الثلاثاء، 14 أبريل 2015

بين حادثة بني قريظة وما ذكره كتاب النصارى عن يوشع بن نون



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فكثيراً ما يردد الملاحدة والنصارى قصة بني قريظة ثلباً لأهل الإسلام ويصيغونها صياغات مكذوبة ويتابعهم في ذلك ذيولهم كذلك الزنديق المدعو ( ميزو )

فأما الملحد فدفع كلامه في هذا سهل متيسر ولو حتى على الصيغة المكذوبة التي يفترضونها فذلك أن في الإلحاد من قتل ظلماً ومن قتل عدلاً نهايتهم واحدة والظالم والمظلوم والخائن والأمين كلهم منتهاهم التراب ولا يوجد إله يحاسب ولا إله يسير العدل في الدنيا ويقتص للمظلومين فالذكي من حقق مصالحه ولو على حساب الآخرين

فاللازم الموجود في الإلحاد أعظم بكثير مما يلزمون به أهل الأديان في أمر الجهاد والقتال وغيره

ثم يقال أن هؤلاء الملاحدة يعتقدون أننا جزء من بيئة حيوانية وتطورنا والحيوانات عندهم تسير على قاعدة البقاء للأصلح فأكل الأسد للغزال لا أحد يقول بأنه عمل غير أخلاقي وبناءً عليه سحق القوي للضعيف مبرر بيولوجياً عند القوم 

وهؤلاء لا فرق عندهم بين الإنسان والجرثومة سوى أن الإنسان كان أسعد حظاً في سلم التطور 

ثم التاريخ الإلحادي الإجرامي لماو وستالين وغيرهم لا يخفى على أحد 

وما أحسن ما قال ابن الوزير في الرد على أسلاف هؤلاء في كتابه إيثار الحق :" فَهَؤُلَاءِ البراهمة لَا يُنكرُونَ تطابق الْعُقَلَاء على سقِِي الْمزَارِع بِالْمَاءِ وَإِن مَاتَ بِسَبَب ذَلِك كثير من الذَّر وَنَحْوهَا من الْحَيَوَانَات الَّتِي تكون فِي مجاري المَاء وعَلى الاسْتِسْقَاء من المناهل وَإِن كَانَ وَسِيلَة إِلَى موت حَيَوَان المَاء وعَلى إِخْرَاج دود الْبَطن بالأدوية وَإِن مَاتَ أُلُوف كَثِيرَة بِسَبَب عَافِيَة انسان وَاحِد من ألم لَا يخَاف مِنْهُ الْمَوْت وَيخرج الانسان الذُّبَاب من منزله وَلَو هلكن من الْبرد وَالْحر وَنَحْو ذَلِك وَإِنَّمَا أجمع أهل الْعُقُول على مثل هَذَا لما فِي فطر الْعُقُول من تَرْجِيح خير الخيرين وَاحْتِمَال أَهْون الشرين عِنْد التَّعَارُض كَمَا قيل حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض
وَمن ذَلِك اسْتحْسنَ الْعُقَلَاء تحمل المضار الْعَظِيمَة فِي الحروب لدفع مَا هُوَ أضرّ مِنْهَا وَقَالَت الْعَرَب
(بسفك الدما يَا جارتي تحقن الدما ... وبالقتل تنجو كل نفس من الْقَتْل)"


وابن الوزير فيه اعتزال وإن كان رد عليهم في مسائل عديدة

والبحث الآن مع النصارى وبقية أهل الكتاب والمتشدقين من أمثال ميز وإسلام البحيري

من الأمور المعلومة عند كثير من النصارى والتي أحدثت عندهم إشكالاً قصة يوشع بن نون

أ - في اقتحام أريحا "وحرَّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها" (يش 6: 21، 24).

ب- عند اقتحام عاي "ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار.. فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء أثنى عشر ألفًا جميع أهل عاي. ويشوع لم يرَّد يده بالمزراق حتى حرَّم جميع سكان عاي.. وأحرق يشوع عاي وجعلها تلًا أبديًّا خرابًا إلى هذا اليوم" (يش 8: 19-28).

جـ- في سفر يشوع تتكرَّر عبارة (الضرب بحد السيف وتحريم كل نفس حتى لم يبقَ شارد) بمعنى أو بآخر وذلك في اقتحام مقيدة، ولبنة، ولخيش، وعجلون، وحبرون، ودبير، وكل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح (راجع يش 10: 28، 30، 32، 35، 37، 38، 39، 40).

د - في اقتحام حاصور " ضربوا كل نفس بحد السيف. حرَّموهم ولم تبقَ نسمة. وأُحرق حاصور بالنار. فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرَّمهم كما أمر موسى عبد الرب" (يش 11: 11، 12)

فهنا الأمر بقتل النساء والأطفال والدواب وهذا محرم في الإسلام

وقد برر كثير من القساوسة هذا الفعل وذكروا فيه تفسيرات تصلح من باب أولى لبيان الحكمة من حادثة بني قريظة

فقال بعضهم :" لكن ما ذنب هؤلاء الأطفال ؟ لا يوجد تعليم واضح بشأن ذلك لكن يتضح من ذلك أن هؤلاء الأطفال ينمون في مجتمع كله ملوث ، فكل الأولاد يكونوا متأثرين من أبيهم سواء أردت أم لم ترد ، وأن الفرد جزء من المجتمع لأن الأب الشرير أعماله تترك أثر في والديهم ، وأيضا" رحمة ربنا أن حياة هؤلاء الأطفال تنتهي وهم أبرياء قبل أن تتلوث حياتهم فيصير مصيرهم الأبدي الهلاك والنار ، فالرب وحده صاحب السلطان فهو بيده الحياة والموت ، وقد يكون الموت خير للإنسان ، وأيضا" أن المدينة كلها تنجست بما في ذلك البهائم والزرع ، فكل حاجة في المدينة لها علاقة بهذه الخطية"

بل يقول أحد القساوسة أيضاً :"  أما عقوبة الرجم فهي عقوبة شنيعة جدا" ، أي قانون لابد أن يكون فيه عقوبات رادعة لكي تحمي الفرد والمجتمع من الفوضي والظلم , فالشخص الذي كسر وصية السبت يرجم ولكن الشخص الذي لم يكسر الوصية لا يرجم ويكون بالنسبة لهذا الشخص حكم رادع له
وإذا زنا الشخص فعقوبته الرجم فيكون ذلك حكم رادع لأي شخص آخر لكي لا يزني وإذا زنا فتكون عقوبته الرجم ، فهذا قانون إلهي لابد أن يتبع فالرجم عقوبة علنية لا سرية
الرجم كان جزء من خطة الإعلان الإلهي لأن أجرة الخطية هي الموت ، أن في هذا التشريع ليس مرتبط بكل الناس ، ولم يكن مرتبط بشعوب أخري ففيه رقي عن الشعوب الأخري ، فالبابليين كانوا يعاقبوا بالنار عن طريق الشوي في النار "

وقصة بني قريظة معلومة في أنهم حالفوا النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضوا العهد ثم ألبوا العرب على النبي صلى الله عليه وسلم فكان يوم الأحزاب فجمعوا بين نقض العهد وتأليب العدو ولو كانت المدينة استبيحت من المشركين لحصل فيها أشد بكثير مما وقع لبني قريظة

فأغار عليهم المسلمون وكسروهم فقبل القرظيون أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم فيهم بحكم ذكر بعض الشراح أنه حكم الله في التوراة وهو أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم وعفي عن كل طفل فلم يقتل وإنما أخذ في السبي وكذا

وأما صفية بنت حيي فما قتل النبي صلى الله عليه وسلم والدها وزوجها أمامها كما يفتري النصارى وعبدة الشيطان بل النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرفها قبل الغزوة ولا أثناء المعركة ولكنها بعد السبي وقعت في سهم بعض الصحابة

فأخذت الشهامة صحابياً آخر فقال للنبي صلى الله عليه وسلم هذه سيدة بني قريظة لا تصلح إلا لك

فطلب النبي صلى الله عليه وسلم رؤيتها وهذا معناه أنه ما كان يعرفها قبل ذاك فلما رآها كرمها بزواجه منها ولو شاء لجعلها أمة من إمائه وكان ذلك أقر لأعين أزواجه رضي الله عنهن ، فرفعها من أمة إلى أم المؤمنين وذلك تكريم من الله

ولو كان والدها الخبيث حياً لأقر عينه أن تتزوج ابنته سيد قومه ولا تكون أمةً لأحدهم أو تترك هكذا بعد كسر قومها فتصير نهبة للعرب وقطاع الطرق

غير أن الذي أريد أن أقوله هنا :

أن النصارى بكل وقاحة ينتقدون أموراً عند المسلمين عندهم ما هو أعظم منها ولم يطالب أحد بمنع توزيع الكتاب المقدس الذي يحوي هذه الأمور ولا بحرقه

ولم يخرج من يربط بين محاكم التفتيش والكتاب المقدس عند النصارى

بل توضع الإعلانات ( الكتاب المقدس نور حياتي ) والذين يهاجمون البخاري ومسلماً بالكذب والاجتزاء يجبنون ألف مرة قبل أن يطلقوا كلمة في حق النصارى فعليهم لعنة جميعاً

وأنقل في آخر المقال نقولات أخرى من كتابهم المقدس الذي نور حياتهم فيما يزعمون

جاء في سفر التثنية :" فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. 16 تجمع كل امتعتها الى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل امتعتها كاملة للرب الهك فتكون تلا الى الابد لا تبنى بعد."

حرق الغنائم بالنار موافق للوارد في الصحيح من شريعتهم ولكن النار التي تحرق تنزل من السماء

وفي سفر يشوع ( وهو يوشع ) :" وكان لما انتهى اسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية حيث لحقوهم وسقطوا جميعا بحد السيف حتى فنوا ان جميع اسرائيل رجع الى عاي وضربوها بحد السيف. 25 فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء اثني عشر الفا جميع اهل عاي 26 ويشوع لم يرد يده التي مدها بالمزراق حتى حرم جميع سكان عاي. 27 لكن البهائم وغنيمة تلك المدينة نهبها اسرائيل لانفسهم حسب قول الرب الذي امر به يشوع. 28 واحرق يشوع عاي وجعلها تلا ابديا خرابا الى هذا اليوم"

فعدد بني قريظة يسير جداً مقارنة مع هذا

والأخبار في سفر يشوع في هذا الباب عديدة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم