مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على حديث ( الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ)

الكلام على حديث ( الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال الترمذي في جامعه 2322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ضَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ» : «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ»

أقول : عبد الرحمن بن ثابت صدوق يخطيء كما قال ابن حجر في التقريب ، وقد اختلف عليه

قال الطبراني في الأوسط 4220 - حدثنا علي بن سعيد قال : نا بشر بن معاذ قال : نا أبو المطرف المغيرة بن المطرف قال : نا ابن ثوبان ، عن عبدة بن أبي لبابة ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا عالم أو متعلم ، وذكر الله ، وما والاه » « لم يرو هذا الحديث عن ابن ثوبان ، عن عبدة إلا أبو المطرف ، تفرد به : بشر بن معاذ » وروى غيره عن ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة

والمغيرة مجهول ، وقد خولف عبد الرحمن بن ثابت فرواه غيره مرسلاً

قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول 1545 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: أنا الخنيسي، قال: أنا وهيب، عن عطاء بن قرة السلولي، عن عبد الله بن ضمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله، أو معلماً، أو متعلماً)).

وهذا أصح

قال البغوي في شرح السنة 4028 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام ، أنا أحمد بن سيار القرشي ، نا قتيبة بن سعيد ، نا الخنيسي ، وهو محمد بن يزيد بن خنيس ، عن وهيب بن الورد العابد ، عن عطاء بن قرة السلولي عن عبد الله بن ضمرة أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله أو معلما أو متعلما "

محمد بن يزيد بن خنيس روى عنه جمع من الثقات منهم أبو حاتم ولا يروي إلا عن ثقة ، وقد بين السماع في رواية الحكيم ، ولم يسلك الجادة

وقال أحمد في الزهد 154- حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ مَا كَانَ لِلَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ.

لم يذكر ( العالم والمتعلم ) ، وهذا مرسل وقد غلط بعضهم فذكر فيه جابر

قال الدارقطني في أطراف الأفراد والغرائب :" ( 1702 ) حديث : «الدنيا ملعونة.. ». الحديث. تفرد به أبو عامر العقدي عن الثوري عنه،
وتفرد به عبد الله بن الجراح عنه"

يعني موصولاً

وقال ابن أبي حاتم في العلل :" 1863- وَسَأَلتُ أَبِي عَن حَدِيثٍ ؛ رَواهُ عَبدُ اللهِ بن الجَرّاحِ القُهُستانِيُّ ، عَن أَبِي عامِرٍ العَقَدِيِّ ، عَن سُفيانَ الثَّورِيِّ ، عَن مُحَمَّدِ بن المُنكَدِرِ ، عَن جابِرِ بن عَبدِ اللهِ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، قالَ : الدُّنيا ملعونة ملعون ما فِيها إِلاَّ ما كانَ مِنها لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
سَمِعتُ أَبِي يقولُ : هَذا خَطَأٌ ، إِنَّما هُوَ مُحَمَّدُ بن المُنكَدِرِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ"

قال ابن الجوزي في العلل المتناهية :" 1331-طريق آخر أنا محمد بن ناصر قال أنا أبو الغنائم أبي النرسي قال نا علي بن الحسن قال حدثنا عبيد الله بن محمد الحوشي قال نا محمد بن هارون قال نا محمد بن حميد قال حدثنا مهران بن أبي عمر قال نا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ما كان منها لله عز وجل".
قال المؤلف: "هذا الحديث مرسل كذلك رواه مهران وقد رواه أبو عامر العقدي عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر قال الدارقطني وكلا الطريقين غير محفوظ"

وهل يصلح هذا المرسل لتقوية مرسل عبد الله بن ضمرة ؟

الجواب : فقرة ( إلا عالم أو متعلم ) لا شاهد لها ، ولا يصلح المرسلان لتقوية بعضهما وذلك لأن عبد الله بن ضمرة روى عنه أبو الزبير المكي وهو طبقة ابن المنكدر وروى عنه مجاهد وهو أعلى طبقة من ابن المنكدر فاحتمال عود مرسله ومرسل ابن المنكدر إلى مخرج واحد ، ومراسيل صغار التابعين كابن المنكدر لا تصلح في الشواهد عند عامة أهل العلم

وقال ابن أبي عاصم في الزهد 127 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النَّصِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا خِدَاشُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ»

أقول : لم يذكر ( العالم والمتعلم ) وخداش مجهول وقول الذهبي :" حديثه مستقيم " فيه نظر فإن هذا الخبر اشتهرت روايته عن أبي الدرداء موقوفاً عليه

قال أبو داود في الزهد 213 - نا ابن السرح ، قال : أنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء ، قال : الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر الله ، أو آوى إلى ذكر الله .

قال ابن المبارك في الزهد 532 - أخبرنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان قال : قال أبو الدرداء : « الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلا ذكر الله وما أدى إليه ، والعالم ، والمتعلم في الخير شريكان ، وسائر الناس همج لا خير فيهم »

وعليه فالحديث لا يثبت إلا موقوفاً بلفظ (الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها إلا ما كان من ذكر الله ، أو آوى إلى ذكر الله
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي