الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فقد وصف الله عز وجل كتابه بأنه هدى ونور
وشفاء تبيان لكل شيء
غير أن دعاة التقريب لا يؤمنون بهذا حق
الإيمان
فإن قلت : كيف ذاك ؟
قلت لك : الخلافات الواقعة بين أهل السنة
والجهمية والإباضية والزيدية والرافضة هي خلافات في الأصول الكبار واتفقت هذه
الفرق على تضليل مخالفها في هذا الباب
وقد قال الله تعالى : (فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)
فلا شك أن هذه النزاعات حلها وفض النزاع
في القرآن الذي وصفه رب العالمين بأنه هدى ونور وشفاء وتبيان لكل شيء ، وأمرنا
بالرجوع إليه وإلى سنة الرسول عند النزاع ولا يأمرنا بذلك إلا وحل النزاع فيهما
وداعية التقريب يبني دعوته على أن كل
المنتسبين للإسلام على خير وأنهم يريدون الحق والخير ولا يعاندون الحق أو يعرضون
عنه
وهذا إحسان للظن بالبشر وإساءة للظن برب
العالمين فإنه سبحانه لا شك بين في كتابه وسنة نبيه الحق في المسائل المتنازع فيها
، وتركنا نبيه على البيضاء فماذا بعد الحق إلا الضلال المبين
ففرقة واحدة مرحومة ناجية والبقية هالكة
ظالمة
فإن قال داعية التقريب : أن النصوص واضحة
بينة في محل النزاع ولكن الناس عندهم شبهات
فيقال : قد بدد القرآن هذه الشبهات ولا
يكون شفاء لما في الصدور إلا إذا كان هذه حاله ، وأنت بدلاً من أن تقرب بين الأمر
لمن تزعم أن الأمر التبس عليهم ، ومن ظن أن الله ترك هذه الأمة ولم يبين لها الحق
من الباطل مما ستختلف فيه فقد كذبه بقوله سبحانه (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ
قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
أليس تريد لهم الخير ؟
واقرارك لهم على ما يخالف القرآن ينافي حب
الخير لهم
وأولئك الذين خالفوا الهدى والنور والشفاء
والتبيان وهو بين أيديهم ألا يدخلون في قوله تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى
مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
وقوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ
فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا
وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)
فهذه دعوة للقرب من جهنم لا التقريب !
فإن قال داعية التقريب : أنا لم أهتد للحق من هذه الخلافات
فيقال : فأولى بك أن تطهر نفسك من موانع قبول الحق من الكبر والذنوب وغيرها من الموانع وتتعلم أمور دينك بدلاً من دعوة التقريب فأنت كالأعمى الذي لا يرى الشمس في رابعة النهار
فإن قال داعية التقريب : أنا لم أهتد للحق من هذه الخلافات
فيقال : فأولى بك أن تطهر نفسك من موانع قبول الحق من الكبر والذنوب وغيرها من الموانع وتتعلم أمور دينك بدلاً من دعوة التقريب فأنت كالأعمى الذي لا يرى الشمس في رابعة النهار
وأفضل طريقة للاستفادة من القرآن هو الحرص
على سنة النبي صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ)
وأعلم الناس بتفسير النبي صلى الله عليه
وسلم وتطبيقه للقرآن أصحابه
ومن المعلوم أن الرافضة والزيدية
والإباضية والجهمية ( أشعرية وماتردية ) والفرق السياسية لا يعتنون بسنة النبي صلى
الله عليه وسلم كعناية أهل الحديث
وليس عندهم علم الرواية بل الرافضة لما
ولجوا في هذا الباب كان علمهم سطحياً مقتصراً على الكلام في الرجال
ولا يوجد عندهم كلام على المختلطين ولا
المدلسين ولا الإرسال الخفي فضلاً عن دقائق العلل والكلام في التفرد وسلوك الجادة
واختلاف الرواية رفعاً ووقفاً ووصلاً وإرسالاً
والمنهج النقدي الدقيق في علم الحديث عند
أهل السنة لم تعرف البشرية نظيراً له
ومن اشتغل بعلم الحديث من الجهمية
الأشعرية والصوفية الوثنية لا يفيدهم ذلك فإنهم إذا تكلموا في العقيدة قلدوا جهلة
المتكلمين وألقوا علم السنة وراء ظهورهم
وكذلك سفلة الظاهرية فإنهم ردوا على النبي
صلى الله عليه وسلم تزكيته لسلف الأمة ولسان حالهم أنهم أعلم من السلف وأتبع
هذا كتبته تعليقاً على ما رأيته في صفحة
النفساني طارق الحبيب من نقل أبيات لجاهل عماني يقول
حنا عمان كان ما تعرف عمان *** عقولنا ثوب
التطرف رمنه
نروح للمسجد مع صوت الآذان*** نسجد إباضية
وشيعة وسنة
فتسمية العمل بالقرآن تطرفاً زندقة ، وما
أردت الاحتجاج بالأحاديث لكي يدخل هؤلاء في باب التشكيك بصحتها ، علماً بأن
الأبيات غير واقعية فالرافضة لا يصلون مع أهل السنة وأوقات الصلاة عندهم مختلفة
وهؤلاء الذين ذكرهم لهم نصيب من قوله
تعالى ( تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى )
ومن ضروريات أي عقيدة اعتقاد ضلال المخالف
لها وإلا كانت فكرة أو خاطرة وليس عقيدة ، ومن يحب الخير لإنسان يحرص على ألا يبقى
في الضلال
تنبيه : سمت هذا المقال يختلف عن المقالات
الأخرى لأنه موجه لفئة معينة سيطرت عليها شبهة الوحدة والتقريب
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم