الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال ابن حجر في الدرر الكامنة (1/101_102)
:" أحمد بن محمد بن مري البعلي حنبلي كان منحرفاً عن ابن تيمية ثم اجتمع به
فأحبه وتلمذ له وكتب مصنفاته وبالغ في التعصب له وكان قدم القاهرة فتكلم على الناس
بجامع أمير حسين بن جندر بحكر جوهر النوبي وبجامع عمرو بن العاص وسلك طريق ابن
تيمية في الحط على الصوفية ثم أنه تكلم في مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
وفي مسألة الزيارة وغيرهما على طريق ابن تيمية فوثب به جماعة من العامة ومن يتعصب
للصوفية وأرادوا قتله فهرب فرفعوا أمره إلى القاضي المالكي تقي الدين الأخنائي
فطلبه وتغّيب عنه فأرسل إليه وأحضره وسجنه ومنعه من الجلوس وذلك بعد أن عقد له
مجلس بين يدي السلطان وذلك في ربيع الآخر سنة 725 فأثنى عليه بدر الدين ابن جنكلي
وبدر الدين بن جماعة وغيرهما من الأمراء وعارضهم الأمير أيدمر الحظيري فحط عليه
وعلى شيخه وتفاوض هو وجنكلي حتى كادت تكون فتنة ففوض السلطان الأمر لأرغون النائب
فأغلظ القول للفخر ياظر الجيش وذكر أنه يسعى للصوفية بغير علمٍ وأنهم تعصبوا عليه
بالباطل فآل الأمر إلى تمكين المالكي منه فضربه بحضرته ضرباً مبرحاً حتى أدماه ثم
شهره على حمار أركبه مقلوباً ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله صلى
الله عليه وسلم فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن ثم شفع فيه فآل أمره إلى أن
سفر من القاهرة إلى الخليل"
فهذا الأخنائي الخبيث يضرب رجلاً ويدميه
ويغري به العامة لأنه يرى حرمة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلن وحرمة شد الرحال
إلى قبره صلى الله عليه وسلم ، وقد كان ابن تيمية _ رحمه الله _ قد رد على
الأخنائي وأقام عليه الحجة وأثبت سفهه وابتداعه وفجوره ولكنه لم يرعوِ
وهذا يبين لك شدة فجور القوم لما تمكنوا
وغربة التوحيد آنذاك وما كان يعانيه ابن تيمية ومن معه
وهذا في باب توحيد الألوهية وأما في باب
الأسماء والصفات
فقال ابن حجر في الدرر الكامنة (1/233)
:" ولما وقعت محنة أبن تيمية في سنة 705 والزم الحنابلة بالرجوع عن معتقدهم
وهددوا تلطف القاضي تقي الدين وداراهم وترفق إلى أن سكنت القضية"
فهنا يجبر الحنابلة بحكم حاكم على التراجع
عن عقيدتهم في الصفات ، وقد كان ابن تيمية مع شدته يعيش ظرفاً استثنائياً تحت شدة
وطأة القوم وكون الدولة معهم دولة اجتمع فيها التجهم والقبورية والخرافة والتعصب
المذهبي بل والفساد الأخلاقي
وكان كلما أراد أن يعالج شيئاً من هذا
امتحن امتحاناً عظيماً فكانت تصدر منه كلمات تحت الضغوط الشديدة اعتبرها بعض
الجهلة منهجاً وأهملوا كلامه الكثير المعروف في الشدة على أهل البدع والبيان
الواضح
وقد ذكر ابن حجر نفسه بأن ابن تيمية هناك
من كفره لقوله بحرمة الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقد قال ابن حجر في ترجمة أبي حيان
الأندلسي (2/123) :" وكان عرياً من الفلسفة بريئاً من الاعتزال والتجسيم
متمسكاً بطريقة السلف وكان يعظم ابن تيمية ومدحه بقصيدة ثم انحرف عنه وذكره في
تفسيره الصغير بكل سوء ونسبه إلى التجسيم فقيل إن سبب ذلك أنه بحث معه في العربية
فأساء ابن تيمية على سيبويه فساء ذلك أبا حيان وانحرف عنه وقيل بل وقف له على كتاب
العرش فاعتقد أنه مجسم"
فهنا ابن حجر يصف أبا حيان بأنه سلفي في
باب العقيدة مع أنه أشعري واضح الأشعرية في تفسيره ، بل ونص ابن حجر على أن أبا
حيان يعتقد أن ابن تيمية مجسم لأنه يثبت العلو على العرش
فهل هذا اعتقاد السلف أنهم كانوا يبدعون
أو يكفرون من يثبت العلو ؟
ألا لعنة الله على الكاذبين
وقد نقل عن أبي حيان ما يدل على أنه رافضي
قال ابن حجر :" قال جعفر الأدفوي جرى
على طريق كثير من أئمة النحاة في حب علي حتى قال مرة لبدر الدين ابن جماعة قد روى
علي قال عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق
هل صدق في هذه الرواية فقال له ابن جماعة نعم فقال فالذين قاتلوه وسلوا السيوف في
وجهه كانوا يحبونه أو يبغضونه قال الأدفوي أيضاً كان الشيخ سيء الظن بالناس كافة
وتعقبه الصفدي بأنه لم يسمع منه في حق أحد من الأحياء ولا الأموات إلا خيراً"
تعقب الصفدي لا شيء فالمثبت مقدم على
النافي وأبو حيان هنا يعرض بعائشة والزبير وطلحة ومعاوية فهو رافضي خبيث لا رحمه
الله ولا غفر له
وتأمل كيف أن أبا حيان يتكلم بالرفض أمام
ابن جماعة وهو قاضي القضاة فلا يسجنه ولا يفعل به شيء، وقد حكم على ابن تيمية بالسجن
وقد فعل في أحمد البعلي وشيخه ابن تيمية
الشيء الكثير لدعوتهم إلى التوحيد بل انظر ما فعل في ابن أبي العز لأنه اعترض على
قصيدة شركية ، وذلك لما كانت الدولة
لمنتكسي الفطرة من الجهمية الأشعرية الذي يسميهم البعض ( أئمة الإسلام ) وقد سعوا
في هدم الإسلام في حقيقة أمرهم
والحمد لله الذي من على هذه الأمة بدعوة
الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب التي تنفس في إثرها الموحدون الصعداء ، ولم يعد
القبورية يستطيعون أن يصنعوا صنيعهم القديم بأهل التوحيد فليعرف الموحدون قدر هذه
النعمة وليشكروا الله عليها ، وأعظم شكرها القيام بحقوقها من نشر التوحيد وموالاة
أهله ومحاربة الشرك والتعطيل ومعاداة أهلهما
ومن قاس حال الرخاء التي نحن فيها على
حال الشدة التي كان يعيشها ابن تيمية ورأى قوته وصراحته في كثير من المواطن حتى
أطلق ألفاظ مثل ( الجهمية الإناث ) و ( مخانيث الجهمية ) وحط على أكابرهم وشافههم
مراراً بأن ما يفعلونه شرك ،علم غرور المغرورين وأدعياء العلم الداعين إلى مهادنة
أهل الباطل بحجة تغير الزمان ، وما ينعمون به من التوحيد من أثر دعوة ابن تيمية
ودعوة أئمة الدعوة النجدية وكلامهم في تكفير المخالفين لهم في باب التوحيد كثير
جداً وحملهم السلام على المشركين معلوم ظاهر ولولا هذا لما قامت الدعوة ولما عرف
هؤلاء المتحاذقون التوحيد ولما قامت الدولة التي يريد اليوم الفجرة القضاء على
التوحيد والبراءة من المشركين اللذين قامت عليهما الدولة بحجة الوطنية والحفاظ على
الوطن وما علم الجهلة أنه لولا الدعوة إلى التوحيد والبراءة من المشركين لما كان
هناك دولة ولا وطن أصلاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم