الجمعة، 20 يونيو 2014

فائدة في قوله تعالى : ( (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال الله تعالى : (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء )

ذهب بعض المعاصرين ( وهو مذكور ) عن بعض من سبق أن المقصود بالذرية هنا الذرية الصغار وأما الكبير فلا يدخل في هذا

وهذا القول مرجوح لأنه قد صح عن ابن عباس خلافه

قال الطبري في تفسيره حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في هذه الآية:(والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ) فقال: إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذريته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرّ الله بهم عينه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: إن الله تبارك وتعالى ليرفع ذرّية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، ليقرَّ بهم عينه، ثم قرأ "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء".

وهذا إسناد صحيح ، وظاهره أن الذرية الكبار يدخلون في هذا لقوله ( وإن كانوا دون في العمل ) فهذا معناه أنهم بالغون مكلفون لهم أعمال ، وفي بعض الروايات عن ابن عباس يذكر الزوجات

وهذا أصح من رواية العوفيين الضعيفة جداً عن ابن عباس في الحصر بالصغار

قال البغوي في تفسيره :" واختلفوا في معنى الآية، فقال قوم: معناها والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان، يعني: أولادهم الصغار والكبار، فالكبار بإيمانهم بأنفسهم، والصغار بإيمان آبائهم، فإن الولد الصغير يحكم بإسلامه تبعًا لأحد الأبوين { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } المؤمنين [في الجنة بدرجاتهم وإن لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم] (2) تكرمة لآبائهم لتقرَّ بذلك أعينهم. وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم.
وقال آخرون: معناه والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم البالغون بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم. وهو قول الضحاك، ورواية العوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أخبر الله عز وجل أنه يجمع لعبده المؤمن ذريته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا إليه، يدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته بعمل أبيه، من غير أن ينقص الآباء من أعمالهم شيئًا، فذلك قوله: { وَمَا أَلَتْنَاهُمْ } قرأ ابن كثير بكسر اللام، والباقون بفتحها أي ما نقصناهم يعني الآباء { مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } "

وقد تقدم أن أثر سعيد عن ابن عباس الذي يشمل الكبار والصغار صحيح عنه

وأما قول ابن عثيمين في تفسيره :" جعلنا ذريتهم تلحقهم في درجاتهم، وأما الكبار الذين تزوجوا فهم مستقلون بأنفسهم في درجاتهم في الجنة، لا يلحقون بآبائهم"

هذا مع مخالفته للصحيح عن ابن عباس قيد الزواج في الكبار لا أعلم أحداً قال به من السلف ، فإذا كان الصغار الذين لم يبلغوا يلحقون آباءهم والكبار الذين تزوجوا لا يلحقون فما حكم الكبار الذين لم يتزوجوا ؟

فإن كان الكبار الذين تزوجوا ولم يتزوجوا واحد في الحكم فذكر قيد الزواج لا معنى له

وإن كان حكمهم كحكم الصغار فينبغي تقييد الذرية التابعة بغير المتزوجين وهذا لم يقل به أحد

وقول الله عز وجل ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )

لا يعارض الآية المذكورة بأن نفي الملكية لا يعني نفي الانتفاع فإن الإنسان لا يملك إلا ما سعى غير أنه ينتفع بدعاء غيره اتفاقاً ، وإذا كان المرء يتنفع بصلاح أبيه في الدنيا ( وكان أبوهما صالحاً ) فما المانع أن ينتفع به في الآخرة
والذرية في الآية مفرد مضاف والمفرد المضاف من ألفاظ العموم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم