السبت، 26 أبريل 2014

إن كنت غيوراً حقاً فلا تمكن نساءك من سماع الغناء



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال أحمد في مسنده 21415 - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: " أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي، وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ "

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان :" ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنى فهم أعلم بالإثم الذي يستحقه
ومن الأمر المعلوم عند القوم : أن المرأة إذا استصعبت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء فحينئذ تعطي الليان
 وهذا لأن المرأة سريعة الانفعال للأصوات جدا فإذا كان الصوت بالغناء صار انفعالها من وجهين : من جهة الصوت ومن جهة معناه"

ثم قال :" فأما إذا اجتمع إلى هذه الرقية الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء
 فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا وكم من حر أصبح به عبدا للصبيان أو الصبايا وكم من غيور تبدل به اسما قبيحا بين البرايا وكم من ذي غنى وثروة أصبح بسببه على الأرض بعد المطارف والحشايا وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلت به أنواع البلايا وكم أهدى للمشغوف به من أشجان وأحزان فلم يجد بدا من قبول تلك الهدايا وكم جرع من غصة وأزال من نعمة وجلب من نقمة وذلك منه من إحدى العطايا وكم خبأ لأهله من آلام منتظرة وغموم متوقعة وهموم مستقبلة
 فسل ذا خبرة ينبيك عنه ... لتعلم كم خبايا في الزوايا
 وحاذر إن شغفت به سهاما ... مريشة بأهداب المنايا
 إذا ما خالطت قلبا كئيبا ... تمزق بين أطباق الرزايا
 ويصبح بعد أن قد كان حرا ... عفيف الفرج : عبدا للصبايا
 ويعطي من به يغني غناء ... وذلك منه من شر العطايا "

وهذا فصل نفيس يحتاج إليه كل من يدخل بيته ذلك الجهاز الخبيث التلفاز وأحوال المغنين اليوم زادت عما كان عليه الأمر سابقاً فصار يتزينون كأشد ما يتزين الرجل للمرأة ، ثم إنهم يغنون كلمات هي من أبلغ ما يقال في العشق والغرام وفيها إشارات عديدة لأمر الفاحشة ثم إن ذلك يصور في تمثيليات تشرح جانباً من الأمر وتقربه ، فما قاله ابن القيم ينطبق من باب أولى على حال الغناء اليوم، وحتى غناء النساء اليوم من هذا الباب فإن الفجرة يلقنون النساء كلاماً يغنينه لا تقوله امرأة تجد رائحة العفة

وقد كان سليمان بن عبد الملك يخصي المغنين كي لا يتخذوا غناءهم وسيلة لإغواء النساء

قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس :" كم قد فتنت الأصوات بالغناء من عابد وزاهد وقد ذكرنا جملة من أخبارهم في كتابنا المسمى بذم الهوى أخبرنا محمد بن ناصر نا ثابت بن بندار نا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي ثني محمد بن يحيى عن معن بن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال كان سليمان بن عبد الملك في بادية له فسمر ليلة على ظهر سطح ثم تفرق عنه جلساؤه فدعا بوضوء فجاءت به جارية له فبينما  هي تصب عليه إذا استمدها بيده وأشار إليها فاذا هي ساهية مصغية بسمعها مائلة بجسدها كله إلى صوت غناء تسمعه في ناحية العسكر فأمرها فتنحت واستمع هو الصوت فاذا صوت رجل يغني فأنصت له حتى فهم ما يغني به من الشعر ثم دعا جارية من جواريه غيرها فتوضأ فلما أصبح أذن للناس إذنا عاما فلما أخذوا مجالسهم أجرى ذكر الغناء ومن كان يسمعه ولين فيه حتى ظن القوم أنه يشتهيه فأفاضوا في التليين والتحليل والتسهيل فقال هل بقي أحد يسمع منه فقام رجل من القوم فقال يا أمير المؤمنين عندي رجلان من أهل أيلة حاذقان قال وأين منزلك من العسكر فأومى إلى الناحية التي كان الغناء منها فقال سليمان يبعث اليهما فوجد الرسول أحدهما فأقبل به حتى أدخله على سليمان فقال له ما إسمك قال سمير فسأله عن الغناء كيف هو فيه فقال حاذق محكم قال ومتى عهدك به قال في ليلتي هذه الماضية قال وفي أي نواحي العسكر كنت فذكر له الناحية التي سمع منها الصوت قال فما غنيت فذكر الشعر الذي سمعه سليمان فأقبل سليمان فقال هدر الجمل فضبعت الناقة وهب التيس فشكرت الشاة وهدل الحمام فزافت الحمامة وغنى الرجل فطربت المرأة ثم أمر به فخصى
 وسأل عن الغناء أين أصله وأكثر ما يكون قالوا بالمدينة وهو في المخنثين وهم الحذاق به والأئمة فيه فكتب إلى عامله على المدينة وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أخصي من قبلك من المخنثين المغنين"

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن سبب تأثر النساء والأطفال بالغناء النقص في عقل الفريقين

قال ابن تيمية في الاستقامة :" وهذه نفوس النساء والصبيان فهن اللواتي كن يغنين في ذلك على عهد النبي ص وخلفائه ويضربن بالدف وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم بل كان السلف يسمون الرجل المغنى مخنثا لتشبهه بالنساء ولهذا روى اقرأوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون العجم والمخانيث والنساء

ولهذ لما سئل القاسم بن محمد عن الغناء فقال للسائل با ابن أخي ارأيت إذا ميز الله يوم القيامة بين الحق والباطل ففي أيهما يجعل الغناء فقال في الباطل قال فماذا بعد الحق إلا الضلال"

وقال ابن تيمية أيضاً في اقتضاء الصراط المستقيم :" وليحذر العاقل من طاعة النساء في ذلك، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء".
وأكثر ما يفسد الملك والدول، طاعة النساء، وفي صحيح البخاري، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".
وروي أيضاً: "هلكت الرجال حين أطاعت النساء". وقد "قال صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين لما راجعنه في تقديم أبي بكر: إنكن صواحب يوسف". يريد أن النساء من شأنهن مراجعة ذي اللب كما قال في الحديث الآخر: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب ذي اللب من إحداكن".
ولما أنشده الأعشى -أعشى باهلة- أبياته التي يقول فيها:
.......................... وهن شر غالب لمن غلب
جعل النبي صلى الله عليه وسلم يرددها ويقول: وهن شر غالب لمن غلب". ولذلك امتن الله على زكريا عليه السلام حيث قال: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} وقال بعض العلماء: ينبغي للرجل أن يجتهد إلى الله في إصلاح زوجه له"

والعجب من أحوال الأعراب في هذه الأيام أنهم يطيعون النساء في غلاء المهور والبذخ في حفلات الأعراس وفي إدخال آلات المنكر إلى البيوت ، مع تحريمهم لبعض ما أحل الله من النكاح بحجة العادات والتقاليد وربما رأيت الرجل منهم يخطب إليه الرجل ذو الصلاح والدين والكفؤ في النسب فيرده لأنه لا يراه كفؤاً ويرى أن في ذلك منقصة في حقه ثم يرمي بابنته في وظيفة مختلطة أو ربما جعلها تسافر إلى ديار الكفر التي لا يأمن الرجل فيها على نفسه فضلاً عن المرأة وقد حصل لذلك فساد عظيم ، وما يثقل على النفس وصفه أو ذكر طرف منه ، ومن فعل ذلك بموليته فهو كمن يقدمها للفاحشة والله المستعان

فاعجب لأقوام بلغ بهم تلاعب الشيطان إلى هذا الحد الخطير

قال البخاري في صحيحه 6846 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي

وقال مسلم في صحيحه  2907- [134-...] وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ ، حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ ، قَالَتْ : قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَا رَسُولَ اللهِ ، : أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِأَجْرَيْنِ وَأَرْجِعُ بِأَجْرٍ ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَنْطَلِقَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ ، قَالَتْ : فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ ، قَالَتْ : فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ خِمَارِي أَحْسُرُهُ عَنْ عُنُقِي ، فَيَضْرِبُ رِجْلِي بِعِلَّةِ الرَّاحِلَةِ ، قُلْتُ لَهُ : وَهَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْحَصْبَةِ.

فتأمل غيرة عبد الرحمن على أخته وهو لا يرى أحد

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره 15319- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ, ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ, ثنا شَرِيكٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي سُفْيَانَ, عَنْ جَابِر, فِي هَذِهِ الآيَةِ:" " وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا " , قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَمَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ, يُقَالُ لَهَا: مُسَيْكَةُ, كَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْفُجُورِ, وَكَانَتْ لا بَأْسَ بِهَا وَتَأْبَى, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:  " وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ "  لَهُنَّ".
15320- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ, ثنا أَبُو دَاوُدَ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ كَانَتْ تَزْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَوَلَدَتْ أَوْلادًا مِنَ الزِّنَا, فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ لا تَزْنِينَ؟ قَالَتْ: لا وَاللَّهِ لا أَزْنِي, فَضَرَبَهَا, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:  " وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ "

وقال الطبري في تفسيره حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري أن رجلا من قريش أُسر يوم بدر، وكان عبد الله بن أُبي أسره، وكان لعبد الله جارية يقال: لها معاذة، فكان القرشيّ الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمة، فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان ابن أُبي يُكرهها على ذلك، ويضربها رجاء أن تحمل للقرشيّ، فيطلب فداء ولده، فقال الله:( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ) قال الزهري:( وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول: غفور لهنّ ما أكرهن عليه

فالغيرة من أخلاق أهل الإيمان والدياثة من أخلاق أهل النفاق 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم