السبت، 14 يونيو 2014

تكفير ابن العطار تلميذ النووي لعلماء الأشاعرة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال ابن العطار تلميذ النووي في كتابه الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد ص52 بعد أن تكلم على تكفير القائلين بخلق القرآن ص 49 :" ويبنغي استنقاص المحرفين من العلماء ، والمغيرين العلم والمذلين له البائعين له بثمن بخس من عرض الدنيا وشهواتها

ومقتضى الكتاب العزيز والسنة النبوية تكفيرهم سواءً كانوا متعمدين أو متأولين ولا يكفر منتقصهم ولا يفسق بل هو مثاب عليه خصوصاً إذا قصد التنفير عما هم عليه وإظهار الدين والقيام به "

أقول : الله أكبر الحمد لله أنطق هذا الرجل ( تلميذ النووي ) بهذا الكلام الذي فيه رد على منتحلي العلم في عصرنا ، ولم ينتفع بهذا الكلام محقق الكتاب ولا المحيل عليه

وتأمل كيف أنه سمى الذين يكفرهم ( علماء ) وذكر أنهم يبدلون الدين محاباةً ومعلوم أن الدولة في عصره كانت للأشاعرة فالمحابي هو من كان على مذهب الأشعري وهذا الرجل الشافعي يتهم القوم بأنهم بائعون لدينهم

ويزعم أن مقتضى النصوص تكفيرهم سواءً كانوا متعمدين أو متأولين

وإن لم ينطبق هذا الكلام على منكري العلو وعامة الصفات فعلى من ينطبق ؟

ثم تأمل تحسينه الظن بمن يكفر المعطلة والجهمية الأشعرية وقوله أنه لا يجوز تفسيقه ولا تبديعه ولا تكفيره خصوصاً إذا قصد حماية الدين فالله أكبر

وقد قال في ص36 :" أحكام المعتقدات في صفاته سبحانه قطعية "

فأين المعتذرين لمنكري العلو ؟

علماً أن كتاب ابن العطار هذا ليس سالماً من الانتقاد بل إن الرجل تكلم بكلام الجهمية في عدد من المسائل

قال ابن العطار في كتابه المذكور في ص35 وهو يتكلم عن القرآن  :" إذ هو صفة من صفاته وهي قديمة "

وهذا اعتقاد الكلابية والسالمية كما شرحته في مقال ( التحذير من مذهب السالمية في القرآن الكريم )

وقوله :" لا يشاركه فيه أحد من البرية لتعاليه عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات "

هذه العبارة اغتر بها العطار لذكر الطحاوي لها وهي عبارة خبيثة أشنع من قول اللفظية الذي أنكره العطار نفسه

قال الدارمي في الرد المريسي :" وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ"

فنفي الحد والغاية بدعة جهمية كان الأئمة يجهمون بمثلها وكلام الدارمي ظاهر في هذا

وقال الذهبي في العرش :" 211- وقال حدثنا علي بن الحسن بن يزيد السلمي، سمعت أبي يقول: سمعت هشام بن عبد الله الرازي، يقول: حُبس رجل في التجهم، فتاب، فجيء به إلى هشام ليمتحنه- فقال له: "أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟. قال: لا أدري ما بائن من خلقه. فقال: رُدَّه فإنه لم يتب بعد".

ونفي الحد الغاية أبلغ من التوقف في البينونة فتأمل

وأيضاً نفى ابن العطار الجلوس والاستقرار والمماسة والحركة

وهذه كلها سكت عليها الحلبي وما علق عليها بشيء

قال ابن سحمان في تنزيه الشريعة  بخصوص الحركة :" وكذلك ما قاله الشارح بعد هذا قال سفيان بن عيينة كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عنه ليس لا حد أن يفسره إلا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . فأقول قد تقدم الكلام على ذلك وإنما مقصود السلف بذلك تأويله وصرفه عن ظاهره . وأما قوله وسمع الامام أحمد رحمه الله شخصاً يروي حديث النزول ويقول ينزل بغير حركة ولا انتقال ، ولا تغير حال ، فانكر الامام أحمد عليه ذلك وقال قل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كان اغير على ربه منك . فاقول نعم قد كان أحمد ينكر هذه الألفاظ التي لم يأت بها كتاب ولا سنة ولا نطق بها أصحاب رسول الله عليه وسلم ولا من بعدهم من التابعين وكان يحب السكوت عن ذلك كما قدمنا ذلك عنه في الحد .
ولأئمة السلف ومنهم أحمد كلام في الحركة والانتقال فنذكر من ذلك ما تبين به صحة مذهب السلف وبطلان ما خالفهم من كلام أهل البدع . قال شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله روحه في العقل والنقل بعد كلام طويل قال فيه : والفعل صفة كمال لا صفة نقص كالكلام والقدرة وعدم الفعل صفة نقص كعدم الكلام وعدم القدرة فدل العقل على صحة ما دل عليه الشرع وهو المطلوب . وكان الناس قبل ابي محمد بن كلاب صنفين فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا .
وهذا فاثبت ابن كلاب قيام الصفات اللازمة به ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك ابو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري وغيرهما وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب ولهذا أمر أحمد بهجره وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب واتباعه ثم قيل عن الحادث أنه رجع عن قوله وقد ذكر الحارث في كتاب فهم القرآن عن أهل السنة في هذه المسألة قولين ورجع قول ابن كلاب وذكر ذلك في قوله تعالى ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) وأمثال ذلك .
وأئمة السنة والحديث على إثبات النوعين وهو الذي ذكره عنهم من نقل مذهبهم كحرب الكرمائي وعثمان بن سعيد الدرامي وغيرهما بل صرح هؤلاء بلفظ الحركة وان ذلك هو مذهب ائمة السلف والحديث من المتقدمين والمتأخرين وذكر حرب الكرمائي قول من لقيه من أئمة السلف كأحمد بن حنبل واسحق بن راهوية وعبدالله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وقال عثمان بن سعيد وغيره : أن الحركة من لوازم الحياة فكل حي متحرك وجعلوا نفي هذا من أقوال الجهمية نفاة الصفات الذين اتفق السلف والأئمة على تضليلهم وتبديعهم ، وطائفة أخرى من السلفين كنعيم بن حماد الخزاعي والبخاري صاحب الصحيح وأبي بكر بن خزيمة وغيرهم كأبي عمر بن عبد البر وأمثاله يثبتون المعنى الذي يثبته هؤلاء ويسمون ذلك فعلاً ونحوه لكن يمنعون عن إطلاق لفظ الحركة لكونه غير مأثور وأصحاب أحمد منهم من يوافق هؤلاء كأبي بكر عبد العزيز وأبي عبدالله بن بطة وأمثالهما ومنهم من يوافق الأولين كأبي عبد الله بن حامد وأمثاله – ثم ذكر كلاماً – طويلاً إلى أن قال : وقال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله المعروفة التي نقلها عن أحمد وإسحق وغيرهما وذكر معهما من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة وغيرهم ما ذكر – إلى أن قال : وادركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أوطعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق وهو مذهب أحمد وإسحق وإبراهيم بن مخلد وعبدالله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم وذكر الكلام في الإيمان والقدر والوعيد والإمامة وما أخبر به الرسول من اشراط الساعة وأمر البرزخ والقيامة وغير ذلك إلى أن قال : وهو سبحانه بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ولله عرش وللعرش حملة يحملونه ، وله حد الله أعلم بحده والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده ولا إله غيره والله تعالى سميع لا يشك ، بصير لا يرتاب ، عليم لا يجهل ، جواد لا يبخل حليم لا يعجل ، حفيظ لا ينسى ، يقظان لا يسهو رقيب لا يغفل ، يتكلم ويتحرك ويسمع ويبصر وينظر ويقبضض ويبسط ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويسخط ويغضب ويرحم ويعفو ويغفر ويعطي ويمنع وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء وكما شاء ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) إلى أن قال : ولم يزل منكلما عالما ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) اهـ .
والمقصود أن ذكر عن أئمة السلف في أفعال الله الاختيارية التي تتعلق بمشيئته وقدرته الحركة فليس لنا أن نعدل عن قولهم ونأخذ بمذاهب أهل البدع وآرائهم  .
وقال شيخ الاسلام أيضاً في العقل والنقل : وقال عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه المعروف ( بنقص عثمان بن سعيد ، علي المريسي الجهمي العنيد ، فيما افترى على الله في التوحيد ) قال : وادعى المعارض أيضاً أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل فيقول هل من مستغفر هل من تائب هل من داع )) قال : وادعى أن الله لا ينزل بنفسه إنما ينزل أمره ورحمته وهو على العرش وبكل مكان من غير زوال لأنه الحي القيوم بزعمه من لا يزول ( قال ) فيقال لهذا المعارض وهذا أيضاً من حجج النساء والصبيان ، ومن ليس عنده بيان ، ولا لمذهبه برهان ، لأن أمر الله ورحمته ينزل في كل ساعة ووقت وأوان ، فمال بال النبي صلى الله عليه وسلم يحد لنزوله الليل دون النهار ويوقت من الليل شطره والاسحار ، أفأمره ورحمته يدعوان العباد إلى الاستغفار ، أو يقدر الامر والرحمة أن يتكلما دونه فيقولا (( هل من داع فأجيبه ؟  هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فاعطيه ؟  )) فإن أقررت مذهبك لزمك أن تدعى أن الرحمة والامر هما اللذان يدعوان العباد إلى الاجابة والاستغفار بكلامه دون الله وهذا محال عند السفهاء فكيف عند الفقهاء ؟ قد علمتم ذلك ولكن تكابرون ؟ وما بال رحمته وأمره ينزلان من عنده شطر الليل ثم يمكثان إلى طلوع الفجر ثم يرفعان لأن رفاعة راوية يقول في حديثه (( حتى ينفجر الفجر )) قد علمتم إن شاء الله تعالى أن هذا التأويل باطل ، ولا يقبله إلا ساهل ، وأما دعواك أن تفسير القيوم الذي لا يزول عن مكانه ولا يتحرك فلا يقبل منكم هذا التفسير إلا بأثر صحيح مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن بعض أصحابه أو التابعين لأن الحي القيوم يفعل ما شاء ويتحرك إذا شاء ويهبط  ويرتفع إذا شاء ، ويقبض ويبسط ويقوم ويجلس إذا شاء ، لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك . كل حي متحرك لا محالة كل ميت غير متحرك  لا محالة . ومن يلتفت إلى تفسيرك وتفسير صاحبك مع تفسير نبي الرحمة ، ورسول رب العزة ؟ إذ فسر نزوله مشروعاً منصوصاً ، ووقت لنزوله وقتاً مخصوصاً ، ولم يدع لك ولاصحابك فيه لعباً ولا عويصاً . انتهى والله أعلم .
"

ولابن تيمية كلام في التسعينية ينص فيه على أن نفي أبي يعلى وأضرابه للحركة مخالف لنص أحمد ويسند عن حرب الكرماني وعثمان الدارمي

والخلاصة أن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات

وهذا إخبار كقولهم ( الحد ) و ( بائن ) يريدون بها تحقيق الصفات ومفارقة الجهمية لذا نقل حرب إجماع أهل السنة على الحركة بمعنى إثبات النزول والمجيء والاستواء على الحقيقة

على أن الكتاب فيه ردود على تأويلات الأشاعرة المتأخرين وإغلاظ للعبارة فيهم لذلك فالرجل يبدو أنه يسير على طريقة البيهقي وأمثاله مع شيء من الزيادة والنقصان

وإنني لأعجب من صالح العصيمي كيف يزعم سلفية ابن العطار بعد هذا كله ؟

وقد غرني بهذا الكلام هو وغيره حتى قرأت الكتاب بتأمل بعد قرأت جزءاً يسيراً منه قبل قرابة عشر سنين

وأعجب منه الحلبي الذي حقق الكتاب وسكت على هذا كله
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم