الخميس، 5 يونيو 2014

الرد على عدنان إبراهيم في قوله أن الصحابة منعوا علياً الخلافة عصبية



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فينتشر مقطع لعدنان إبراهيم يزعم فيه أبا بكر وفي رواية _ عمر _ قال لعلي بن أبي طالب :" والله ما أخرتكم قريش عن هذا الأمر أن تتولاها وأن تأخذها إلا أن نفسوا على بني هاشم أن تكون فيهم النبوة والخلافة معاً "

وهذه رواية لا وجود لها بهذا اللفظ وإنما هي رواية ضعيفة في تاريخ الطبري بمتن منكر إليك نصه مع بتر عدنان فيه

قال الطبري في تاريخه (2/577) : حدثني عمر قال حدثنا علي قال حدثنا أبو الوليد المكي عن رجل من ولد طلحة عن ابن عباس قال خرجت مع عمر في بعض أسفاره فإنا لنسير ليلة وقد دنوت منه إذ ضرب مقدم رحله بسوطه وقال ... كذبتم وبيت الله يقتل أحمد ... ولما نطاعن دونه ونناضل ... ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل ...
 ثم قال أستغفر الله ثم سار فلم يتكلم قليلا ثم قال
 ... وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبر وأوفى ذمة من محمد ... وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله ... وأعطى لرأس السابق المتجرد ...
 ثم قال أستغفر الله يابن عباس ما منع عليا من الخروج معنا قلت لا أدري قال يا بن عباس أبوك عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنت ابن عمه فما منع قومكم منكم قلت لا أدري قال لكني أدري يكرهون ولايتكم لهم قلت لم ونحن لهم كالخير قال اللهم غفرا يكرهون أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فيكون بجحا بجحا لعلكم تقولون إن أبا بكر فعل ذلك لا والله ولكن أبا بكر أتى أحزم ما حضره ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم أنشدني لشاعر الشعراء زهير قوله
 ... إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية ... من المجد من يسبق إليها يسود ...
 فأنشدته وطلع الفجر فقال اقرأ الواقعة فقرأتها ثم نزل فصلى وقرأ بالواقعة .

علي بن عاصم ضعيف وقد يكون غيره وأبو الوليد المكي لا يعرف والرجل من ولد طلحة مبهم

وقد بتر منها قول عمر (ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم)

فالحوار ليس عن الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عن الخلافة بعد الصديق ، وعمر في هذه الرواية يبين لابن عباس لماذا قريش لم تطالب لعلي بن أبي طالب

ومعلوم أن الرواية لو صحت فإنما يعني بها فئة معينة من قريش وليس كلهم فإن الذين بايعوا الصديق في السقيفة كانوا المهاجرين والأنصار ، والمهاجرون أبعد الناس عن العصبية والأنصار ليسوا من قريش أصلاً

ونكارة الرواية تكمن في كثرة ذكر عمر للشعر فإن من المعلوم من سيرة عمر أنه قليل الاستشهاد بالشعر جداً ، حتى أنه لم يدرك الهجاء في شعر الحطيئة حتى أخبره حسان بالأمر فكيف يقول عن زهير ( أشعر الشعراء )

والعجيب من عدنان إبراهيم أنه يكذب الأحاديث الصحيحة في نزول عيسى ابن مريم والدجال وعشرات الأخبار الثابتة ثم يحتج بهذه الرواية الواهية التي وافقت هواه

ولا غرو أن يصف ياسر الحبيب عدنان إبراهيم وحسن المالكي بالمجددين لما يظهرانه من التحامل على الصحابة الكرام والأطروحات العجيبة

بل العجيب أنه يصدق بنظرية دارون بنسبة ( 99بالمائة ) كما يقول مع تكذيبه لعشرات الأحاديث الصحيحة

وهذه النظرية محض فرضية خيالية لم يقم عليها أي برهان علمي قاطع للنزاع  وإنما هو محض ربط غريب بين بعض الظواهر ، يقابل بفرضيات أخرى 

والملاحدة يؤمنون بهذه النظرية ويمارسون الربط الغريب فشعر على يدك دليل على أنك والقرد من سلف مشترك وكلهم جميعاً من سلف قديم هو سمكة ، وكل ما في الكون من الضبط الدقيق والإتقان والمعلومات لا يدل على خالق ! 



فروا من الإيمان بما دلت عليه النصوص فاتخذوا لأنفسهم أنبياء جدد _ كدارون _  وعقائد جديدة يؤمنون بها وهذا الأمر الذي زعموا أنهم فروا منه

نعم لا يسمونهم أنبياء بل يقولون ( عباقرة ) ولا يسمونها ( عقائد ) بل يقولون ( نظريات ) ولكن حقيقة الأمر ما أخبرتك ، والفرق أنهم لا يربطون الأمر بالوحي

وكثير ممن يؤمن بهذه الخرافات يؤمن بها على جهة العناد لأهل التدين ، أو إظهار التفتح الفكري لا عن قناعة تامة وإلا إعمال العقل قليلاً يكفي في إيراد إيرادات قوية جداً على أي نظرية من هذا النوع ، هي أمثل بكثير من السفسطة التي يوردونها على النصوص الشرعية

وأما عدنان إبراهيم وأمثاله فلهم شهوة أخرى وهي تسفيه من يسمونهم من ( العلماء التقليديين ) بأي طريقة لكي يظهروا بصورة المجددين والمنقذين والجامعين بين علم القرآن والعلم الحديث

لذا يتورطون بتصديق نظريات غريبة ، أو الكلام بالقطع الشديد في نظريات هي محل نزاع إلى الآن كدوران الأرض حول الشمس

والذي يتأمل في أطوار العلوم التجريبية يجد أنها لم يمكن الوثوق بها بشكل مطلق ، وذلك أنه يظهر لعلماء علم معين بعض الحقيقة فيبنون على ذلك قصوراً وعوالي ثم بعد ذلك يظهر بعض آخر للحقيقة ربما يكون ذلك بعد مائة سنة أو مائتين فتنسف النظرية الأولى التي كان يعتقدها معظم العلماء!



وقد أغنانا الله عز وجل بما في النصوص عن هذا فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، ومن عقيدة أهل السنة أن الله خلق آدم على صورته ، وإنما أردت أن أبين للمخدوعين خطورة معارضة الحقائق العلمية الشرعية بأنصاف الحقيقة ( إن صح التعبير وكانت حقيقة حقاً ) 

ومثل عدنان إبراهيم محمد رشيد رضا الذي صدق بنظرية دارون مع إنكاره لعشرات الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها وهكذا كذبوا بالصدق فابتلوا بتصديق الباطل يطعن في كعب الأحبار ويثني على دارون 

الحمد لله الذي عافانا 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم