الأحد، 20 ديسمبر 2015

من تاريخ الأشعرية في التوسع في الدماء



أما بعد :
 
فمن عجائب هذا الزمان أن تجد صاحب الباطل ينكر على صاحب الحق أمراً موجوداً في كتبه ومراجعه

فتجد اليهودي والنصراني ينكران على المسلم حد الردة وتعدد الزوجات وإقامة الحدود والجهاد وكل ذلك موجود في كتابه منسوب لأنبيائه في الكتاب الذي يسمونه الكتاب المقدس

وتجد المنحل ينكر تجريم الزنا واللواط وهو يمنع من الزواج قبل سن الثامنة عشر !

ويعتمد أحكام الأديان في الطلاق والمواريث وغيرها ثم يخالفها في تحديد السن المناسب للزواج وهذا تناقض وتلاعب

وذلك أنه لما كان الناس لا بد لهم من زواج اضطر الإباحيون إلى قبول أحكام الدين في هذا لتنضبط الحياة ثم تناقضوا وألزموا الناس بما يناقض أديانهم ولو فعل المرء ما يناقض قوانينهم لعاقبوه فانظر العجب

ففي بعض البلدان لو تزوج المرء بأكثر من امرأة يعاقب ولا يكون هذا حرية ! ولو تزوجت الفتاة تحت سن الثامنة عشر لعوقبت وعوقب من تزوجها ، ولكن زواج رجل برجل مباح وكيف يكون زواجاً والزواج أمر منضبط بالدين والأديان تحرم هذا ، وزواج مسلمة من كافر مباح ! وكيف يكون مباحاً واسمه زواج يعني استحلال فرج بكلمة الله وهذا الفعل محرم باتفاق

وينكر الرافضي على السني أحاديث وفي كتبه مثلها وهذا كثير فيهم جداً

ولنأتي اليوم للجهمية الأشعرية الصوفية ، والذين حقدوا على الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها الطيب واستغلوا النفس الليبرالي الذي قوي بفعل التأثر الطفولي الأخرق بالغرب فصاروا يهاجمون هذه الدعوة بالمصطلحات الأمريكية ( إرهاب ) و ( تطرف ) وغيرها

ولا أريد البدء بأسلافهم من الجهمية العتاة الذين امتحنوا أهل السنة وقتلوا من العلماء ما قتلوا ثم يأتي من يتباكى على الجعد بن درهم وإنما أريد الكلام على الأشعرية الأشعرية

ولنبدأ بابن تومرت

قال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى :" 640 - مُحَمَّد بن عبد الله بن تومرت أَبُو عبد الله الملقب بالمهدي المصمودي الهرغي المغربي
صَاحب دَعْوَة السُّلْطَان عبد الْمُؤمن ملك الْمغرب
كَانَ رجلا صَالحا زاهدا ورعا فَقِيها
أَصله من جبل السوس من أقْصَى الْمغرب وَهُنَاكَ نَشأ
ثمَّ رَحل إِلَى الْمشرق لطلب الْعلم
فتفقه على الْغَزالِيّ وإليكا أبي الْحسن الهراسي
وَكَانَ أمارا بِالْمَعْرُوفِ نهاء عَن الْمُنكر خشن الْعَيْش كثير الْعِبَادَة شجاعا بطلا قوي النَّفس صَادِق الهمة فصيح اللِّسَان كثير الصَّبْر على الْأَذَى
يعرف الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وينصر الْكَلَام على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ"

فهذا الثناء العظيم على ابن تومرت من السبكي لرحم الأشعرية بينهما

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء :" قَالَ اليَسع بنُ حَزْم: سمَّى ابْنُ تُوْمرت المرَابطين بِالمُجَسِّمِين، وَمَا كَانَ أَهْلُ المَغْرِب يَدينُوْنَ إِلاَّ بِتَنْزِيه الله -تَعَالَى- عَمَّا لاَ يَجِبُ وَصفُهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ، مَعَ تركِ خوضهِم عَمَّا تَقَصْر العُقُوْلُ عَنْ فَهمه.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَكفَّرهُم ابْنُ تُوْمرت لِجهلهِم العَرض والجوهر، وأن من لم يعرف ذلك، لن يَعرفِ المَخْلُوْقَ مِنَ الخَالِق، وَبأَنَّ مَنْ لَمْ يهاجر إِلَيْهِ، وَيُقَاتِل مَعَهُ، فَإِنَّهُ حَلاَلُ الدَّم وَالحرِيْم، وَذَكَرَ أَن غضبَهُ للهِ وَقيَامَه حسبَةٌ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: قَبْره بِالجَبَل مُعَظَّم، مَاتَ كَهْلاً، وَكَانَ أَسْمَرَ ربعَةً، عَظِيْمَ الهَامَة، حديدَ النَّظَر مَهِيْباً، وَآثَارُه تغنِي عَنْ أَخْبَاره، قَدَمٌ فِي الثَّرَى، وَهَامَةٌ فِي الثُّرِيَّا، وَنَفْسٌ تَرَى إِرَاقَةَ مَاءِ الحَيَاة دُوْنَ إِرَاقَةِ مَاءِ المُحَيَّا، أَغفلَ المرَابطون رَبطه وَحلَّه، حَتَّى دبَّ دبِيْبَ الفَلَقِ فِي الغَسَقِ، وَكَانَ قُوتُه مِنْ غزل أُخْته رَغِيْفاً بزَيْت، أَوْ قَلِيْل سمن، لَمْ يَنْتقِلْ عَنْ ذَلِكَ حِيْنَ كَثُرَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، رَأَى أَصْحَابَهُ يَوْماً، وَقَدْ مَالت نُفُوْسُهُم إِلَى كَثْرَة مَا غنِمُوْهُ، فَأَمر بِإِحرَاق جَمِيْعه، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا، فَهَذَا لَهُ عِنْدِي، وَمَنْ كَانَ يَبغِي الآخِرَةَ، فَجزَاؤُه عِنْد الله، وَكَانَ يَتَمَثَّل كَثِيْراً:
تَجَرَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّك إِنَّمَا ... خَرَجْتَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنْتَ مُجَرَّدُ
وَلَمْ يَفتتح شَيْئاً مِنَ المَدَائِن، وَإِنَّمَا قرر القوَاعد، وَمهَّد، وَبغته المَوْت، وَافتَتَح بَعْدَهُ البِلاَدَ عبدُ المُؤْمِن.
وَقَدْ بَلَغَنِي -فِيمَا يُقَالَ: أَنَّ ابْنَ تُوْمرت أَخفَى رِجَالاً فِي قُبُوْر دَوَارِسَ، وَجَاءَ فِي جَمَاعَةٍ لِيُرِيَهُم آيَة، يَعْنِي فَصَاحَ: أَيُّهَا الموتَى أَجيبُوا، فَأَجَابوهُ: أَنْتَ المَهْدِيّ المَعْصُوْمُ، وَأَنْت وَأَنْت، ثُمَّ إِنَّهُ خَاف مِنِ انتشَارِ الحِيلَةِ، فَخسف فَوْقهُم القبور فماتوا.
وَبِكُلِّ حَالٍ، فَالرَّجُل مِنْ فُحُوْل العَالَمِ، رَام أمرًا، فتم له، وربط البربر بالعصمة، وَأَقْدَمَ عَلَى الدِّمَاء إِقدَامَ الخَوَارِج، وَوجد مَا قَدَّمَ"

فالرجل كفر مخالفيه الذين يجهلون الجوهر والعرض ويثبتون الصفات واستحل دماءهم وأقدم على الدماء إقدام الخوارج

بل أوصى أتباعه بإحراق المرابطين

قال اليسع: وكل ما أذكره من حال المصامدة، فقد شاهدته، أو أخذته متواترا، وكان في وصيته إلى قومه إذا ظفروا بمرابط أو تلمساني أن يحرقوه.

وقال المقريزي في الخطط :" فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوريّ، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعريّ، وحملوا في أيام دولتهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم، ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين، وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارت دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهديّ المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلّا الله خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ، فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب، وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلّا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف، لا يرون تأويل ما ورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السلام بن تيمية الحرّانيّ، فتصدّى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية"

وقال أيضاً :" فاستمرّ الحال على عقيدة الأشعريّ بديار مصر وبلاد الشام وأرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب أيضا، لإدخال محمد بن تومرت رأي الأشعريّ إليها، حتى أنه صار هذا الاعتقاد بسائر هذه البلاد، بحيث أن من خالفه ضرب عنقه، والأمر على ذلك إلى اليوم، ولم يكن في الدولة الأيوبية بمصر كثير ذكر لمذهب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل، ثم اشتهر مذهب أبي حنيفة وأحمد بن حنبل في آخرها.
فلما كانت سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ، ولي بمصر والقاهرة أربعة قضاة، وهم شافعيّ ومالكيّ وحنفيّ وحنبليّ. فاستمرّ ذلك من سنة خمس وستين وستمائة، حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه المذاهب الأربعة، وعقيدة الأشعريّ، وعملت لأهلها المدارس والخوانك والزوايا والربط في سائر ممالك الإسلام، وعودي من تمذهب بغيرها، وأنكر عليه، ولم يولّ قاض ولا قبلت شهادة أحد ولا قدّم للخطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب"

فلاحظ ذكره أن من يخالف اعتقاد الأشعري يضرب عنقه وهذا من وقت ابن تومرت إلى وقته يعني دخل في ذلك وقت ابن تيمية ولكن ابن تيمية كان قيامه عليهم شديد كما ذكر هو ومعلوم ما تحمله في سبيل هذا

وقال ابن حجر في الدرر الكامنة :" وَعقد مجْلِس فِي ثَالِث عشر مِنْهُ بعد صَلَاة الْجُمُعَة فَادّعى على ابْن تَيْمِية عِنْد الْمَالِكِي فَقَالَ هَذَا عدوي وَلم يجب عَن الدَّعْوَى فكرر عَلَيْهِ فأصر فَحكم الْمَالِكِي بحبسه فأقيم من الْمجْلس وَحبس فِي برج ثمَّ بلغ الْمَالِكِي أَن النَّاس يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهِ فَقَالَ يجب التَّضْيِيق عَلَيْهِ أَن لم يقتل وَإِلَّا فقد ثَبت كفره فنقلوه لَيْلَة عيد الْفطر إِلَى الْجب وَعَاد القَاضِي الشَّافِعِي إِلَى ولَايَته وَنُودِيَ بِدِمَشْق من اعْتقد عقيدة ابْن تَيْمِية حل دَمه وَمَاله خُصُوصا الْحَنَابِلَة فَنُوديَ بذلك وقرىء المرسوم وَقرأَهَا ابْن الشهَاب مَحْمُود فِي الْجَامِع ثمَّ جمعُوا الْحَنَابِلَة من الصالحية وَغَيرهَا واشهدوا على أنفسهم أَنهم على مُعْتَقد الإِمَام الشَّافِعِي وَذكر ولد الشَّيْخ جمال الدّين ابْن الظَّاهِرِيّ فِي كتاب كتبه لبَعض معارفه بِدِمَشْق أَن جَمِيع من بِمصْر من الْقُضَاة والشيوخ والفقراء وَالْعُلَمَاء والعوام يحطون على ابْن تَيْمِية إِلَّا الْحَنَفِيّ فَإِنَّهُ يتعصب لَهُ وَإِلَّا الشَّافِعِي فَإِنَّهُ سَاكِت عَنهُ وَكَانَ من أعظم القائمين عَلَيْهِ الشَّيْخ نصر المنبجي لِأَنَّهُ كَانَ بلغ ابْن تَيْمِية أَنه يتعصب لِابْنِ الْعَرَبِيّ فَكتب إِلَيْهِ كتابا يعاتبه على ذَلِك فَمَا أعجبه لكَونه بَالغ فِي الْحَط على ابْن الْعَرَبِيّ وتكفيره فَصَارَ هُوَ يحط على ابْن تَيْمِية ويغري بِهِ بيبرس الجاشنكير وَكَانَ بيبرس يفرط فِي محبَّة نصر ويعظمه"

فتأمل المرسوم ( من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه ) وكان بحثه معهم في الكلام النفسي وإثباته للحرف والصوت

وإن من الخداع أن تأتي للناس ولا تذكر لهم هذا وفقط تذكر كلام ابن تيمية في خصومه كما يفعل عدنان إبراهيم وأضرابه

وقال ابن حجر بعدها :" وَقَامَ القَاضِي زين الدّين ابْن مخلوف قَاضِي الْمَالِكِيَّة مَعَ الشَّيْخ نصر وَبَالغ فِي أذية الْحَنَابِلَة وَاتفقَ أَن قَاضِي الْحَنَابِلَة شرف الدّين الْحَرَّانِي كَانَ قَلِيل البضاعة فِي الْعلم فبادر إِلَى إجابتهم فِي المعتقد واستكتبوه خطه بذلك وَاتفقَ أَن قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَهُوَ شمس الدّين ابْن الحريري انتصر لِابْنِ تَيْمِية وَكتب فِي حَقه محضراً بالثناء عَلَيْهِ بِالْعلمِ والفهم وَكتب فِيهِ بِخَطِّهِ ثَلَاثَة عشر سطراً من جُمْلَتهَا أَنه مُنْذُ ثَلَاثمِائَة سنة مَا رأى النَّاس مثله فَبلغ ذَلِك ابْن مخلوف فسعى فِي عزل ابْن الحريري"

فتأمل كيف عزل قاض لأنه لم يوافق على كلامهم في ابن تيمية

وأما نفي الأعذار في كلام الأشعرية فكثير بل حتى بعض متقدمي أهل السنة والذي يثني عليه الأشعرية أيضاً كقول ابن أبي زيد ( ولا يعذر من أداه اجتهاده إلى بدعة ) انظر هذا النص وقارنه بتفريق أئمة الدعوة بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية

قال ابن الصلاح في مقدمته :" اختلفوا في قبول رواية المبتدع ألذى لا يكفر في بدعتة: فمنهم من رد رواية معللا، لأنه فاسق ببدعته. وكما استوى في الكفر المتأول ويستوى في الفسق المتآول وغير المتأول.
ومنهم من قبل رواية المبدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصره مذهبه أو لأهل مذهبه، سواء كان داعية إلى بدعتهأ ولم يكن. عزا بعضهم هذا إلى الشافعى، لقوله: آقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.
وقل قوم: تقبل روايته إذا لم يكن داعية، ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعتة، وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء.
وحكى بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه خلافاً بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعتة، وقال: أما إذا كان داعية، فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته.
وقال أبوحاتم بن حبان البستي، أحد المصنفين من أئمة الحديث: الداعية إلى المبدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافأ"

وقال الغزالي في المستصفى (1/312) :" وَقَدْ قَبِلَ الشَّافِعِيُّ رِوَايَةَ بَعْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا بِبِدْعَتِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ فِي فِسْقِهِ ؟ قُلْنَا : فِي رِوَايَةِ الْمُبْتَدِعِ الْمُتَأَوِّلِ كَلَامٌ سَيَأْتِي ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ لِأَنَّ كُلَّ كَافِرٍ مُتَأَوِّلٌ ، فَإِنَّ الْيَهُودِيَّ أَيْضًا لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ كَافِرًا .
أَمَّا الَّذِي لَيْسَ بِمُتَأَوِّلٍ وَهُوَ الْمُعَانِدُ بِلِسَانِهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِقَلْبِهِ فَذَلِكَ مِمَّا يَنْدُرُ ، وَتَوَرُّعُ الْمُتَأَوِّلِ عَنْ الْكَذِبِ كَتَوَرُّعِ النَّصْرَانِيِّ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ ، بَلْ هَذَا الْمَنْصِبُ لَا يُسْتَفَادُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ ، وَعُرِفَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالْقِيَاسِ"

فانظر كيف أنه إرجائه وضلاله نص على أن المبتدع يكون متأولاً

وقال أيضاً :" مَسْأَلَةٌ الْفَاسِقُ الْمُتَأَوِّلُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْرِفُ فِسْقَ نَفْسِهِ اخْتَلَفُوا فِي شَهَادَتِهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَقْبَلُ شَهَادَةَ الْحَنَفِيِّ وَأَحُدُّهُ إذَا شَرِبَ النَّبِيذَ ؛ لِأَنَّ هَذَا فِسْقٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ إنَّمَا الْمَقْطُوعُ بِهِ فِسْقُ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ اسْتَبَاحُوا الدِّيَارَ وَقَتَلُوا الذَّرَارِيَّ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ أَنَّهُمْ فَسَقَةٌ .
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةَ مِنْ الرَّافِضَةِ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ لِمُوَافِقِيهِمْ فِي الْمَذْهَبِ .
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْمُبْتَدِعِ وَشَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِفِعْلِهِ وَبِجَهْلِهِ بِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ فَفِسْقُهُ مُضَاعَفٌ ، وَزَعَمَ أَنَّ جَهْلَهُ بِفِسْقِ نَفْسِهِ كَجَهْلِهِ بِكُفْرِ نَفْسِهِ وَرِقِّ نَفْسِهِ"

وهذا كله وإن كان غير محرر ولكن المقصود أن كثيراً منهم يؤاخذون الجاهل وتكفير السنوسي للمقلد معروف


وقد نص الشيخ محمد بن عبد الوهاب على أنه ما بدأ الأعراب بالقتال بل هم بدأوه مع كونهم ممتنعين عن الكثير من الشرائع الظاهرة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم