الأحد، 3 أغسطس 2014

تلاعب القانونيين بسن انتهاء حضانة الطفل ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمن المعلوم ما كانت تعانيه المرأة في كل مكان في الدنيا من إهانة واستهانة في غير بلاد المسلمين ، غير أنهم في الزمن الحديث حاولت بعض الشعوب التكفير عما مضى منها فاستحدثت قوانين في باب الأحوال الشخصية ظنوا أن بها يحفظون حقوق المرأة ولكنها كانت ظالمة للرجل وللأسرة ككل وكان لها أثر سلبي في عزوف الرجال عن الزواج وإيثارهم السفاح مما جعل كثيراً من النساء يتحملن مسئولية تربية الأبناء لوحدهن لأن الرجل يسافح ويذهب فجوزوا بعكس مقصودهم وتضاعف الظلم على المرأة وهذا هو الحال في الغرب والذي يراد لنا استيراده

ولأن كثيراً من القوانين في بلاد المسلمين مأخوذة من هؤلاء حاول بعض الناس تلفيق أحكام في الأحوال الشخصية بين القانون الغربي والفقه الإسلامي فصاروا ينتقون من أقوال الفقهاء ما يكون دائماً في جانب المرأة فيما يرون هم وحصل في ذلك تلاعب كبير

فمن ذلك سن انتهاء الحضانة

ليعلم أن حكم الحضانة يناقض القيم الليبرالية الداعية للمساواة فالذي تقتضيه المساواة المزعومة أن يبقى الطفل عند أبيه المدة نفسها التي بقاها عند أمه ، وأنه في حال حضانة الأم له تكون نفقته عليها أو على الأقل مقسومة بينها وبين الرجل على التساوي

غير أن الحكم الشرعي جاء فيه مراعاة المصلحة بعيداً هنبثة المساواة غير العادلة في حقيقتها فقد اتفق الفقهاء أن حضانة الطفل تحت سن السابعة من حق أمه إذا كانت مسلمة عاقلة راشدة ، وأنه يجب على الرجل أن ينفق عليها وعلى الطفل في تلك المرحلة

ولكن العبث بدأ في باب آخر وهو سن انتهاء الحضانة

نظر المقننون إلى المذاهب الفقهية فبحثوا في أكثر المذاهب تطويلاً لسن الحضانة لكي تطول مدة النفقة ، فوجدوا أن الإمام مالكاً قال أن الصبي يكون في حضانة أمه حتى يبلغ

فقالوا بأن الحضانة تبقى للطفل حتى سن الخامسة عشر !

وهذا ليس مذهب الإمام مالك ولا مذهب أحد من العالمين لأن الإمام مالكاً قال ( حتى يبلغ ) ولم يقل حتى سن الخامسة عشر ، والبلوغ يكون بالاحتلام والإنبات ، ومذهب الإمام مالك أوسع المذاهب في باب علامات البلوغ فيرون خشونة الصوت في الذكر وفرق أرنبة الأنف ، واتساع الحوض في الفتاة ونعومة الصوت من علامات البلوغ

غير أنهم أهملوا مذهب مالك في علامات البلوغ حتى في الجزء الذي يتفق فيه مع عامة الفقهاء، وبلوغ الخامسة عشر علامة بلوغ عند جماعة من الفقهاء عند انعدام جميع علامات البلوغ الأخرى قبله

ثم إن مالكاً يرى أنه بعد البلوغ يذهب لأبيه مطلقاً

بل العجيب أنك تجدهم يلزمون الرجل يتمليك المرأة الحاضنة بيت الزوجية طوال مدة الحضانة ، وإنما يلزم بإسكانها فقط في مكان تأمن فيه على نفسها ولو كان مؤجراً وأما التمليك فهذا من كيسهم

وتطويل مدة الحضانة مع كون الحضانة تسقط بزواج المرأة من رجل آخر له مفسدة ظاهرة ، وهؤلاء القوم ما يريدون إلا الفساد

وحتى النفقة على الأولاد هؤلاء يحددونها تحديداً غير شرعي فالنفقة على الأولاد معناها أن يكسوهم ويطمعهم ويؤدي بقية الحاجات ، وهذه نفقة بإجماع المسلمين ، وأما حصر النفقة بمبلغ المادي يعطيه الرجل لطليقته فهذا تحديد ما أنزل الله به من سلطان

ويحدده كثير من فساق القضاة بما يأكل أكثر من نصف مرتب الرجل ، بحيث أنه لو أراد الزواج بأخرى لا يستطيع وهم يظنون أنهم يذلك يجبرونه على استعادة زوجه ، والغاية لا تبرر الوسيلة بل هذا سبب لحصول العداوة والبغضاء بين الرجل والمرأة وركون كل منهما إلى ما لا يحل إن ضعفت التقوى فيهما

قال ابن قدامة في المغني :" ( 6538 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ : ( وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ ، خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ ، فَكَانَ مَعَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْغُلَامَ إذَا بَلَغَ سَبْعًا ، وَلَيْسَ بِمَعْتُوهٍ ، خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ ، إذَا تَنَازَعَا فِيهِ ، فَمَنْ اخْتَارَهُ مِنْهُمَا ، فَهُوَ أَوْلَى بِهِ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ ، وَعَلِيٌّ ، وَشُرَيْحٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ مَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ : لَا يُخَيَّرُ لَكِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إذَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ ، فَأَكَلَ بِنَفْسِهِ ، وَلَبِسَ بِنَفْسِهِ ، وَاسْتَنْجَى بِنَفْسِهِ ، فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ وَمَالِكٌ يَقُولُ : الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُثْغِرَ ، وَأَمَّا التَّخْيِيرُ ، فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْغُلَامَ لَا قَوْلَ لَهُ ، وَلَا يَعْرِفُ حَظَّهُ ، وَرُبَّمَا اخْتَارَ مَنْ يَلْعَبُ عِنْدَهُ وَيَتْرُكُ تَأْدِيبَهُ ، وَيُمَكِّنُهُ مِنْ شَهَوَاتِهِ ، فَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِهِ ، وَلِأَنَّهُ دُونَ الْبُلُوغِ ، فَلَمْ يُخَيَّرْ ، كَمَنْ دُونَ السَّبْعِ وَلَنَا ، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ } رَوَاهُ سَعِيدٌ ، بِإِسْنَادِهِ وَالشَّافِعِيُّ وَفِي لَفْظٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ { : جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي ، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ ، وَقَدْ نَفَعَنِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : } هَذَا أَبُوك ، وَهَذِهِ أُمُّك فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْت { فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ رَوَاهُ سَعِيدٌ ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَارَةَ الْجَرْمِيُّ ، أَنَّهُ قَالَ : خَيَّرَنِي عَلِيٌّ بَيْنَ عَمِّي وَأُمِّيِّ ، وَكُنْت ابْنَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذِهِ قِصَصٌ فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ ، وَلَمْ تُنْكَرْ ، فَكَانَتْ إجْمَاعًا ،وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْحَضَانَةِ لِحَقِّ الْوَلَدِ ، فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَشْفَقُ ؛ لِأَنَّ حَظَّ الْوَلَدِ عِنْدَهُ أَكْثَرُ ، وَاعْتَبَرْنَا الشَّفَقَةَ بِمَظِنَّتِهَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا بِنَفْسِهَا ، فَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ حَدًّا يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَيُمَيِّزُ بَيْنَ الْإِكْرَامِ وَضِدِّهِ ، فَمَالَ إلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ ، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ ، فَقُدِّمَ بِذَلِكَ وَقَيَّدْنَاهُ بِالسَّبْعِ ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَالٍ أَمَرَ الشَّرْعُ فِيهَا بِمُخَاطَبَتِهِ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ ؛ وَلِأَنَّ الْأُمَّ قُدِّمَتْ فِي حَالِ الصِّغَرِ ، لِحَاجَتِهِ إلَى حَمْلِهِ ، وَمُبَاشَرَةِ خِدْمَتِهِ ، لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ ، وَأَقْوَمُ بِهِ ، فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ ، تَسَاوَى وَالِدَاهُ ، لَقُرْبِهِمَا مِنْهُ ، فَرَجَّحَ بِاخْتِيَارِهِ "


والذي يترتب على ما ذكرناه من أن الصبي الذكر إذا بلغ فإنه حضانة أمه له تسقط باتفاق الفقهاء ، وبعد ذلك إما التخيير وإما المقام عند والده ، بل لم يعد هناك شيء اسمه نفقة حضانة

قال ابن قدامة في المغني :" وَلَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ إلَّا عَلَى الطِّفْلِ أَوْ الْمَعْتُوهِ ، فَأَمَّا الْبَالِغُ الرَّشِيدُ ، فَلَا حَضَانَةَ عَلَيْهِ ، وَإِلَيْهِ الْخِيرَةُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ"

وقال ابن القيم في زاد المعاد :" الْبَالِغَ لَا حَضَانَة عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحّ أَنْ يُخَيّرَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَيْنَ أَبَوَيْنِ ؟ هَذَا مِنْ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا وَعَادَةً فَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ"

فالذي يترتب على هذا أن أخذ المرأة أجرة حضانة من الرجل على ولده الذكر البالغ لا يجوز شرعاً وحكم القاضي من الحكم بغير ما أنزل الله

والفقهاء على ضربين فريق يقول أن الحضانة تنتهي عند سن السابعة وبعدها يخير

وفريق يقول أنها تنتهي عند البلوغ أو علامة أخرى ولا يخير بل يذهب لأبيه رأساً

ثم إن هذه المنهجية في السير على ما تشتهي الأنفس من أقوال الفقهاء مع التلفيق القبيح وتخصيص عمومات الفقهاء بأعراف ضيقة هو باب زندقة عريض ، وقد قيل قديماً ( من تتبع رخص الفقهاء فقد تزندق ) وهذا أبشع من تتبع الرخص

وقد رأيت مقالاً هزلياً لكتاب اسمه حسام حربي لغته فيه غير شرعية إلا أنه من المفيد إثبات هذه الكتابة وما فيها من السخرية فأولئك المدمرين للمجتمع في نواته الأسرة بتلك القوانين الخبيثة التي مآلها أن يصير حالنا كحال الغرب
قال حسام حربي في مقال له بعنوان عشر فوارق بين عالمنا وعالم المنظمات النسوية :" عزيزى القارىء.. هل شاهدت فِلم “ألِس فى أرض العجائب”؟ إنه يجسد الرواية الخيالية الجميلة التى تذهب فيها الفتاة البريطانية “ألِس” إلى عالم عجيب غريب.. ففيه قد يظهر مخلوق من الهواء ثم يعود ليختفى فى الهواء، وفيه تتحرك كروت الكتشينة كأنها جنود، وتتكلم الحيوانات كأنها بشر. إنه عالم مثير ومشوّق، لكن بطلتنا “ألس” تشعر فيه بالإستغراب الشديد لأنه لا يمت إلى عالمنا الحقيقى بأى صلة، ولا يمكن فهمه مِن قِبَل مَن عاش على أرض الواقع.

هذا هو العالم الذى أشعر أنى أعيش فيه كلما قرأت عن فكر المنظمات النسائية. فخيالهن الخصب قد نسج عالماً جديداً ليس له علاقة من قريب ولا بعيد بعالمنا، ثم بدأن باستغلال نفوذهن السياسى لوضع التشريعات والقوانين اللازمة له. ورغم أن الإنسان الطبيعى عادةً ما يكون واقعياً يحاول التعامل مع الدنيا كما هى وليس كما يتمناها ويتخيلها، فالشهادة لله أن هذه المنظمات قد نجحت نجاحاً منقطع النظير فى حمْل الكثير من الحكومات والدول على العيش وفقاً لقواعد عالمها الخيالى وليس العالم الحقيقى الملموس.

فى السطور التالية نجول بخيال القارىء فى أغوار هذا العالم الغامض لنحاول معاً استكشاف قواعده المختلفة عن قواعد عالمنا التقليدي الممل. فالمطلوب منك الآن يا قارئي العزيز أن تربط حزامك وتسترخي قدر استطاعتك.. فأنت تُحَلِّق فى سماء عالم المنظمات النسائية.. وهذه هى أهم الفروق التى ستلاحظها بين عالمنا وعالمهن فور وصولك..

1-الرجل كالمرأة:
إنسى كل ما تعلمته فى عالمك عن الفروق بين الرجل والمرأة، فأول وأهم قاعدة تلازمنا فى هذا العالم هو أن الرجال فيه كالنساء والنساء فيه كالرجال، لا توجد بينهما أى فروق بيولوجية ولا نفسية، ومن ثَم فلا يوجد أى مبرر لتخصيص مبادىء عرفية أو قانونية لكل منهما وإلا شَكّل هذا ظلماً وإضطهاداً. فمثلاً كما يستحيل على المرأة أن ترتبط بأكثر من رجل واحد معاً يستحيل أيضاً على الرجل أن يرتبط بأكثر من امرأة معاً، كما يرث الإثنان بنفس القدر من الأهل، ولكل منهما نفس الإهتمامات والطموحات والرغبات والمسؤوليات

2-الرجال يحبون الشارع:
فى حالة حدوث طلاق لا سمح الله فالمفروض على الرجل أن تكون شقته -التى ربما ظل هو وأهله عشر سنوات يدخرون فى ثمنها- من حق طليقته، حتى إن كانت هى التى خلعته دون أى سبب. وهذا ليس من باب التفرقة العنصرية أبداً، بل هو من باب أن الرجال بطبيعتهم يميلون لحب الشارع والنوم فيه بعكس النساء اللائى يعشقن البيوت والشقق. وقد يُسارع القارىء النابه بالإعتراض على تلك النقطة متسائلاً “ألم تقل لتوك بأن الرجال كالنساء؟ كيف إذاً يحب هؤلاء الشارع بينما يحب أولئك الشقق؟”، وهنا أرجع وأذكره بأن قواعد هذا العالم تختلف كلياً عن قواعد عالمنا.. ففى عالمنا لا يمكن أن يجتمع نقيضين، لكن فى عالم المنظمات النسائية يمكننا وبكل بساطة الإيمان بالشىء ونقيضه معاً

3-الآباء كالثيران:
هذا أيضاً ليس باستثناء عن تساوى الرجل بالمرأة.. فمع إيمانك بأنه لا توجد أى فروق بين الرجال والنساء عليك أيضاً أن تؤمن أنه فى حالة حدوث طلاق -الشر برة وبعيد- يجب أن تحتفظ الأم بحضانة الأطفال حتى يكبروا بينما يجب على الأب أن يصرف عليهم وعلى أمهم مع انتزاع حقه فى رؤيتهم (بإستثناء ثلاثة ساعات أسبوعياً.. إنْ طالهم). ولا يكون ظنك سيئاً.. فهذا ليس من باب التفرقة الغير دستورية فقد أكدنا مراراً التساوى التام بين الرجل والمرأة، لكن كل ما هنالك أنه فى عالمنا الجديد يعشق الرجال العمل أكثر من عشقهم لأولادهم، وقد راعى واضعو القوانين تلك الفروق فوضعوا الرجل فى مكانه المناسب وهو ساقية العمل وأبعدوه عن أولاده الذين يسببون له القلق والإزعاج، والذى يمثل هو بدوره خطراً عليهم لكونه مخلوق ثائر وغير منضبط

4-الأبناء لا يحتاجون لتربية الأب:
لا توجد مشكلة أن يتربى الإبن فى حالة الطلاق على يد أمه حتى يبلغ خمسة عشر عاماً (وفى قول آخر: ثمانية عشر عاماً. وإن شاء الله عن قريب تكون 21 عاماً). فبما أنه لا يوجد فروق بين الأب والأم، وبما أنه لا يوجد فروق بين الإبن والبنت، فلا غبار أن ينشأ رجل على تربية إمرأة، فهو لن يكتسب من أبيه أى جديد لأنهم جميعاً متطابقون على أية حال. وما ينطبق على الإبن ينطبق حتماً على البنت طبقاً للقاعدة رقم واحد

5-الرجال ليس لديهم شهوة:
لا ليست هذه غلطة إملائية، وأرجوك كف عن النظر لى بهذه الطريقة.. فلست أنا من نسجت قواعد هذا العالم. ففى عالمنا الجديد لا ينجذب الرجل إلى المرأة مهما إرتدت -أو لم ترتد- من ملابس. ولهذا فكان الأخذ على يد أى رجل يشذ عن هذه القاعدة ويُظهر أى رد فعل تأثراً بمنظر الأجساد المجسمة أو البناطيل الضيقة ضرورة كبرى للحفاظ على السِلْم العام والأخلاق الحميدة، نظراً لنتوج تأثره هذا عن قلة أدب وليس عن شهوة. وإنْ كنت ذاكرت ما سبق جيداً فستعلم أنه بما أن الرجال كالنساء فالنساء أيضاً ليس لديهن شهوة، وبالتالى فمهما إرتدين -أو خلعن- من ملابس فهذا لا يرجع لمحاولتهن إثارة غرائز الرجال، بل يرجع فقط لغلاء سعر القماش

قلت لك أن تكف عن النظر لى هكذا، أنا أشرح لك قواعد العالم الجديد فقط. الحق علىّ؟

6-لا توجد علاقة بين السبب والنتيجة:
فى عالمنا الواقعى الممل يوجد ما يسمى بـ”السبب والنتيحة”، أى أنك عندما تفعل شيئاً فإنه يؤدى لشىءٍ آخر مترتب عليه. أما فى عالمنا الخيالى الجموح فلا توجد هذه العلاقة.. فمثلاً إن قرر أحدهم أن يتبع السنة ويختن إبنته ختاناً غير جائر لتجنب وقوع المحظور، أو أن يراقب مواعيد خروجها ورجوعها، أو أن يحثها على التحجب وعدم الإختلاط بالشباب الخ فإنه يكون قد أخطأ من وجهين.. أولاً أنه نسى أن إبنته ليس لها شهوة أصلاً كما أسلفنا فى النقطة السابقة، وثانياً أنه إفترض أن محاولة السيطرة على هذه الشهوة سيقلل من إحتمال وقوع الفتاة فى الخطأ. فقواعد هذا العالم تقول أن الفتيات صنفين: صنف تربى تربية حسنة وهذا لن يخطىء أبداً ما بقيت السموات والأرض بغض النظر عن الظروف حتى إن وُضعن فى بيت واحد مع أحمد عز وبراد بِت لمدة سنة، وصنف آخر لم يترب تربية حسنة وهذا سيخطىء حتى إن حبسهن أهلهن فى زنزانة إنفرادية. ولما كانت النتائج محسومة سلفاً فلا يوجد أى مبرر للأهل العقلاء أن يعملوا بنظرية السبب والنتيجة محاولين زيادة إحتمال العفة وتقليل إحتمال الخطيئة، وعليهم أن يتركوا الفتاة وشأنها معتمدين على حسن تربيتهم لها

7-الطبيب مثله مثل حلاق الصحة:
لَمّا كانت الوفيات تحدث فقط بسبب الختان نظراً لطبيعته الخطرة ولا تحدث أبداً بسبب عمليات أخرى كاللوز أو شفط الدهون فلا يوجد فارق إذاً بين أن يُجرِى الختان طبيب وبين أن يجريه حلاق صحة أو داية، ففى النهاية يؤدى الختان للوفاة تلقائياً أياً كان من يجريه. ومن ثَم فإن تجريم عمله على الأطباء وإزالة ترخيص من يوشى به زميله لن يزيد من الوفيات أو الإصابات نظراً للجوء الناس لحلاقى الصحة كبديل.. فهذا مجرد إجراء إنسانى هدفه زيادة دخل حلاقى الصحة الذين صاروا يواجهون الإنقراض مؤخراً

8-الأطفال سواسية كأسنان المشط:
من أجمل قواعد هذا العالم أنه لا فارق بين عربى ولا عجمى ولا رجل ولا امرأة إلا بالسن. فالناس جميعاً ينقسمون إلى قسمين: أحدهما “تحت 18 والآخر “فوق 18 (ملحوظة: 18 هذه قد تصبح 16 فى انجلترا وأستراليا او 15 فى فرنسا والسويد أو 14 فى ألمانيا وإيطاليا أو 13 فى إسبانيا واليابان.. لكننا نتحدث حالياً عن مصر فاعذرونا فى التعميم). القسم الأول يُطلق عليهم “الأطفال”، وهؤلاء ليس لهم عقل ولا إرادة ولا غرائز وهم أشبه بالمقاعد فى عالمنا الأصلى. أما القسم الثانى فهم “البالغون” وهؤلاء مكتملو الأهلية. ولن يجد القارىء فى هذا العالم أى شخص تحت 18 نما نمواً جسدياً وعقلياً، كما لن يجد أى شخص فوق 18 ينقصه النضج.. فالذى تحت 18 يظل طفلاً حتى لحظة عيد ميلاده الـ18 حيث يتفتق جسده وعقله فجأة ويصير بالغاً على طريقة توم وجيرى عند نموهما المفاجىء بعد شرب المحلول السحرى

9-الزنى مفيد للأطفال والزواج ضار بهم:
فى عالمنا الجديد البهيج تتأذى الطفلة بشدة من الزواج حتى إن تزوجت بطفل تحت 18 مثلها، ولذا فكان لزاماً على القانون أن يجرم مثل هذا الإجراء بحسم. وهو كلام معقول.. فكيف يتزوج الأطفال وهم فاقدو الأهلية؟ بل ولماذا يتزوجون أصلاً وليس لديهم شهوة؟ وقد ثبت علمياً أن زواج الأطفال يسبب لهم أمراضاً جسدية ونفسية عديدة.. أما زناهم معاً فلحسن الحظ لا يسبب أياً من تلك المشاكل بل بالعكس يفك من الكبت الجنسى (الغير موجود). وما زال العلماء يحاولون فك اللغز ليعلموا هل الذى يسبب الأمراض عند زواج الطفلة هو ضغط الدبلة على أصبع البنصر أم رائحة حبر قلم المأذون، إذ أن هذه الأمراض لم تكن موجودة قديماً عند زواج الأطفال بل ظهرت فجأة بعد سيطرة الجمعيات النسائية والعلمانيين على وسائل الإعلام

10-لا يوجد فقراء:
وهى ألطف ظاهرة فى عالمنا الجديد رغم أن كل ظواهره لطيفة.. ففى العالم الحقيقى قد تجد فتاة فقيرة توافق على الزواج من غنى لكونها تحتاج للمال هى وأسرتها بدلاً من أن تنحرف أو بدلاً من أن يموت أبيها بسبب نقص الدواء مثلاً. أما فى عالمنا البديل فلا يوجد فقر أصلاً ومن ثَم فلا يوجد أى مبرر لزواج من هم تحت 18 (الأطفال منعدمو الشهوة) من المستغلين المجرمين فوق 18، ولذا كان القانون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الزواج مِن أو تزويج طفل برىء وتدميره نفسياً وصحياً. كما يستتبع هذا أنه لا توجد زيجات مبنية على المصالح المادية مثل إعجاب الرجل بجمال وشباب المراة ولا إعجاب المرأة بأموال ومستوى الرجل الإجتماعى، فجميع الزيجات مبنية على الحب والإعجاب الشاعرى الرومنسى الصِرف

وفى النهاية..

الخيال شىء جميل، بل هو أجمل ما فى الإنسان. لكن المشكلة -بل الكارثة- تحدث إن مزجنا الخيال بالواقع ولم نفرق بينهما. نحن لا نعيش فى عالم كالذى تكلمنا عنه وللأسف لن نعيش فيه أبداً، نحن نعيش فى عالم ملىء بالنقائص والغرائز والشهوات والإحتياجات المادية والنفسية والإختلافات الجمة بين كل إنسان وآخر وبين كل حالة وأخرى.. ولا يمكننا وضع نموذج إجتماعى وتشريعى ناجح لا يأخذ كل هذا بعين الإعتبار ويتعامل معه بواقعية، لا أن يتظاهر بأنه غير موجود وبأننا ملائكة تعيش فى جنة. فهل من أمل لإخراج رؤوسنا من الرمال والإعتراف بتلك الحقائق، أم أنه لابد علينا أن نظل نعانى من تجاهلها منتظرين الغرب أن يسمح لنا بتقرير مصيرنا؟"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم