الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

وقفة مع مقطع ( هل سمعت قصة دفاع الله عن اليهودي الذي ظلمه بعض الصحابة)؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فللمدعو عدنان إبراهيم مقطع عنون له بهذا (هل سمعت قصة دفاع الله عن اليهودي الذي ظلمه بعض الصحابة) ؟

والحقيقة أنه عدة مقاطع مجمعة لعدنان إبراهيم يتكلم فيها عن قصة المنافق الذي سرق درعاً ثم رمى يهودياً بريئاً بهذا فأنزل الله براءة اليهودي وفضح الله المنافق

ولكنه ما ساقها بهذا السياق

بل نص أن السارق أنصاري ولم يشر في أي من مقاطعه أنه منافق فأوهم أنه صحابي

وزد على ذلك أنه ادعى في أحد المقاطع أن الأنصار تواطؤوا على الشهادة الكاذبة على اليهودي

وقبل أن أذكر لك روايات الخبر وما فيها من اختلاف تذكر أن عدنان إبراهيم ينكر أحاديث متواترة كأحاديث نزول المسيح والرجم بل وأحاديث تبشير أحد بدر بالجنة وغيرها كثير

فهل أعمل منهجه السوء هنا ؟

لا بل قبل الرواية رأساً وهذا هو المقياس عنده فرواية يظن في نفسه أنها تؤسس للمفهوم الغربي في المساواة في المواطنة فإنه يقبلها رأساً ولا يطيل في بحثها

أي رواية ترضي الغرب عنا علينا أن نتلقاها بالقبول

والعجيب أنه لمز الفقهاء وكأن الفقهاء يجيزون أن يتهم يهودي بلا بينة !

وإليك طرق القصة من كتب التراث !

قال الطبري في تفسيره حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنْ عِيسَى , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ وَدِرْعِهِ مِنْ حَدِيدٍ الَّتِي سَرَقَ , وَقَالَ أَصْحَابُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلنَّبِيِّ: اعْذُرْهُ فِي النَّاسِ بِلِسَانِكَ. ورَمَوْا بِالدِّرْعِ رَجُلًا مِنْ يَهُودَ بَرِيئًا "

هذه رواية مرسلة وهي تحتمل في التفسير ولكنني سأسير على منهج القوم المتعنت ، وتأمل قوله ( ورموا بالدرع رجلاً من اليهود ) يعني اتهموه وليس شهدوا كما ادعى عدنان إبراهيم والمتهم لا بد من إقامة بينة على سرقته وهذه رواية مختصرة

قال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ أَبُو مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ  قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ , قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالَ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقٍ: بِشْرٌ وَبَشِيرٌ وَمُبَشِّرٌ , وَكَانَ بُشَيْرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا , وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَنْحِلُهُ إِلَى بَعْضِ الْعَرَبِ , ثُمَّ يَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا , وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا , فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشِّعْرَ , قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ إِلَّا هَذَا الْخَبِيثُ , فَقَالَ:
[البحر الكامل]

أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً ... أَضِمُوا وَقَالُوا ابْنُ الْأُبَيْرِقِ قَالَهَا
قَالَ: وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ , وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ , وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ بِالدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ , فَخَصَّ بِهِ نَفْسَهُ , فَأَمَّا الْعِيَالُ: فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ. فقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ , فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ , فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ , وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ: دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحُهُمَا. فعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ , فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ , وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ , فَنُقِبَتْ مَشْرُبَتُنَا , فَذُهِبَ بِسِلَاحِنَا وَطَعَامِنَا. قَالَ: فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا , فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ , وَلَا نَرَى فِيمَا نَرَاهُ إِلَّا عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ قَالُوا وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ: وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَّا لَبِيدَ بْنَ سَهْمٍ , رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ , فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ , ثُمَّ أَتَى بَنِي أُبَيْرِقٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ. قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ , فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا. فسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا , فَقَالَ عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي , لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلُ جَفَاءٍ , عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ , وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ , فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلَاحَنَا , فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ أُسَيْرُ بْنُ عُرْوَةَ , فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ , وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ , فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ  بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبَتٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمْتُهُ , فَقَالَ: «عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمِيهُمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبَتٍ» قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ. فأَتَيْتُ عَمِّي رِفَاعَةَ , فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] يَعْنِي: بَنِي أُبَيْرِقٍ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: 106] أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 107] أَيْ بَنِي أُبَيْرِقٍ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ} [النساء: 107] إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] أَيْ أَنَّهُمْ إِنِ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ يَغْفِرْ لَهُمْ {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} [النساء: 111] وَإِثْمًا مًبِينًا قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} [النساء: 113] يَعْنِي أُسَيْرًا وَأَصْحَابَهُ {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] إِلَى قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74] فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أَتِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ , فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , [ص:462] وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا؛ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ , قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي , هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا. فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ سَهْلٍ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {وَمَنْ يُشَاقِقِ} [النساء: 115] الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا} [النساء: 116] بَعِيدًا فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ رَمَاهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرٍ , فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعِتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْهُ بِالْأَبْطَحِ , ثُمَّ قَالَتْ: أَهْدَيْتَ إِلَيَّ شِعْرَ حَسَّانَ , مَا كُنْتَ تَأْتِيَنِي بِخَيْرٍ "

وهذه أشبع الروايات وفيه التصريح بنفاق السارق وليس فيها ذكر لليهودي وابن إسحاق عنعن ولكنه عمدة في السيرة ووالد عاصم بن عمر مستور وهو يحتمل ، وفيها أن المتهم كان مسلماً

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] يَقُولُ: " بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَيَّنَ لَكَ {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] فَقَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107] ذِكِرَ لَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِي شَأْنِ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ وَفِيمَا هَمَّ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُذْرِهِ , وَبَيِّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ , وَوَعَظَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَذَّرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا. وَكَانَ طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ , ثُمَّ أَحَدَ بَنِي ظَفَرٍ , سَرَقَ دِرْعًا لِعَمِّهِ كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ , ثُمَّ قَذَفَهَا عَلَى يَهُودِيٍّ كَانَ يَغْشَاهُمْ , يُقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ , فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:463] يَهْتِفُ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمُهُ بَنُو ظَفَرٍ جَاءُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَعْذِرُوا صَاحِبَهُمْ , وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ هِمَّ بِعُذْرِهِ , حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا أَنْزَلَ , فَقَالَ: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 107] إِلَى قَوْلِهِ: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يَعْنِي بِذَلِكَ قَوْمَهُ {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] وَكَانَ طُعْمَةُ قَذَفَ بِهَا بَرِيئًا. فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ نَافَقَ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]

وهذا سياق مختلف ففيه أن طعمة بن أبيرق المنافق سرق الدرع ورمى بها اليهودي وأن قومه فقط كانوا يريدون أن يعذر في ذلك وما تكلموا في اليهودي بشيء ، وقد يدفع تهاويل عدنان أن التهمة لبست اليهودي وأن الصحابة تواطؤا بالشهادة كذباً ، وفيها أن طعمة ارتد ولحق بالمشركين

وهذه رواية مرسلة فقتادة تابعي ولكن يحتمل ولكننا نسير هنا على تعنت القوم

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي , قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْأَنْصَارِ غَزَوْا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ , فَسُرِقَتْ دِرْعٌ لِأَحَدِهِمْ , فَأَظَنَّ بِهَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ , فَأَتَى صَاحِبُ الدِّرْعِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: إِنَّ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ سَرَقَ دِرْعِي. فأَتِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا رَأَى السَّارِقُ ذَلِكَ , عَمَدَ إِلَيْهَا فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ رَجُلٍ بَرِيءٍ , وَقَالَ لِنَفَرٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ: إِنِّي قَدْ غَيَّبْتُ الدِّرْعَ وَأَلْقَيْتُهَا فِي بَيْتِ فُلَانٍ , وَسَتُوجَدُ عِنْدَهُ. فَانْطَلَقُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا , فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبَنَا بَرِيءٌ , وَإِنَّ سَارِقَ الدِّرْعِ فُلَانٌ , وَقَدْ أَحَطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا , فَاعْذُرْ صَاحِبَنَا عَلَى رُءُوسِ [ص:464] النَّاسِ وَجَادِلْ عَنْهُ , فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ اللَّهُ بِكَ يَهْلِكْ. فقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَرَّأَهُ وَعَذَرَهُ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] يَقُولُ: " احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي الْكِتَابِ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 107] الْآيَةُ , ثُمَّ قَالَ لِلَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} [النساء: 108] إِلَى قَوْلِهِ: {أَمْ مَنْ يَكُونِ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109] يَعْنِي الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِينَ بِالْكَذِبِ. ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} [النساء: 112] وَإِثْمًا مُبِينًا يَعْنِي: السَّارِقَ وَالَّذِينَ يُجَادِلُونَ عَنِ السَّارِقِ "

هذه سلسلة العوفيين وهي ضعيفة والقصة تتفق مع السابقة بوجود سارق ولكن هذه الرواية جعلت المتهم مسلماً وليس يهودياً

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنِي يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] الْآيَةُ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ سَرَقَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرَحَهُ عَلَى يَهُودِيٍّ , فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ مَا سَرَقْتُهَا يَا أَبَا الْقَاسِمِ , وَلَكِنْ طُرِحَتْ عَلَيَّ. وَكَانَ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَرَقَ جِيرَانٌ يُبَرِّئُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ عَلَى الْيَهُودِيِّ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ الْخَبِيثَ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: حَتَّى مَالَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الْقَوْلِ , فَعَاتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: 106] بِمَا قُلْتَ لِهَذَا الْيَهُودِيِّ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى جِيرَانِهِ فَقَالَ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} قَالَ: " ثُمَّ عَرَضَ التَّوْبَةَ فَقَالَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} [النساء: 110] فَمَا أَدْخَلَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى خَطِيئَةِ هَذَا تَكَلَّمُونَ دُونَهُ؟ {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} [النساء: 111] وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] قَالَ: " أَبَى أَنْ يَقْبَلَ التَّوْبَةَ الَّتِي عَرَضَ اللَّهُ لَهُ , وَخَرَجَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ , فَنَقَبَ بَيْتًا لِيَسْرِقَهُ , فَهَدَمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] وَيُقَالَ: هُوَ طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ , وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي ظَفَرٍ "

عبد الرحمن بن زيد بن أسلم متروك ولكنه عالم بالتفسير ولم يدرك هذه القصة ، وفي قصته أن المتهم يهودي وأن الدرع وجدت عنده لهذا اتهمه الناس وهو يقول ( طرحت علي ) يعني لم أسرقها ولكنها دفعت إلي فالذين اتهموه كان معهم قرينة والعتاب لأن صاحبهم منافق كذاب وفيها أن طعمة بن أبيرق السارق ارتد وظهر كفره

وقال الطبري في تفسيره  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] قَالَ: " أَمَّا {مَا أَرَاكَ اللَّهُ} : فَمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْكَ؛ قَالَ: نَزَلَتْ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ , وَاسْتَوْدَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ دِرْعًا , فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى دَارِهِ , فَحَفَرَ لَهَا الْيَهُودِيُّ ثُمَّ دَفَنَهَا , فَخَالَفَ إِلَيْهَا طُعْمَةُ فَاحْتَفَرَ عَنْهَا , فَأَخَذَهَا. فَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودِيُّ يَطْلُبُ دِرْعَهُ كَافَرَهُ عَنْهَا , فَانْطَلَقَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ عَشِيرَتِهِ , فَقَالَ: انْطَلِقُوا مَعِي , فَإِنِّي أَعْرِفُ وَضْعَ الدِّرْعِ. فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ طُعْمَةُ أَخَذَ الدِّرْعَ فَأَلْقَاهَا فِي دَارِ أَبِي مُلَيْلٍ الْأَنْصَارِيِّ , فَلَمَّا جَاءَتِ الْيَهُودُ تَطْلُبُ الدِّرْعَ فَلَمَّا تَقْدِرْ عَلَيْهَا , وَقَعَ بِهِ طُعْمَةُ وَأُنَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ , فَسَبُّوهُ , وَقَالَ أَتُخَوِّنُونَنِي؟ فَانْطَلَقُوا يَطْلُبُونَهَا فِي دَارِهِ , فَأَشْرَفُوا عَلَى بَيْتِ أَبِي مُلَيْلٍ , فَإِذَا هُمْ بِالدِّرْعِ , وَقَالَ طُعْمَةُ: أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْلٍ. وجَادَلَتِ الْأَنْصَارُ دُونَ طُعْمَةَ وَقَالَ لَهُمُ: انْطَلِقُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا لَهُ يَنْضَحُ عَنِّي وَيُكَذِّبُ حُجَّةَ الْيَهُودِيِّ , فَإِنِّي إِنْ أُكَذَّبْ كَذَبَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْيَهُودِيُّ. فأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , جَادِلْ عَنْ طُعْمَةَ وَأَكْذِبِ الْيَهُودِيَّ. فهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَفْعَلَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {وَلَا تَكُنْ [ص:467] لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: 106] مِمَّا أَرَدْتَ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 106] ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَارَ وَمُجَادَلَتَهُمْ عَنْهُ , فَقَالَ: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108] يَقُولُ: " يَقُولُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ثُمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ , فَقَالَ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ حِينَ قَالَ: أَخَذَهَا أَبُو مُلَيْلٍ , فَقَالَ: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} [النساء: 111] " {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} [النساء: 112] وَإِثْمًا مُبِينًا ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْصَارَ وَإِتْيَانَهُمْ إِيَّاهُ أَنْ يَنْضَحَ عَنْ صَاحِبِهِمْ وَيُجَادِلَ عَنْهُ فَقَوْلُهُ: {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] يَقُولُ: " النُّبُوَّةَ. ثُمَّ ذَكَرَ مُنَاجَاتِهِمْ فِيمَا يُرِيدُونَ أَنْ يكْذِبُوا عَنْ طُعْمَةَ , فَقَالَ: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} [النساء: 114] إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ فَلَمَّا فَضَحَ اللَّهُ طُعْمَةَ بِالْمَدِينَةِ بِالْقُرْآنِ , هَرَبَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ , فَكَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ. ونَزَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطِ السُّلَمِيِّ , فَنَقَبَ بَيْتَ الْحَجَّاجِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْرِقَهُ , فَسَمِعَ الْحَجَّاجُ خَشْخَشَةً فِي بَيْتِهِ وَقَعْقَعَةَ جُلُودٍ كَانَتْ عِنْدَهُ , فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِطُعْمَةَ , فَقَالَ: ضَيْفِي وَابْنُ عَمِّي وَأَرَدْتَ أَنْ تَسْرِقَنِي؟ . فأَخْرَجَهُ فَمَاتَ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ كَافِرًا , وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ} [النساء: 115] الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ [ص:468] لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى إِلَى: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] "

وهذا مرسل أيضاً وهو سياق مختلف عن كل الروايات السابقة ففيه أن الدرع لليهودي وطعمة جحد هذه العارية وحصل بينه وبين اليهودي جدل في هذا وأنه احتال ليظهر كذب اليهودي وفيها أن اليهودي كانت له عشيرة خلافاً لما ادعى عدنان أنه لم تكن له عشيرة ، وفيها أن الأنصار إنما أرادوا تبرئة صاحبهم من خيانة العهد

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ , قَالَ: ثني حَجَّاجُ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: اسْتَوْدَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ مَشْرُبَةً لَهُ فِيهَا دِرْعٌ , وَخَرَجَ فَغَابَ. فَلَمَّا قَدِمَ الْأَنْصَارِيُّ فَتَحَ مَشْرُبَتَهُ فَلَمْ يَجِدِ الدِّرْعَ , فَسَأَلَ عَنْهَا طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ , فَرَمَى بِهَا رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ يُقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ. فتَعَلَّقَ صَاحِبُ الدِّرْعِ بِطُعْمَةَ فِي دِرْعِهِ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمُهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَلَّمُوهُ لِيَدْرَأَ عَنْهُ فَهَمَّ بِذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 106] يَعْنِي طُعْمَةَ بْنَ أُبَيْرِقٍ وَقَوْمَهُ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَّنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُ طُعْمَةَ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] مُحَمَّدٌ وَطُعْمَةُ وَقَوْمُهُ , قَالَ: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} [النساء: 111] الْآيَةُ , طُعْمَةُ {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} [النساء: 112] يَعْنِي: زَيْدَ بْنَ السَّمِينِ {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} [النساء: 113] يَا مُحَمَّدُ {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} [النساء: 113] قَوْمُ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النساء: 114] حَتَّى تَنْقَضِيَ الْآيَةُ لِلنَّاسِ عَامَّةً {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] الْآيَةُ. قَالَ: لَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ وَرَجَعَ فِي دِينِهِ , ثُمَّ عَدَا عَلَى مَشْرُبَةٍ لِلْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطِ الْبَهْزِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ حَلِيفٍ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ , فَنَقَبَهَا , فَسَقَطَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فَلَحِجَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْرَجُوهُ مِنْ مَكَّةَ , فَخَرَجَ فَلَقِيَ رَكْبًا مِنْ بُهَرَاءَ مِنْ قُضَاعَةَ , فَعَرَضَ لَهُمْ , فَقَالَ: ابْنُ سَبِيلٍ مُنْقَطِعٌ بِهِ. فحَمَلُوهُ حَتَّى إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ عَدَا عَلَيْهِمْ فَسَرَقَهُمْ , ثُمَّ انْطَلَقَ فَرَجَعُوا فِي طَلَبِهِ فَأَدْرَكُوهُ , فَقَذَفُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا فِيهِ نَزَلَتْ إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] أُنْزِلَتْ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ , يَقُولُونَ: إِنَّهُ رَمَى بِالدِّرْعِ فِي دَارِ أَبِي مُلَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَزْرَجِيِّ , فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بِقُرَيْشٍ , فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.

وهذا سياق مطابق لسياق السدي كثيراً غير أن فيه بأن بأن صاحب الدرع أنصاري وما صدق اتهامه لليهودي بل تعلق بطعمة والأنصار يريدون الدرء عن صاحبهم فحسب وما حصل منهم كلام في شأن اليهودي

وقال الطبري في تفسيره حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ , ثنا عُبَيْدُ بْنُ سَلْمَانَ , قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ , يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] يَقُولُ: " بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْكَ وَأَرَاكَهُ فِي كِتَابِهِ. ونَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتُودِعَ دِرْعًا فَجَحَدَ صَاحِبَهَا , فَخَوَّنَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَغَضِبَ لَهُ قَوْمُهُ , وَأَتَوْا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالُوا: خَوَّنُوا صَاحِبَنَا وَهُوَ أَمِينٌ مُسْلِمٌ , فَاعْذُرْهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَازْجُرْ عَنْهُ. فقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ فَعَذَرَهُ وَكَذَّبَ عَنْهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ بَرِيءٌ وَأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَيَانَ ذَلِكَ فَقَالَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] إِلَى قَوْلِهِ: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109] فَبَيَّنَ اللَّهُ خِيَانَتَهُ. فلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ , وَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ , فَنَزَلَ فِيهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] إِلَى قَوْلِهِ: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] "

وهذا قريب من سياق السدي وعكرمة  ولا ذكر لليهودي هنا

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره 5953 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ , ثنا مُسَدَّدٌ , ثنا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ , حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ , عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ , أَنَّ رَجُلًا , يُقَالُ لَهُ: طُعْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ سَرَقَ دِرْعًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْقَاهَا فِي [ص:1064] بَيْتِ رَجُلٍ , ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابٍ لَهُ: انْطَلِقُوا فَاعْذِرُونِي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الدِّرْعَ قَدْ وُجِدَ فِي بَيْتِ فُلَانٍ , فَانْطَلَقُوا يَعْذِرُونَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] قَالَ: بُهْتَانٌ: قَذْفُهُ الرَّجُلَ

ولا ذكر لليهودي هنا

وهنا وقفة بل وقفات :

الأولى : هذه القصة كما ترى ليس لها إسناد متصل في الغالب وسياقاتها مختلفة اختلافاً شديداً فكيف قبلها عدنان الذي يرد الأخبار المتواترة

الثانية : أن الروايات اختلفت فبعضها ذكر أن اليهودي تم اتهامه وأكثرها لم يذكر هذا وبعضها لم يذكر اليهودي أصلاً وبعضها ذكر أن الدرع كان لليهودي أصلاً فكيف اختار عدنان بين هذه السياقات وعلى أي أساس اختار السياق الذي قال بأنه يفضله وذكره عشرات المرات

الثالثة : محل الاتفاق بين الروايات أن هذا السارق كان منافقاً وأنه ارتد بعد هذا فلماذا لم يذكر عدنان هذه النقطة ويبدو أنه ما ذكرها لأنها لا تخدمه في بعض عدالة الصحابة فهو يريد أن يقول الصحابة سارقون متهمون بالكذب

الرابعة : لم يرد في أي رواية أن الأنصار تواطؤوا بالشهادة بالكذب على اليهودي بأنه سرق فالشهادة معناها أنك تقول رأيته يسرق وإنما ورد في بعضها أنهم اتهموه بذلك وفرق بينهما فقد يقع منك الاتهام ظلماً بقرائن تحصل عندك وتكون خاطئة ، وورد في روايات أخرى ما يناقض هذا من أن المتهم كان مسلماً أصلاً أو اليهودي هو صاحب الدرع فتهمته ليست سرقة بل تبلي بالسرقة ولا أدري على أي أساس رجح عدنان الرواية التي فيها اتهام بعض الأنصار لليهودي

ولنقارن سبب النزول هذا بسبب نزول آخر لا يروق لعدنان ولا يقول به

قال تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)

المفسرون من كل طبقة كالمتفقين أنها نزلت في الرجم !

قال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ: ثني الزُّهْرِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا , مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , حَدَّثَهُمْ فِي , قِصَّةٍ ذَكَرَهَا: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} [المائدة: 41] قَالَ: " بَعَثُوا وَتَخَلَّفُوا , وَأَمَرُوهُمْ بِمَا أَمَرُوهُمْ بِهِ مِنْ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ , فَقَالَ: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ , يَقُولُونَ: إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ لِلتَّحْمِيمِ , وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا: أَيِّ الرَّجْمُ "

وقال أيضاً حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41] حِينَ حَرَّفُوا الرَّجْمَ فَجَعَلُوهُ جَلْدًا , يَقُولُونَ: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41] "

وقال أيضاً حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ , عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا , وَمُجَالِدٌ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ جَابِرٍ: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} [المائدة: 41] يَهُودُ فَدَكٍ يَقُولُونَ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ: إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا الْجَلْدَ فَخُذُوهُ , وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا الرَّجْمَ "

وقال أيضاً حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَوْلُهُ: {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41] هُمُ الْيَهُودُ , زَنَتْ مِنْهُمُ امْرَأَةٌ , وَكَانَ اللَّهُ قَدْ حَكَمَ فِي التَّوْرَاةِ فِي الزِّنَا بِالرَّجْمِ , فَنَفِسُوا أَنْ يَرْجُمُوهَا , وَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ رُخْصَةٌ , فَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ رُخْصَةٌ فَاقْبَلُوهَا. فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ امْرَأَةً مِنَّا زَنَتْ , فَمَا تَقُولُ فِيهَا؟ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ حُكْمُ اللَّهِ فِي التَّوْرَاةِ فِي الزَّانِي؟» فَقَالُوا: دَعْنَا مِنَ التَّوْرَاةِ , وَلَكِنْ مَا عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «ائْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ بِالتَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى» فَقَالَ لَهُمْ: «بِالَّذِي نَجَّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَبِالَّذِي فَلَقَ لَكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَاكُمْ وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ إِلَّا أَخْبَرْتُمُونِي مَا حُكْمُ اللَّهِ فِي [ص:426] التَّوْرَاةِ فِي الزَّانِي؟» قَالُوا: حُكْمُهُ الرَّجْمُ. فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ "

وقال أيضاً حَدَّثَنَا هَنَّادٌ , قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ , وَعَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ , عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41] يَقُولُونَ: ائْتُوا مُحَمَّدًا , فَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ , وَإِنَّ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا

وهذا إسناد صحيح وهو في الصحيح

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره 6367 - حَدَّثَنَا أَبِي , ثنا الْحُمَيْدِيُّ , ثنا سُفْيَانُ , ثنا زَكَرِيَّا , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ جَابِرٍ , يَقُولُونَ: إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا الْجَلْدَ فَخُذُوهُ , وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا الرَّجْمَ

وأيضاً في قوله تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ)

قال الطبري في تفسيره  حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ , عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: مَنْ كَفَرَ بِالرَّجْمِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ , قَوْلُهُ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 15] فَكَانَ الرَّجْمُ مِمَّا أَخْفُوا " حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ , أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , مِثْلَهُ

وقال أيضاً حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ , قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ , عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , فِي قَوْلِهِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ} [المائدة: 15] إِلَى قَوْلِهِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142] قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَتَاهُ الْيَهُودُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الرَّجْمِ , وَاجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ , قَالَ: «أَيُّكُمْ أَعْلَمُ؟» فَأَشَارُوا إِلَى ابْنِ صُورِيَا , فَقَالَ: «أَنْتَ أَعْلَمُهُمْ؟» قَالَ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ. قَالَ: «أَنْتَ أَعْلَمُهُمْ؟» قَالَ: إِنَّهُمْ لَيَزْعُمُونَ ذَلِكَ. قَالَ: فَنَاشَدَهُ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى , وَالَّذِي رَفَعَ الطُّورَ , وَنَاشَدَهُ بِالْمَوَاثِيقِ الَّتِي أُخِذَتْ عَلَيْهِمْ , حَتَّى أَخَذَهُ أَفْكَلٌ , فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَنَا نِسَاءٌ حِسَانٌ , فَكَثُرَ فِينَا الْقَتْلُ , فَاخْتَصَرْنَا أُخْصُورَةً , فَجَلَدْنَا مِائَةً , وَحَلَقْنَا الرُّءُوسَ , وَخَالَفْنَا بَيْنَ الرُّءُوسِ إِلَى الدَّوَابِّ , أَحْسِبُهُ قَالَ: الْإِبِلَ , قَالَ: فَحُكِمَ عَلَيْهِمْ بِالرَّجْمِ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ} [المائدة: 15] الْآيَةَ , وَهَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: 76] قَوْلُهُ: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: 15] يَعْنِي بِقَوْلِهِ وَيَعْفُو: وَيَتْرُكُ أَخْذَكُمْ بِكَثِيرٍ مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ كِتَابِكُمُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ إِلَيْكُمْ , وَهُوَ التَّوْرَاةُ , فَلَا تَعْمَلُونَ بِهِ حَتَّى يَأْمُرَهُ اللَّهُ بِأَخْذِكُمْ بِهِ

وقال أيضاً حَدَّثَنَا بِشْرٌ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} [المائدة: 15] وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَوْلُهُ: {يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 15] يَقُولُ: " يُبَيِّنُ لَكُمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُنَا كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَهُ النَّاسَ وَلَا تُبَيِّنُونَهُ لَهُمْ مِمَّا فِي كِتَابِكُمْ. وَكَانَ مِمَّا يُخُفُونَهُ مِنْ كِتَابِهِمْ فَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ: رَجْمُ الزَّانِينَ الْمُحْصَنِينَ

وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره :" يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ «2» مِنَ الْكِتابِ يعنى التوراة اخفوا أمر الرجم وأمر محمد"

وقال ابن وهب في تفسيره 28 - قال: وأخبرني الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أن الآية التي في سورة المائدة: {فإن جاءوك فاحكم بينهم}، كانت في شأن الرجم

قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: والذي قالوا يشبه ما قالوا، لقول اللَّه - عز وجل:
(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ) الآية.
وقال تبارك وتعالى:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ)
يعني: - واللَّه تعالى أعلم - إن تولّوا عن حكمك بغير
رضاهم، وهذا يشبه أن يكون ممن أتى حاكماً غير مقهور على الحكم، والذين حاكموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة منهم ورجل زنيا موادعون، وكان في التوراة الرجم، ورجوا أن لا يكون من حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجم، فجاؤوا بهما، فرجمهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم

فهنا الشافعي ينقل اتفاق المفسرين على تفسير هذه الآية بالرجم وهذا في كتابه الأم

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره 6389 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ , ثنا شَبَابَةُ , ثنا وَرْقَاءُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَوْلَهُ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} يَهُودُ إِنْ زَنَا مِنْهُمْ ثَيِّبٌ حَقِيرٌ رَجَمُوهُ , وَإِنْ زَنَا مِنْهُمْ شَرِيفٌ حَمَّمُوهُ , ثُمَّ طَافُوا بِهِ , ثُمَّ اسْتَفْتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُفْتِيَهُمْ , فَأَفْتَاهُمْ فِيهِ بِالرَّجْمِ , فَأَنْكَرُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْعُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ , فَنَاشَدَهُمْ بِاللَّهِ تَجِدُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ - الرَّجْمَ - فَكَتَمُوهُ إِلَّا رَجُلًا مِنْ أَصَاغِرِهِمْ أَعْذَرَ , فَقَالَ: كَذَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ

فها أنت ترى أن كل أئمة المفسرين يذكرون الرجم في تفسير آيات مشاهير وكلهم كلامهم في الحوادث متطابق بخلاف قصة طعمة بن أبيرق ، وزيادة على ذلك توجد روايات صحيحة متصلة في الباب ، فكيف إذا اعتضدت روايات أخرى متواترة مع اتفاق الفقهاء ؟

ولكن الهوى يعمي ويصم

وهؤلاء الذين يشككون بالثوابت لا يهمهم في الحقيقة موضوع صيام عاشوراء أو التفضيل بين الصحابة وإنما يهمهم القيم الغربية من تضييع الولاء والبراء والتهوين من شأن حجاب المرأة وتعطيل الجهاد وتعطيل فكرة الدولة المسلمة حتى زعم عدنان أن الدولة المسلمة لا تلزم أحداً بالزكاة ولا بالمرأة بالحجاب

ولكن يتوسلون ببعض العناوين ليسقطوا هيبة السلف وهيبة كتب العلم ليتسنى لهم الاستنباط كما شاءوا

ولهم تفنن عجيب في تمييع القضايا

فمثلاً بلغني عن حاتم العوني أنه وضع صور لمتبرجات أو علق على صور لمتبرجات في أنه لا يعتقد أنه أفضل عند الله منهن

ومثلاً جماعة ما بعد السلفية الذين كتبوا بأن السلفيين يعتبرون المتبرجة أشد من الزانية بلسان الحال لا بلسان المقال

أما حاتم فهو غلط بين الحكم الدنيوي والحكم الأخروي والحكم الظاهر والحكم الباطن ، فمن أفضل ومن خير فهذا ليس تخصصنا معاشر البشر بل الله وحده هو المطلع على السرائر ولكن لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأي حكمة في أن تأتي لأصحاب معصية فشت وانتشرت وصارت لها آثار مدمرة ثم تقول ( لست أفضل منك عند الله ) إنما بحثنا في هذا حلال أم حرام أترى لو قلنا هذه الكلمة لكل عاص ومجرم كم منهم سيترك معصيته

وإنما مثل هذه الكلمة يقولها المرء بينه وبين إخوانه كسراً للكبر ، ونشر مثل هذا للعوام فتنة

قال أحمد في مسنده 7083 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ هِلَالٍ الصَّدَفِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولَانِ: سَمِعْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ، كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِمْ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ، الْعَنُوهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ، لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَخَدَمْنَ نِسَاؤُكُمْ نِسَاءَهُمْ، كَمَا يَخْدِمْنَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ»

وهذه الحديث اختلفوا في تحسينه وهو محتمل

فالله عز وجل جعل التبرج جاهلية ، وقد ورد في الحديث أن من أبغض الناس عند الله مبتغ في الإسلام سنة الجاهلية

وقال مسلم في صحيحه 52 - (2128) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ، مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»

وإذا كان هذا قد ورد في اللواتي يجعلن رؤوسهن كأسنمة البخت فتنة للرجال فما بالك بمن يفعلن ما هو أفتن بكثير من كشف السيقان وإظهار بعض الصدور مع لبس الضيق الذي يبرز حجم الأعضاء 

وورد حديث في لعن النامصة والمتنمصة ولا يخفى على دكتور الحديث ثبوته،ولا يخفى فشو النمص بشكل فظيع بين النساء 

فامرأة متلبسة بمعصية تجعلها من أبغض الناس إلى الله ، وتجعلها داخلة في اللعن وتجعلها لا تجد ريح الجنة فهل من النصح لها التهوين من شأن هذا

وأما صاحبا ما بعد السلفية فيكفيك أن ما قالاه مجرد دعوى والبحث المحترم يؤتى فيه بالبينات التي يمكن إثباتها ويمكن دفعها لا الدعاوى ولكن لا بأس من إيضاح هذه المقارنة دليل على صغر في عقل اللذين يريدان أن يقيما السلفية على مدى اثني عشر قرنا

الزانية في العادة مستترة ، والمتبرجة ظاهرة فلا توجد زوان في الشارع يكتبن على يافطات مكتوب عليها ( زانية ) ، فأنت ترى أن الشباب يتعاملون مع المتبرجات بشكل يومي بخلاف الزواني فربما لا تقف أمامه امرأة تقر على نفسها بالزنا أو يثبت عليه ببينة قضائية ملزمة شرعاً إلا نادراً فهذا ما أدخلهم في هذا التصور السخيف ، زيادة على أن التبرج هو بوابة الزنا فلا يعقل أن يكون الستر فاش في المجتمع ثم فجأة يفشو فيه الزنا دون قنطرة التبرج ، ثم إن الزانية تستتر بذنبها وكثير منهن إذا اعترفت تكون نادمة بخلاف المتبرجة المجاهرة وكثيرٌ منهن تطلق كلمات قذرة في حق الحجاب والنقاب ومن هذا الوجه التبرج يكون أشر وإن كان الزنا أشر من أوجه أخرى ، والمتبرجة تصيب بفتنتها كل من تقع عينه عليها وأما الزنا فلا بد من تواطؤ ومقدمات على أن التبرج هو مقدمة من مقدمات الأمر، وفي النهاية التبرج ذنب عظيم ورد فيه كل ما سبق ، والعجيب أننا في زمن فشا فيه هذا المرض جداً وفشت مضاعفاته الخطيرة ونحن نرى أوروبا تغرق في ويلات من التفكك الأسري والأمراض والانحلال الأخلاقي جراء الانخراط بمثل هذا ، ثم تجد هؤلاء كل ما يهمهم مثل هذه التهاويل

وبهذا النظر السطحي يريدون أن يصلحوا كما يدعون وإنما يفسدون وكل ما يفعلونه أنهم يطلبون رضا الخلق بتحريف دين الخالق لن يرضى عنهم الخلق ولا الخالق فالبشر لا يتفقون على مدح أحد ولا ذمه ورضاهم غاية لا تدرك ورضا الله هو الغاية المرجوة ولا ينافي هذا تألف الناس على الحق ، تألف الناس عليه لا تحريفه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم