الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فينشر في بعض المنتديات هذا الموضوع
:"
قال محمد حسين يعقوب : إذا كنت تسير في
طريق ونبحتك كلاب الراعي.. فماذا تصنع؟ تقول: أدافعه.. إن دافعته عاد يجري وراءك..
ثم تدافعه فيعود ويجري خلفك.. وهكذا.. فما الحل؟ . استعن بالراعي .. يكفيك كلابه..
ناد على الراعي.. عندها ينادي كلبه.. وتنتهي القضية.. فكذلك استعن بالله يكفك شر
الشيطان . من كتاب كيف أتوب
قال الشيخ أبو عبد الأعلى خالد عثمان :
أعوذ بالله شبه الله تعالى بالراعي '' ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ''
''أيضربون لله مثل السوء و لله المثل الأعلى '' لا يضرب لله مثل السوء أبدًا يمثل
الله عز و جل براعي الغنم و يقول نادي الراعي يعني نادي الله عز و جل كما أنك
تنادي الراعي ليكفك كلابه فكذلك نادي الله ليكفك شياطينه و العياذ بالله هي في
مقام كلاب الله تعالى الله عن ذلك الإفك و الزور عُلوا كبيرا يعني فنعوذ بالله من
أن نضرب لله مثل السوء
مفرّغ من شريط بعنوان بيان حال يعقوب
الشيخ أبو عبدالأعلى خالد"
أقول : هذا نقد بارد وسخيف فهذا الكلام
الذي انتقده على محمد حسين يعقوب هو كلام ابن تيمية !
فقد قال ابن القيم في كتابه أسرار الصلاة
:" وقال لي شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه يومًا: إذا هاش
عليك كلب الغنم فلا تشتغل بمحاربته، ومدافعته، وعليك بالراعي فأستغث به فهو يصرف
عنك الكلب، ويكفيكه.
فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان
الرجيم أبعده عنه.
فأفضى القلب إلى معاني القرآن، ووقع في
رياضه المونقة وشاهد عجائبه التي تبهر العقول، واستخرج من كنوزه وذخائره ما لا عين
رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكان الحائل بينه وبين ذلك، النفس
والشيطان، فإن النفس منفعلة للشيطان، سامعة منه، مطيعة فإذا بَعُدَ عنها، وطُرد
ألم بها الملَك، وثبتها وذكرها بما فيه سعادتها ونجاتها.
فإذا أخذ العبد في قراءة القرآن، فقد قام
في مقام مخاطبة ربِّه ومناجاته، فليحذر كل الحذر من التعرض لمقته وسخطه، بأن
يناجيه ويخاطبه، وقلبه معرِض عنه، ملتفت، إلى غيره، فإنه يستدعي بذلك مقته، ويكون
بمنزلة رجل قربه ملك من ملوك الدنيا، وأقامه بين يديه فجعل يخاطب الملك، وقد ولاه
قفاه، أو التفت عنه بوجهه يَمنَة ويسرة، فهو لا يفهم ما يقول الملك، فما الظن بمقت
الملك لهذا.
فما الظن بمقت الملك الحق المبين رب
العالمين وقيوم السماوات والأرضين"
وليس في هذا أدنى تشبيه بل هذا قياس أولى
كأمثال القرآن
قال تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً
رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ
يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
فقال: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا» رَجُلًا
فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ يعني مختلفين يملكونه جميعا، ثم قال: وَرَجُلًا
سَلَماً لِرَجُلٍ يعني خالصا لرجل لا يشركه فيه أحد يقول فهل يستويان؟ يقول: هل
يستوي من عبد آلهة شتى مختلفة يعني الكفار والذي يعبد ربا واحدا يعني المؤمنين؟_
هذا كلام مقاتل وعليه عامة المفسرين _
وقال تعالى : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ
أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي مَا
رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ
كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
قال قتادة , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [الروم: 28] قَالَ: هَذَا مَثَلٌ
ضُرِبَ لِلْمُشْرِكِينَ , يَقُولُ: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ
لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ
فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} يَقُولُ:
لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ غَيْرُهُ فِي مَالِهِ
وَنَفْسِهِ وَزَوْجِهِ حَتَّى يَكُونَِ مِثْلَهُ , يَقُولُ: «فَقَدْ رَضِيَ
بِذَلِكَ نَاسٌ لِلَّهِ فَجَعَلُوا مَعَهُ إِلَهًا شَرِيكًا» رواه عبد الرزاق
ومثل هذا يقال هنا فإذا كان الراعي يكفيك
نباح كلبه فالله عز وجل وهو القدير من باب أولى قادر على أن يكفيك الشيطان فهو
أقدر عليه من مقدرة الراعي على الكلب
وهذا كلام حسن نقده سخف في العقل
وقد رأيت لخالد محمد عثمان هذا كتاباً
كبيراً في نقد الحويني أصاب في أمور وأخطأ في أخرى غير أن من أعجب ما رأيته في
كتابه تلك النفحة الإرجائية حتى لكأنه لا يريد تكفير من يستهزيء بالدين بعينه
وقد نقل فتيا عجيبة لعبد الرزاق عفيفي
مقراً لها
وهي ما جاء في فتاويه :" س79: سئل
الشيخ: ما حكم المستهزئ بالدين أو ساب الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو
القرآن العظيم هل يكفر ولو كان جاهلا؟
فقال الشيخ رحمه الله -: "هذا الباب
كغيره من أبواب الكفر يعلم ويؤدب فإن علم وعاند بعد التعليم والبيان كفر. وإذا
قيل: لا يعذر بالجهل، فمعناه يعلم ويؤدب وليس معناه أنه يكفر"
بل إذا قيل لا يعذر بالجهل فمعناه أنه
يكفر ولا أعلم أحداً تأول كلام أهل العلم هذا التأويل قبل عفيفي
وقد رد ابن تيمية رداً مطولاً على هذا
القول في الصارم المسلول
قال ابن تيمية في الصارم :" إن سب
الله أو سب رسوله كفر ظاهرا وباطنا وسواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان
مستحلا له أو كان ذاهلا عن اعتقاده هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن
الإيمان قول وعمل"
فجعل المخالفين هم المرجئة فحسب ممن لا
يقول الإيمان قول وعمل
وقال ابن تيمية أيضاً :" وكذلك نقل
عن الشافعي أنه سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى أنه قال: "هو كافر"
واستدل بقول الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} .
وكذلك قال أصحابنا وغيرهم: من سب الله كفر
سواء كان مازحا أو جادا لهذه الآية وهذا هو الصواب المقطوع به"
قال عياض في الشفاء (2/271)
:" وأفتى أبو محمد بن أبي زيد فيما حكي عنه في رجل لعن رجلا ولعن الله فقال
إنما أردت أن ألعن الشيطان فزل لساني فقال يقتل بظاهر كفره ولا يقبل عذره وأما
فيما بينه وبين الله تعالى فمعذور "
وابن أبي زيد هو القيرواني صاحب العقيدة
المشهورة بين الناس
وأحسب أن فتياه هذه مأخوذة من المروي
الثابت عن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنه _
قال البخاري في صحيحه 2641 - حَدَّثَنَا
الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي
حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ
قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ
أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا
نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا
خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ
اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ
نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم