السبت، 15 مارس 2014

بيان كذب قصة عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد من أجل إسرافه ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمن أعظم ما يقع فيه الرجل من الخطل أن يقع في جناب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقد استمعت لمقطع للمدعو محمد سعيد رسلان يذكر فيه قصة عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد

وملخص هذه القصة أن عمر أرسل لأبي عبيدة أن إذا جاءك كتابي فاعزل خالداً واعقله بعمامته واسأله المال الذي أجاز به فلان أمن ماله أم من مال الله فإن قال من ماله فقد أسرف وإن قال من مال الله فقد سرق ، وأعان بلال أبا عبيدة على هذا ، ثم ذهب خالد إلى عمر وسوي الأمر بينهما

وقد زاد محمد سعيد رسلان زيادات مكذوبة في القصة

منها أن خالداً لما خطب بعماله بعد العزل وقع في عمر ، وأن بعض عماله عرضوا عليه منابذة عمر بالسيف ، وزاد من عنده أن خالداً أعطى الأموال للشعراء وكأن خالداً عبد الملك بن مروان أو هارون الرشيد !

والقصة في أصلها بدون زيادات رسلان مكذوبة

قال الطبري في تاريخه (2/167) : (كتب إلي السري) عن شعيب عن سيف عن أبي المجالد وأبي عثمان والربيع وأبي حارثة قالوا ولما قفل خالد وبلغ الناس
ما أصابت تلك الطائفة انتجعه رجال فانتجع خالدا من أهل الآفاق فكان الاشعث بن قيس ممن انتجع خالدا بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف وكان عمر لا يخفى عليه شئ في عمله كتب إليه من العراق بخروج من خرج ومن الشأم بجائزة من أجيز فيها فدعا البريد وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالدا أو يعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمه ؟ من أين اجازة الاشعث أمن ماله أم من إصابة أصابها فإن زعم أنها من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف واعزله على كل حال واضمم إليك عمله فكتب أبو عبيدة إلى خالد فقدم عليه ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر فقام البريد فقال يا خالد أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة فلم يجبه حتى أكثر عليه وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا فقام بلال إليه فقال إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا ثم تناول قلنسوته فعقله بعمامته وقال ما تقول أمن مالك أم من اصابة قال لا بل من مالي فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده ثم قال نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا
قالوا وأقام خالد متحيرا لا يدري أمعزول أم غير معزول وجعل أبو عبيدة لا يخبره حتى إذا طال على عمر أن يقدم ظن الذي قد كان فكتب إليه بالاقبال فأتى خالد أبا عبيدة فقال رحمك الله ما أدت إلى ما صنعت كتمتني أمرا كنت أحب أن أعلمه قبل اليوم فقال أبو عبيدة إني والله ما كنت لاروعك ما وجدت لذلك بدا وقد علمت أن ذلك يروعك قال فرجع خالد إلى قنسرين فخطب أهل عمله وودعهم وتحمل ثم أقبل إلى حمص فخطبهم وودعهم ثم خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر فشكاه وقال لقد شكوتك إلى المسلمين وبالله إنك في أمري غير مجمل يا عمر فقال عمر من أين هذا الثرى قال من الانفال والسهمان ما زاد على الستين ألفا فلك فقوم عمر عروضه فخرجت إليه عشرون ألفا فأدخلها بيت المال ثم قال يا خالد والله إنك علي لكريم وإنك إلي لحبيب ولن تعاتبني بعد اليوم على شئ

وهذا السند فيه سيف بن عمر كذاب معروف

وشعيب بن إبراهيم الراوي عنه قال فيه ابن عدي :" وَشُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا لَهُ أَحَادِيثُ وَأَخْبَارٌ، وَهو ليس بذلك المعروف ومقدار ما يروي من الحديث وَالأَخْبَارِ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ وَفِيهِ بَعْضُ النَّكِرَةِ لأَنَّ فِي أَخْبَارِهِ وَأَحَادِيثِهِ مَا فِيهِ تَحَامُلٌ عَلَى السَّلَفِ"

وهذا الخبر فيه تحامل على السلف كما ترى وشيوخ سيف مجاهيل
وأما عزل عمر لخالد فأمر معروف مشهور في السير وإنما الكلام على هذا السياق الباطل المنكر 

وما أدري ما فائدة الدكتوراة في الحديث إذا كان يشيع بين الناس مثل هذه القصة 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم