الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فمن أعظم آيات النبي صلى الله عليه وسلم
وجود صفته في كتب أهل الكتاب ، وهذا موجود إلى يومنا هذا
وقد جمع ذلك كثر منهم أبو البقاء الهاشمي
الأشعري في كتابه التخجيل ، وابن تيمية في الجواب الصحيح وابن القيم في هداية
الحيارى وقبلهم ابن حزم في الفصل والقرطبي في الإعلام
وابن السموأل اليهودي الذي أسلم ، وزياد
بن يحيى الراسي الذي كان نصرانياً وأسلم وألف كتاب البحث الصريح في الدين الصحيح
وعلي بن ربن الطبري الذي أسلم وذكر
البشارات
منهم اللورد هدلي الفاروق، الذي كان عضواً
في مجلس اللوردات البريطاني، وأعلن إسلامه عام 1913هـ، وتسمى برحمة الله الفاروق،
وكتب كتاباً في الإسلام "رجل من الغرب يعتنق الإسلام".
وناصر الدين دينيه الفرنسي، كان نصرانياً
رساماً مبرزاً، أسلم عام 1927م، وكتب كتاباً سماه "أشعة خاصة بنور الإسلام"،
وتوفي سنة 1929م.
وعبد الأحد داود، الذي كان كاهناً
كلدانياً، حصل على أستاذ في علم اللاهوت وزعيم طائفة الروم الكاثوليك لطائفة
الكلدانيين، وكتب كتابيه "الإنجيل والصليب"، و"محمد صلى الله عليه
وسلم في الكتاب المقدس ".
والقس إبراهيم خليل الذي كان قساً في
كنيسة "بافور" الإنجيلية بأسيوط مصر، وكان له نشاط تنصيري كبير، وأعلن
إسلامه سنة 1959م، وله كتب عديدة في الدعوة إلى الإسلام، منها: "محمد صلى
الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن"، و"المستشرقون والمبشرون
في العالم الإسلامي" و"ومحاضرات في مقارنة الأديان"، و"المسيح
في التوراة والإنجيل والقرآن"
ومنهم جاري ميلر من المعاصرين ، وغيرهم
كثيرٌ جداً
وقبلهم كلهم كعب بن ماتع الحميري كعب
الأحبار
وقد قال الله تعالى : (أَو لم يكن لَهُم
آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل)
غير أن أبرز شخص أسلم وكان حجة على أهل
الكتاب لسعة علمه هو عبد الله بن سلام ويليه سلمان الفارسي
وهذا جمع للآيات التي ذكر أهل العلم أنها
نزلت في عبد الله بن سلام
قال ابن وهب في تفسيره 119 - قال: وحدثني
مالك بن أنس وابن زيد بن أسلم أن الذين قال الله: {وشهد شاهدٌ من بني إسرائيل على
مثله}، قال: هو عبد الله بن سلام.
وقال مقاتل بن سليمان أنه عبد الله بن
سلام
وقال عبد الرزاق في تفسيره 2843 - عَنْ
مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] قَالَ: «هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سَلَامٍ»
وقال الطبري في تفسيره حدثنا الحسين بن
عليّ الصُّدائي، قال: ثنا أبو داود الطيالسي، قال: ثنا شعيب بن صفوان، قال: ثنا
عبد الملك بن عمير، أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: قال عبد الله: أنزل
فيّ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) ... إلى قوله (فَآمَنَ
وَاسْتَكْبَرْتُمْ) .
حدثني عليّ بن سعد بن مسروق الكنديّ، قال:
ثنا أبو محمد بن يحيى بن يعلى، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أخي عبد الله بن
سلام، قال: قال عبد الله بن سلام: نزلت فيّ (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) .
وقال أيضاً حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا
أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني
الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء
جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ) قال: عبد الله بن سلام.
حدثنا بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا
سعيد، عن قتادة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) ... الآية،
كنا نحدّث أنه عبد الله بن سلام آمن بكتاب الله وبرسوله وبالإسلام، وكان من أحبار
اليهود.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور،
عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
مِثْلِهِ) ؟ قال: هو عبد الله بن سلام.
حُدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول:
أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ) الشاهد: عبد الله بن سلام، وكان من الأحبار من علماء
بني إسرائيل،
وقد نازع الشعبي هؤلاء ولا يصمد لمخالفتهم
على علمه وفضله
هذه الآية الأولى
الآية الثانية
قال ابن وهب في تفسيره 120 - قال: وحدثني
مالك وابن زيد في قول الله: {ومن عنده علم الكتاب}، قالا: هو عبد الله بن سلام.
واختار مقاتل أن الآية نزلت في عبد الله
بن سلام
وقال سفيان في تفسيره عَنْ لَيْثٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ في قوله بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عنده علم
الكتاب قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ (الآية 43) .
وقال عبد الرزاق في تفسيره 1395 - عَنْ
مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ
الْكِتَابِ} [الرعد: 43] , قَالَ: «كَانَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ , وَسَلْمَانُ
الْفَارِسِيُّ , وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ»
وقال الطبري في تفسيره 20535- حدثني علي
بن سعيد الكنْدي قال: حدثنا أبو مُحيَّاة يحيى بن يعلى، عن عبد الملك بن عمير، عن
ابن أخي عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سَلام: نزلت فيَّ: (كفى بالله
شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) . (2)
20536- حدثنا الحسين بن علي الصُّدائي قال:
حدثنا أبو داود الطيالسي قال، حدثنا شعيب بن صفوان قال: حدثنا عبد الملك بن عمير،
أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سلام: أنزل فيّ: (قُلْ
كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)
وقال أيضاً 20537- حدثني محمد بن سعد قال:
ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قل كفى بالله
شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) ، فالذين عندهم علم الكتاب: هم أهل
الكتاب من اليهود والنَّصارَى.
20538- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا
الأشجعي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (ومن عنده علم الكتاب) قال: هو عبد الله بن
سلام. (1)
20539- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: أخبرنا
هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: (ومن عنده علم
الكتاب) قال: رجل من الإنس، ولم يُسمّه.
20540- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا
شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ومن عنده علم الكتاب) ،
هو عبد الله بن سلام.
وأما الآية الثالثة
فقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ
آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ)
قال مقاتل أنها نزلت في ابن سلام وأصحابه
وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي،
عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ
يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 197] قَالَ: " كَانَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مِنْ
خِيَارِهِمْ، فَآمَنَ بِكِتَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ: أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخِيَارُهُمْ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ:
ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا
الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، [ص:645] فِي قَوْلِهِ: " {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء:
197] قَالَ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ»
وأما الآية الرابعة
قال تعالى : (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وَهُمْ يَسْجُدُونَ)
قال الطبري في تفسيره 7647- حدثنا القاسم
قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج:"أمة قائمة"، عبد
الله بن سلام، وثعلبة بن سلام أخوه، وسعية،
ومبشر، وأسَيْد وأسد ابنا كعب.
وهذا قول ابن جريج وحده ومن حمله على
مؤمني أهل الكتاب ممن آمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه يدخل فيه عبد
الله بن سلام
وأما الآية الخامسة فقوله تعالى : (وَإِنَّ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ)
قال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
قَالَ: «نَزَلَتْ يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمَنْ
مَعَهُ»
وعبد الله بن سلام كان عالم بني إسرائيل
وسيدهم ابن سيدهم ترك هذا كله وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم واحتمل أذية اليهود
، كما أن سلمان كان ابن رجل عظيم في المجوس
فأعلى الله ذكرهم أيما إعلاء وكذلك كل من
ترك الدنيا ومغرياتها وعمل بعلمه وصبر على الفتن
والعجيب أن الجهمي الكافر حسن السقاف طعن
في عبد الله بن سلام في تعليقه على العلو للذهبي لأنه ثبت عنه أثر هو نحو من أثر
مجاهد في المقام المحمود
قال الخلال في السنة 236 - أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ
الْعَظِيمِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنَا
مُسْلِمُ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ ثِقَةً، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ سَيْفٍ
السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: «إِنَّ مُحَمَّدًا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى كُرْسِيِّ
الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»
وقد نقل الاتفاق على هذا الأثر
قال الخلال في السنة 267 - وَقَالَ أَبُو
بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَا فِي عَصْرِنَا هَذَا إِلَّا وَهُوَ مُنْكِرٌ
لِمَا أَحْدَثَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رَدِّ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ
لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» ، فَهُوَ
عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، يُهْجَرُ وَنَحْذِرُ عَنْهُ، فَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ
هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ [ص:233]: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ،
عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ» وَقَدْ رُوِيَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: «يُقْعِدُهُ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ
جَلَّ وَعَزَّ» ، فَقِيلَ لِلْجُرَيْرِيِّ: إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ
فَهُوَ مَعَهُ، قَالَ: وَيْحَكُمْ، هَذَا أَقَرُّ لِعَيْنِي فِي الدُّنْيَا،
وَقَدْ أَتَى عَلَيَّ نَيِّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا
رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ إِلَّا جَهْمِيُّ، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي
الْأَمْصَارِ، وَتَلَقَّتْهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ مُنْذُ نَيِّفٍ
وَخَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ،
وقد تكلمت على هذا الأثر بإطناب في تعليقي
الصوتي على كتاب السنة للخلال
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم