الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد رأيت جواباً لبعضهم يسأل عن قول بعض العامة ( سبحانك ) في دعاء القنوت
عند ثناء الإمام على الله عز وجل فأفتى بالمنع وعلل ذلك بأن التسبيح ( تنزيه )
فكأنه ما فهم من التنزيه إلا النفي ، والحق أن النفي المحض ليس مدحاً بل
التسبيح تنزيه وثناء
قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى الكبرى (5/ 228) :" وَقَوْلُهُ:
{سُبْحَانَك} يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَهُ وَتَنْزِيهَهُ عَنْ الظُّلْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ
النَّقَائِصِ؛ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: يَتَضَمَّنُ نَفْيَ النَّقَائِصِ،
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ مِنْ مَرَاسِيلِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي {قَوْلِ الْعَبْدِ: سُبْحَانَ اللَّهِ: إنَّهَا
بَرَاءَةُ اللَّهِ مِنْ السُّوءِ} فَالنَّفْيُ لَا يَكُونُ مَدْحًا إلَّا إذَا تَضَمَّنَ
ثُبُوتًا وَإِلَّا فَالنَّفْيُ الْمَحْضُ لَا مَدْحَ فِيهِ، وَنَفْيُ السُّوءِ وَالنَّقْصِ
عَنْهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ مَحَاسِنِهِ وَكَمَالَهُ، وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.
وَهَكَذَا عَامَّةُ مَا يَأْتِي بِهِ الْقُرْآنُ فِي نَفْيِ السُّوءِ وَالنَّقْصِ عَنْهُ
يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ مَحَاسِنِهِ وَكَمَالَهُ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ لَا
إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} فَنَفْيُ
أَخْذِ السُّنَّةِ وَالنَّوْمِ لَهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ حَيَاتِهِ وَقَيُّومِيَّتِهِ
وَقَوْلِهِ: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} يَتَضَمَّنُ كَمَالَ قُدْرَتِهِ، وَنَحْوَ
ذَلِكَ. فَالتَّسْبِيحُ الْمُتَضَمِّنُ تَنْزِيهَهُ عَنْ السُّوءِ، وَنَفْيُ النَّقْصِ
عَنْهُ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَهُ. فَفِي قَوْلِهِ: {سُبْحَانَك} تَبْرِئَتُهُ مِنْ الظُّلْمِ،
وَإِثْبَاتُ الْعَظَمَةِ الْمُوجِبَةِ لَهُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الظُّلْمِ، فَإِنَّ الظَّالِمَ
إنَّمَا يَظْلِمُ لِحَاجَتِهِ إلَى الظُّلْمِ أَوْ لِجَهْلِهِ، وَاَللَّهُ غَنِيٌّ
عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ غَنِيٌّ بِنَفْسِهِ، وَكُلُّ مَا
سِوَاهُ فَقِيرٌ إلَيْهِ، وَهَذَا كَمَالُ الْعَظَمَةِ"
فكلام الشيخ واضح في أن التسبيح يتضمن التنزيه والتعظيم ( إثبات الكمال
) معاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم