الأربعاء، 26 فبراير 2014

مهمات في فقه الصدقة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذه مهمات في باب ( فقه الصدقة ) فإن هذا الباب لا يسلم هو الآخر من دخائل الحركيين

المهمة الأولى : النفقة على الأهل هي أفضل الصدقة

قال مسلم في صحيحه 2350- [95-1034] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ ، يُحَدِّثُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ ، أَوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ.

قوله ( وابدأ بمن تعول ) يعني ابدأ بأهلك ، وما جعله النبي صلى الله عليه وسلم أولاً إلى لأنه الأفضل والمقدم

قال أحمد في مسنده 17179 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا  بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ»

ولكن هذا الأجر مشروط بالاحتساب

قال البخاري في صحيحه 5351 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ فَقُلْتُ عَنْ النَّبِيِّ فَقَالَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً.

فلا يفوت المرء المسلم هذا الأجر العظيم على نفسه

المهمة الثانية : الصدقة على القريب الفقير أولى من الصدقة على الفقير البعيد إذا كانت صدقة تطوع أو نذراً

قال البخاري في صحيحه 2594 - وَقَالَ بَكْرٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا فَقَالَ لَهَا وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ

العتق في أصله أفضل من الهدية ، ولكن لما كان إهداؤها لأقربائها صدقة وصلة معاً كان ذلك أعظم أجراً

قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (5/435) :" وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْهِبَةِ إلَّا لِقَرِيبٍ يَصِلُ بِهَا رَحِمَهُ أَوْ أَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ تَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ"


وقال البخاري في صحيحه 2318 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ فَقَالَ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ قَالَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ

فقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وأرى أن تجعلها في الأقربين ) نص في المسألة ، وقد ورد في ألفاظ أخرى ثابتة في الصحيح أن أبا طلحة أعطى قسماً لحسان بن ثابت ، وحسان إنما يلتقي مع أبي طلحة في الجد الرابع

قال شيخ الإسلام كما في الاختيارات الفقهية ص208:" وحديث أبي طلحة يقتضي أنَّ مَنْ نذر الصدقة بمال فإنَّ الأفضل أن يصرفه في أقربيه وإن كان فيهم غني وهذا يقتضي أن الصدقة المطلقة في النذر ليست محمولة على الصدقة الواجبة في الشرع"

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (25/ 89) :" ما دفع الزكاة إلى أقاربه فان كان القريب الذي يجوز دفعها اليه حاجته مثل حاجة الأجنبى اليها فالقريب أولى وان كان البعيد أحوج لم يحاب بها القريب قال أحمد عن سفيان ابن عيينة كانوا يقولون لا يحابى بها القريب قال أحمد عن سفيان ابن عيينة كانوا يقولون لا يحابى بها قريبا ولا يدفع بها مذمة ولا بقي بها ماله "

فخلاصة كلام الشيخ أن صدقة التطوع أو نذر الانسان يقدم فيه القريب مطلقاً ، وأما الزكاة الواجبة فيراعى فيها الحاجة فإن استوت حاجة القريب والبعيد قدم القريب

وهذا الباب مغيب تماماً عند الجمعيات الحزبية ، لأنهم يريدون من الناس أن يدفعوا إليهم أموالهم ، ولو أخبروهم بأن الصدقة على القريب أولى ولو كان يلتقي بجد رابع أو خامس ، لالتفت الناس إلى أقربائهم وقل من يعطيهم لذا يغيبون هذا الباب والله المستعان

كما أن الجار الذين ليس بقريب له حقه

قال البخاري في صحيحه 2259 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح و حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا

ومثل الهدية الصدقة أيضاً إذا كان في الأقرباء كفاية ، فإن الإحسان إلى الجار مأمورٌ به ، فيجتمع في الصدقة على الجار الفقير أمران الصدقة والإحسان إلى الجار ، وهذا الباب  أيضاً تغيبه الجمعيات الحزبية

المهمة الثالثة : المفضول قد يعرض له ما يجعله فاضلاً

هذه القاعدة نص عليها شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (22/ 345) :" أَنْ الْمَفْضُولَ قَدْ يَصِيرُ فَاضِلًا لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ وَإِذَا كَانَ الْمُحَرَّمَ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ قَدْ يَصِيرُ وَاجِبًا لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ. فَلَأَنْ يَصِيرَ الْمَفْضُولُ فَاضِلًا لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ أَوْلَى"

وباب هذه القاعدة هنا ، ما قد تقدم في خبر ميمونة فقد صارت الهبة إلى الأقارب أفضل من العتق لما اقترن بها الصلة

وبابه ما قد روى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد 1488- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحُ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : يَقُولُ أَحَدُهُمْ : أَحُجُّ أَحُجُّ قَدْ حَجَجْتَ صِلْ رَحِمًا ، نَفِّسْ عَنْ مَغْمُومٍ ، أَحْسِنْ إِلَى جَارٍ.

فهذا الحسن البصري رحمه الله يرى أن أفضل من حج التطوع إنفاق المال على الأقارب المحتاجين أو الجيران المحتاجين ، أو التنفيس عن ذي كربة ، ووجه ذلك والله أعلم أن مثل هذا فرض كفائي ، وأما حج التطوع فمستحب ، ثم إن الصدقة نفعها متعدي ، والحج نفعه قاصر على المرء ، وأما حج الفريضة فهو أفضل ولا شك

وأما حديث (إن الله عز وجل قال : إن عبدا أصححت له جسمه ، وأوسعت عليه في المعيشة ، يمضي عليه خمس أعوام لا يفد إلي لمحروم ) فالراجح ضعفه كما شرحته في مقال مستقل ، وقد ضعفه سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز كما في شريط ( مجالس فقه الإيمان ) ، ولو صح فلا يتعارض مع أثر الحسن فإن أثر الحسن في الذي يحج كل عام مرة ، والحديث في التثريب على من مر عليه خمس أعوام ولم يحج

ومن هذا الباب ينبغي أن يراعي المتصدق حاجات الناس ، فلا يأتي إلى بلد تعج بالمساجد ثم يبني فيها مسجداً ضخماً مزفراً على غير السنة ، قبته فقط _ وهي بدعة _  تغني عشرات العوائل الفقيرة ، وتقام في هذا المسجد جمعة ضرار لا حاجة لها هي مكروهة على مذهب عامة أهل العلم ، ويدع ما هو أولى من ذلك من إعانة الفقراء وإعفاف المستعفين وغيرها من وجوه

المهمة الرابعة : لا يجوز تحريف المسميات الشرعية ، ولا يحمد العمل إلا إذا كان على السنة

والمراد بهذا ما يقع من كثير من الجمعيات الحزبية من تسميتهم الصدقة على اليتامى ( كفالة يتيم ) وتنزيل فضائل كافل اليتيم على هذه الصورة ، وهي دفع مبلغ معين كل شهر لهذا اليتيم حتى دون رؤيته

والكفالة بالمعنى اللغوي والشرعي ، هي تربية اليتيم والقيام بمصالحه وتأديبه ، وهذا يكون بإقامة اليتيم المكفول مع الكافل

قال ابن حجر في شرح البخاري (17/ 142) :" ( أَنَا وَكَافِل الْيَتِيم ) أَيْ الْقَيِّم بِأَمْرِهِ وَمَصَالِحه"

وهذا الأمر شاقٌ جداً ، لهذا رتب عليه من الأجر ما رتب ، وأما دفع صدقة في كل شهر فهذا عمل صالح ولكنه ليس كفالةً وإنما صدقة والكافل هو المربي ، فأنت معين على الكفالة لا كافل بالحقيقة ويرجى لك الأجر قياساً على حديث ( من جهز غازياً فقد غزا )

قال ابن حجر في شرح البخاري  (17/ 142) :" قَالَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " لَعَلَّ الْحِكْمَة فِي كَوْن كَافِل الْيَتِيم يُشْبِه فِي دُخُول الْجَنَّة أَوْ شُبِّهَتْ مَنْزِلَته فِي الْجَنَّة بِالْقُرْبِ مِنْ النَّبِيّ أَوْ مَنْزِلَة النَّبِيّ لِكَوْنِ النَّبِيّ شَأْنه أَنْ يُبْعَث إِلَى قَوْم لَا يَعْقِلُونَ أَمْر دِينهمْ فَيَكُون كَافِلًا لَهُمْ وَمُعَلِّمًا وَمُرْشِدًا ، وَكَذَلِكَ كَافِل الْيَتِيم يَقُوم بِكَفَالَةِ مَنْ لَا يَعْقِل أَمْر دِينه بَلْ وَلَا دُنْيَاهُ ، وَيُرْشِدهُ وَيُعَلِّمهُ وَيُحْسِن أَدَبه ، فَظَهَرَتْ مُنَاسَبَة ذَلِكَ ا ه مُلَخَّصًا "

فتأمل كلام العراقي وما فيه من النفاسة ، ومن التنبيه على عظم مؤونة هذا الفعل الجليل

وأما قولي أن العمل لا ينبغي أن يحمد إلا إذا كان مشروعاً ، فأعني بذلك المساجد المشيدة التي تبنى على غير السنة

قال أبو داود في سننه 448 - حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال
 : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أمرت بتشييد المساجد " قال ابن عباس لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.

واليوم يأتي عامي يريد الخير فيسأل بعض أهل الصلاح الظاهر عن بناء مسجد فيحضه ذاك المتنسك ويذكر له فضائل بناء المساجد دون أن ينبهه على ترك التشييد والزخرفة التي هي إسراف في الحقيقة ومخالفة للشرع فيذهب العامي بحسن قصد ويبني مسجداً على خلاف السنة ، وينفق فيه الأموال الطائلة على هذه البدع ، فيأتي بعد ذلك جماعة من الذين ظاهرهم الصلاح فيثنون على فعله دون التنبيه على ما وقع فيه من مخالفات فيقتدي به غيره والله المستعان

المهمة الخامسة : أفضل النفقة نفقة العلم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (4/ 42) :" هَذَا رِزْقُ الْقُلُوبِ وَقُوتُهَا وَهَذَا رِزْقُ الْأَجْسَادِ وَقُوتُهَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } قَالَ : " إنَّ مِنْ أَعْظَمِ النَّفَقَةِ نَفَقَةَ الْعِلْمِ " أَوْ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ وَفِي أَثَرٍ آخَرَ : " { نِعْمَتْ الْعَطِيَّةُ وَنِعْمَتْ الْهَدِيَّةُ : الْكَلِمَةُ مِنْ الْخَيْرِ يَسْمَعُهَا الرَّجُلُ فَيُهْدِيهَا إلَى أَخ لَهُ مُسْلِمٍ } " . وَفِي أَثَرٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ : " { مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةِ أَفْضَلَ مِنْ مَوْعِظَةٍ يَعِظُ بِهَا إخْوَانًا لَهُ مُؤْمِنِينَ فَيَتَفَرَّقُونَ وَقَدْ نَفَعَهُمْ اللَّهُ بِهَا } " أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا الْكَلَامَ . وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ : " { أَلَا أُهْدِي لَك هَدِيَّةً ؟ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } " . وَرَوَى ابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الرَّجُلُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ } " وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : " عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَتَعَلُّمَهُ لِلَّهِ حَسَنَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ "

وليست كل الآثار التي ذكرها ثابتة ولكن معناها صحيح

وقال ابن القيم في مدارج السالكين (2/293) :" الجود بالعلم وبذله وهو من أعلى مراتب الجود والجود به أفضل من الجود بالمال لأن العلم أشرف من المال "

وقد عدد ابن القيم وجوهاً كثيرة في تفضيل العلم على المال في مفتاح دار السعادة فيراجعها من شاء الاستزادة

وقد ذكرت هذا ، موعظةً لأهل التحزب الذين يشغلون الشباب بالتسول ، عن طلب العلم الشرعي فصدوهم عن أفضل الصدقة ، وربما ثربوا على السلفيين أنهم لا جهد لهم في هذا التسول فينبغي أن يكون رد السلفي عليه أننا مشغولون بأفضل الصدقة



والكلام في هذا يطول والمراد هنا التنبيه ، وإلا فما يحصل من إخراج الأضاحي خارج البلاد وإخراج الزكوات مع وجود المحتاجين في البلد كلها تحتاج إلى بحث ونظر ، ولكني أردت التنبيه على ما لم تجر العادة بالتنبيه عليه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم