السبت، 19 أكتوبر 2013

تفضيل حكم بني أمية على حكم بني العباس



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (8/238) :" وفي الصحيحين عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لا يزال هذا الأمر عزيزا إلى اثنى عشر خليفة كلهم من قريش
ولفظ البخاري اثنى عشر أميرا وفي لفظ لا يزال أمر الناس ماضيا ولهم أثنا عشر رجلا وفي لفظ لا يزال الإسلام عزيزا إلى أثنى عشر خليفة كلهم من قريش
وهكذا كان فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة معاوية وابنه يزيد ثم عبد الملك وأولاده الأربعة وبينهم عمر بن عبد العزيز .
وبعد ذلك حصل في دولة الإسلام من النقص ما هو باق إلى الآن .
فإن بني أمية تولوا على جميع أرض الإسلام وكانت الدولة في زمنهم عزيزة والخليفة يدعى باسمه عبد الملك وسليمان لا يعرفون عضد الدولة ولا عز الدين وبهاء الدين وفلان الدين .
وكان أحدهم هو الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس وفي المسجد يعقد الرايات ويؤمر الأمراء وإنما يسكن داره لا يسكنون الحصون ولا يحتجبون عن الرعية .
وكان من أسباب ذلك أنهم كانوا في صدر الإسلام في القرون المفضلة قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم وأعظم ما نقمه الناس على بني أمية شيئان
أحدهما تكلمهم في علي
والثاني تأخير الصلاة عن وقتها
ولهذا روى عمر بن مرة الجملي بعد موته فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي بمحافظتي على الصلوات في مواقيتها وحبي علي بن أبي طالب فهذا حافظ على هاتين السنتين حين ظهر خلافهما فغفر الله له بذلك
وهكذا شأن من تمسك بالسنة إذا ظهرت بدعة مثل من تمسك بحب الخلفاء الثلاثة حيث يظهر خلاف ذلك وما أشبهه
ثم كان من نعم الله سبحانه ورحمته بالإسلام أن الدولة لما انتقلت إلى بني هاشم صارت في بني العباس فإن الدولة الهاشمية أول ما ظهرت كانت الدعوة إلى الرضا من آل محمد .
وكانت شيعة الدولة محبين لبني هاشم وكان الذي تولى الخلافة من بني هاشم يعرف قدر الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فلم يظهر في دولتهم إلا تعظيم الخلفاء الراشدين وذكرهم على المنابر والثناء عليهم وتعظيم الصحابة .
وإلا فلو تولى والعياذ بالله رافضي يسب الخلفاء والسابقين الأولين لقلب الإسلام .
ولكن دخل في غمار الدولة من كانوا لا يرضون باطنه ومن كان لا يمكنهم دفعه كما لم يمكن عليا قمع الأمراء الذين هم أكابر عسكره كالأشعث بن قيس والأشتر النخعي وهاشم المرقال وأمثالهم
ودخل من أبناء المجوس ومن في قلبه غل على الإسلام من أهل البدع والزنادقة وتتبعهم المهدي بقتلهم حتى اندفع بذلك شر كبير وكان من خيار خلفاء بني العباس
وكذلك الرشيد كان فيه من تعظيم العلم والجهاد والدين ما كانت به دولته من خيار دول بني العباس وكأنما كانت تمام سعادتهم فلم ينتظم بعدها الأمر لهم مع أن أحدا من العباسيين لم يستولوا على الأندلس ولا على أكثر المغرب وإنما غلب بعضهم على إفريقية مدة ثم أخذت منهم
بخلاف أولئك فإنهم استولوا على جميع المملكة الإسلامية وقهروا جميع أعداء الدين وكانت جيوشهم جيشا بالأندلس يفتحه وجيشا ببلاد الترك يقاتل القان الكبير وجيشا ببلاد العبيد وجيشا بأرض الروم وكان الإسلام في زيادة وقوة عزيزا في جميع الأرض وهذا تصديق ما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم حيث قال لا يزال هذا الدين عزيزا ما تولى اثنا عشر خليفة كلهم من قريش "

وقال السيوطي في صون المنطق ص7 :" قال عبد الله بن أبي زيد القيرواني : ( رحم الله بني أمية لم يكن فيهم قط خليفة ابتدع في الإسلام بدعة ، وكان أكثر عمالهم وأصحاب ولايتهم من العرب فلما زالت الخلافة عنهم ودارت إلى بني العباس قامت دولتهم بالفرس وكانت الرياسة فيهم وفي قلوب أكثر الرؤساء منهم الكفر والبغض للعرب ودولة الإسلام فأحدثوا في الإسلام الحوادث التي تؤذن بهلاك الإسلام ولولا أن الله تبارك وتعالى وعد نبيه صلى الله عليه وسلم أن ملته وأهلها هو الظاهرون إلى يوم القيامة لأبطلوا الإسلام ، ولكنهم ثلموه وعوروا أركانه والله منجز وعده إن شاء الله ..."

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم