهِ، فَلَا. وَأَمَّا تَطْيِينُ الْقَبْرِ، فَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَّالِيُّ: لَا يُطَيَّنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَشَّ الْمَاءُ عَلَى الْقَبْرِ، وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى، وَأَنْ يُوضَعَ عِنْدَ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ، أَوْ خَشَبَةٌ وَنَحْوُهَا"

وقد نقل السيوطي وهو معظم عندهم الاتفاق على تحريم بناء المساجد على القبور 

فقال في كتابه اتباع السنة ص113 :"  فأما بناء المساجد عليها، وإشعال القناديل والشموع أو السُّرج عندها، فقد لعن فاعله، كما جاء عن النبي (، قال: " لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". حديث حسن، وقد تقدم. وصرح عامة علماء الطوائف بالنهي عن ذلك متابعة للأحاديث الواردة في النهي عن ذلك. ولا ريب في القطع بتحريمه لما بينت في صحيح مسلم عن جندب ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله (قبل أن يموت بخمس يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. إني أنهاكم عن ذلك ".
وفي الصحيحين عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزل رسول الله (طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: " لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا.
وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله (، قال: " قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".
وقالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله (في مرضه الذي مات فيه: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، متفق عليه.
وروى الإمام أحمد عن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي (قال: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد ".
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " لعن رسول الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ". رواه الإمام أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي."


ثم صرح السيوطي بوجوب هدم المساجد المبنية على القبور فقال بعد كلامه السابق مع نقله الإجماع على ذلك  :" وفي الباب أحاديث كثيرة وآثار، فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين"

وكذلك صرح ابن حجر الهيتمي القبوري ناقلاً عن علماء الشافعية 
 قال في "التحفة": "وقد أفتى جمع بهدم كل ما في قرافة مصر من الأبنية، حتى قبة إمامنا الشافعي التي بناها بعض الملوك، وينبغي لكل أحد هدم ذلك ما لم يخش منه مفسدة، فيتعين الرفع للإمام أخذاً من كلام ابن الرفعة". انتهى.
 وقال في "الزواجر": ومن أعظم أسباب الشرك؛ الصلاة عند القبور، واتخاذها مسجداً، ويجب إزالة كل منكر عليها، ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور، إذ هي أضر من مسجد الضرار، لأنها أُسِّسَتْ على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه نهى عن ذلك وأمر بهدم القبور، ويجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر، ولا يصح وقفه أو نذره"
 


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم