الاثنين، 28 أبريل 2014

هؤلاء الذين عناهم ابن تيمية ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال الإمام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (4/156) :" أما أن يكون انتحال السلف من شعائر أهل البدع فهذا باطل قطعا فإن ذلك غير ممكن إلا حيث يكثر الجهل ويقل العلم
 يوضح ذلك أن كثيرا من أصحاب أبي محمد من أتباع أبي الحسن الأشعري يصرحون بمخالفة السلف في مثل مسألة الإيمان ومسألة تأويل الآيات والأحاديث يقولون مذهب السلف أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وأما المتكلمون من أصحابنا فمذهبهم كيت وكيت وكذلك يقولون مذهب السلف أن هذه الآيات والأحاديث الواردة في الصفات لا تتأول والمتكلمون يريدون تأويلها إما وجوبا وإما جوازا ويذكرون الخلاف بين السلف وبين أصحابهم المتكلمين هذا منطوق ألسنتهم ومسطور كتبهم
 أفلا عاقل يعتبر ومغرور يزدجر أن السلف ثبت عنهم ذلك حتى بتصريح المخالف ثم يحدث مقالة تخرج عنهم أليس هذا صريحا أن السلف كانوا ضالين عن التوحيد والتنزيه وعلمه المتأخرون وهذا فاسد بضرورة العلم الصحيح والدين المتين "

وهذا الذي ذكره ابن تيمية وقع فيه كثيرون كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن العربي وغيرهم

قال النووي في شرح صحيح مسلم (1/148) :" فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذَاهِبِ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ فَهِيَ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَطَابِقَةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِيمَانِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَنْكَرَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ زِيَادَتَهُ وَنُقْصَانَهُ وَقَالُوا مَتَى قَبِلَ الزِّيَادَةَ كَانَ شَكًّا وَكُفْرًا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ نَفْسُ التَّصْدِيقِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَالْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِزِيَادَةِ ثَمَرَاتِهِ وَهِيَ الْأَعْمَالُ وَنُقْصَانِهَا قَالُوا وَفِي هَذَا تَوْفِيقٌ بَيْنَ ظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الَّتِي جَاءَتْ بِالزِّيَادَةِ وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَبَيْنَ أَصْلِ وَضْعِهِ فِي اللُّغَةِ وَمَا عَلَيْهِ الْمُتَكَلِّمُونَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا حَسَنًا فَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نَفْسَ التَّصْدِيقِ يَزِيدُ بِكَثْرَةِ النَّظَرِ وَتَظَاهُرِ الْأَدِلَّةِ وَلِهَذَا يَكُونُ إِيمَانُ الصِّدِّيقِينَ أَقْوَى مِنْ إِيمَانِ غَيْرِهِمْ بِحَيْثُ لَا تَعْتَرِيهِمُ الشُّبَهُ وَلَا يَتَزَلْزَلُ إِيمَانُهُمْ بِعَارِضٍ بَلْ لَا تَزَالُ قُلُوبُهُمْ مُنْشَرِحَةً نَيِّرَةً وَإِنِ اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِمُ"

فهنا النووي يشهد على أصحابه الأشاعرة بمخالفة السلف في الإيمان ومع ذلك هم أصحابه !

وقال في المجموع شرح المهذب (1/25) :" اخْتَلَفُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَخْبَارِهَا هَلْ يُخَاضُ فِيهَا بِالتَّأْوِيلِ أَمْ لَا فَقَالَ قَائِلُونَ تُتَأَوَّلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا وَهَذَا أَشْهَرُ الْمَذْهَبَيْنِ لِلْمُتَكَلِّمِينَ: وَقَالَ آخَرُونَ لَا تُتَأَوَّلُ بَلْ يُمْسِكُ عَنْ الْكَلَامِ فِي مَعْنَاهَا وَيُوكَلُ عِلْمُهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَعْتَقِدُ مَعَ ذَلِكَ تَنْزِيهَ اللَّهِ تَعَالَى وَانْتِفَاءَ صِفَاتِ الْحَادِثِ عَنْهُ: فَيُقَالُ مَثَلًا نُؤْمِنُ بِأَنَّ الرَّحْمَنَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وَلَا نَعْلَمُ حَقِيقَةَ مَعْنَى ذَلِكَ وَالْمُرَادَ بِهِ مَعَ أَنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى (لَيْسَ كمثله شئ) وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْحُلُولِ وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَوْ جَمَاهِيرِهِمْ وَهِيَ أَسْلَمُ إذْ لَا يُطَالَبُ الْإِنْسَانُ بِالْخَوْضِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا اعْتَقَدَ التَّنْزِيهَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْخَوْضِ فِي ذَلِكَ وَالْمُخَاطَرَةِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّأْوِيلِ لِرَدِّ مُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ تَأَوَّلُوا حِينَئِذٍ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا والله أعلم"

وبغض النظر عن كذبه على السلف ودعواه أنهم مفوضة ، فتأمل كيف صرح بأن أصحابه الذين أولوا النصوص خالفوا طريقة السلف في السكوت ، وهذه الطريقة سار عليها في شرحه على مسلم وحقيقة كلامه أنه لا يمكن الرد على أهل البدع إلا بالتأويل والسلف ما كانوا يتأولون إذن هم عاجزون عن الرد على أهل البدع

وأما ابن حجر فسجل عليه الإمام المجدد مخالفة السلف بعد ذكره لأقوالهم في الإيمان

قال الإمام المجدد في الدرر السنية (1/51) :" وهم معترفون أنهم لم يأخذوا أصولهم من الوحي، بل من عقولهم، ومعترفون أنهم مخالفون للسلف في ذلك، مثل ما ذكر في فتح الباري، في مسألة الإيمان، على قول البخاري: وهو قول وعمل، ويزيد وينقص; فذكر إجماع السلف على ذلك، وذكر عن الشافعي: أنه نقل الإجماع على ذلك، وكذلك ذكر أن البخاري نقله، ثم بعد ذلك حكى كلام المتأخرين، ولم يرده"

بل إنه صرح باعتقاد كلام المتأخرين

قال في شرح البخاري 8/187: "وتعقبه وابن المنيِّر بأن الإيمان لا يتبعض . وهو كما قال …"

وقال ابن حجر في شرح البخاري (4/132) :" وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : حُكِيَ عَنْ الْمُبْتَدِعَة رَدّ هَذِهِ الْأَحَادِيث ، وَعَنْ السَّلَف إِمْرَارهَا ، وَعَنْ قَوْم تَأْوِيلهَا وَبِهِ أَقُول"

فهنا يصرح بشكل جلي بأنه على غير مذهب السلف ، وهذا الذي زار قبره قريباً الطريري

والقرطبي أيضاً له كلام في تفسيره يقطع فيه بأن السلف ما كانوا يؤولون الصفات ومع ذلك سار على خلافه

فهل هذه علامة إرادة هؤلاء القوم للحق ؟

أنهم ينقلون مذهب السلف ويخالفونه ، فتأمل قول ابن تيمية بعد أن قرأ كلام هؤلاء :" أفلا عاقل يعتبر ومغرور يزدجر أن السلف ثبت عنهم ذلك حتى بتصريح المخالف ثم يحدث مقالة تخرج عنهم أليس هذا صريحا أن السلف كانوا ضالين عن التوحيد والتنزيه وعلمه المتأخرون وهذا فاسد بضرورة العلم الصحيح والدين المتين"

وفي هذا عبرة لمن يدندن حول كلام ابن تيمية _ رحمه الله _ في إقامة الحجة وإقامة الحجة عنده شيء كعنقاء المغرب لا حقيقة له وهو يخالف ابن تيمية في عدة مسائل

أولها : أنه يمتنع عن إطلاق ( الجهمية ) على الأشاعرة ويحترز من ذلك أشد الاحتراز لأنه لو فعل لنزل عليهم كلام السلف وإجماعاتهم في تكفيرهم وأشنع مقالات الجهمية وهي إنكار العلو قالها عامة متأخري الأشاعرة 

وخذ هذا النص الذي يقع كالصاعقة على اعتدالهم المزعوم 

قال ابن تيمية في درء تعارض  (6/153) :"  ولهذا كان العامة من الجهمية إنما يعتقدون أنه في كل مكان وخاصتهم لا تظهر لعامتهم إلا هذا لأن العقول تنفر عن التعطيل أعظم من نفرتها عن الحلول وتنكر قول من يقول إنه لا داخل العالم ولا خارجه أعظم مما تنكر أنه في كل مكان فكان السلف يردون خير قوليهم وأقربهما إلى المعقول وذلك مستلزم فساد القول الآخر بطريق الأولى  ومن العجب أن الجهمية من المعتزلة وغيرهم ينسبون المثبتين للصفات إلى قول النصارى كما قد ذكر ذلك عنهم أحمد وغيره من العلماء
 وبهذا السبب وضعوا على ابن كلاب حكاية راجت على بعض السبين إلى السنة فذكروها في مثالبه وهو أنه كان له أخت نصرانية وأنها هجرته لما أسلم وأنه قال لها أنا أظهرت الإسلام لأفسد على المسلمين دينهم فرضيت عنه لأجل ذلك
 وهذه الحكاية إنما افتراها بعض الجهمية من المعتزلة ونحوهم لأن ابن كلاب خالف هؤلاء في إثبات الصفات وهم ينسبون مثبتة الصفات إلى مشابهة النصارى وهم أشبه بالنصارى لأنه يلزمهم أن يقولوا إنه في كل مكان وهذا أعظم من قول النصارى أو أن يقولوا ما ما هو شر من هذا وهو أنه لا داخل العالم ولا خارجه
 ولهذا كان غير واحد من العلماء كعبد العزيز المكي وغيره يردون عليهم بمثل هذا ويقولون إذا كان المسلمون كفروا من يقول إنه حل في المسيح وحده فمن قال بالحلول في جميع الموجودات أعظم كفرا من النصارى بكثير"


فمن ينكر تكفير من يقول ( لا داخل العالم ولا خارجه ) فلينكر تكفير السلف لمن يقول أن الله في كل مكان ومعلوم أن من لم يكفر مثل هذا فهو كافر مثله والقوم اليوم ينكرون التكفير بالتعيين وبالعموم وينكرون حتى التبديع فالقوم في مأزق عظيم والله المستعان

ثانيها : أنه ينكر حتى التكفير المطلق مع أن ابن تيمية في كلامه فرق بين الإطلاق والتعيين في بعض الحالات ولا يمتنع ولا ينهى عن التكفير بالعموم أو الإطلاق فلو قيل " الأشاعرة جهمية والجهمية كفار " لكانت عبارة سلفية محضة لا ينكرها إلا جاهل بمقالات الناس

والصواب أن السلف كفروهم بأعيانهم كالرافضة

ثالثها : أن ابن تيمية يرى أن بلوغ أدلة القرآن والسنة كافية في إقامة الحجة وأما عندكم فمن خالف معلوماً من الدين بالضرورة كمنكري العلو ، وبلغته أدلة الكتاب والسنة وآثار السلف مع حسن قصده وتحريه للحق ! وبقي ضالاً وهذا طعن في الكتاب والسنة وأن القرآن ليس هدى ولا نور ولا تبيان إذ كيف يكون كذلك ولا يكفي لهداية العالم العاقل المتحري للحق في باب التوحيد ! وأن شبهات المتكلمين السخيفة كافية في قطع الطريق على المهتدي به المسترشد

رابعها : أن ابن تيمية ما نفى التبديع وإنما نفى التكفير عن بعض الأعيان الواقعين في بعض المقالات ، وأنتم تنفون التبديع عن الواقع في أشنع المقالات الجهمية

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما استدلوا عليه بكلام ابن تيمية في إقامة الحجة كما في رسائله الشخصية ص177 :" وأما عبارة الشيخ التي لبسوا بها عليك، فهي أغلظ من هذا كله، ولو نقول بها لكفرنا كثيراً من المشاهير بأعيانهم؛ فإنه صرح فيها بأن المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة. فإذا كان المعين يكفر إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم أن قيامها ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله، وخلا من شيء يعذر به، فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله:{ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ } 
 وقوله:{ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} 1. وإذا كان كلام الشيخ ليس في الشرك والردة، بل في المسائل الجزئيات، سواء كانت من الأصول أو الفروع، ومعلوم أنهم يذكرون في كتبهم في مسائل الصفات أو مسألة القرآن أو مسألة الاستواء أو غير ذلك مذهب السلف، ويذكرون أنه الذي أمر الله به ورسوله، والذي درج عليه هو وأصحابه، ثم يذكرون مذهب الأشعري أو غيره، ويرجحونه ويسبون من خالفه. فلو قدرنا أنها لم تقم الحجة على غالبهم، قامت على هذا المعين الذي يحكي المذهبين: مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، ثم يحكي مذهب الأشعري ومن معه؛ فكلام الشيخ في هذا النوع يقول: إن السلف كفّروا النوع، وأما المعين: فإن عرف الحق وخالف كفر بعينه، وإلا لم يكفّروا"

فمن هم هؤلاء المشاهير الذين عناهم الإمام المجدد

وكما أن مضمون قول الأشاعرة تضليل السلف وتجهيلهم فمضمون قول من يعدل أهل الرأي تجهيل السلف واتهامهم بالظلم ، ودعوى المصلحة في كتم السلف دعوى باطلة لأنها اقترن بها التكلم بنقيض كلام السلف فإذا كان من المصلحة ترك الكلام بالحق فهل من المصلحة التكلم بالباطل ؟

والتهويش بعدم وجود إجماع ليس بشيء

فإن الحجة ليست محصورة بالإجماع _ مع أن الإجماع هنا ثابت ثبوت الطود _

خذ مثلاً إبراهيم بن أبي يحيى الكذاب شيخ الشافعي كان الشافعي يعتمد روايته وجرحه الأئمة بالكذب فمن اعتمد روايته اليوم بعد كلام الأئمة فهو ضال صاحب هوى

ودعوى المصلحة إنما هي هروب من المباحثة العلمية وإعلان إفلاس

ولا أعلم أحداً يطلب من شخص السكوت عما يراه حقاً ، مع انتشار ما يراه باطلاً إلا بعض السفهاء اليوم

وبرهان الهوى أنهم لو وجدوا أي كلمة عن شخص يثني على أبي حنيفة فإنهم يذيعونها وينشرونها مع العلم أن هذا الشخص قد تكلم شيوخه وأقرانه ومن هم أعلم منه بجرح مفسر بل ربما ثبت عنه ما يخالف هذا

فدل على الهوى المترسخ وأن هذا الشخص لو كان تكلم بخلاف هذا الكلام لألقي كلامه عندهم في الحش
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم