الأحد، 20 أبريل 2014

هل ابن عمر يكفر بالمعاصي يا سعود الفنيسان ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فمن الاعتراضات الباردة التي اعترضها سعود الفنيسان على البربهاري

انتقاده لقوله (فمن خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من أمر الدين فقد كفر) وادعى أن في هذا تكفيراً بالمعاصي

وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم فإن هذا الكلام صح نحوه عن ابن عمر

فقد قال ابن عمر :" صلاة السفر ركعتان فمن خالف السنة كفر" رواه عبد الرزاق في المصنف (2/520) عبد بن حميد في مسنده ( 829 )من طريق معمر عن قتادة عن مورق العجلي عن ابن عمر

وفي رواية معمر عن قتادة فيها كلام وقد خولف

فرواه أبان بن يزيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن ابن عمر . رواه ابن عبد البر في التمهيد (11/175) وإسناده قوي

ورواه الطحاوي في شرح المعاني ( 2265 ) أبو نعيم في الحلية (7/185) من طريق شعبة عن قتادة به

ورواه البيهقي في الكبرى (3/140) من طريق أبي التياح عن مورق العجلي عن صفوان به

ورواه الطبراني في (718) من طريق عبد الله بن رجاء عن هشام بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به

قلت : هذا نصٌ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وإن كان سبب الورود قطعي الدخول

لقد وصف ابن عمر الزيادة على الركعتين في السفر بالكفر لأنه رآها من باب البدع العملية ، ومن خالفه من الصحابة لم يجوز البدع وإنما كان له مأخذ آخر وهو أن هذه رخصة ونحن مخيرون بين الرخصة والعزيمة

فإن قلت : ما وجه وصف البدعة العملية بالكفر ؟

قلت : لأنها حكمٌ بغير ما أنزل الله وتشريعٌ من دون كما شرحته في مقال مستقل ،و إليك بعض مما ذكرته هناك

قال الشاطبي في المبتدع:"قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع،لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجريَ على سنن، وصار هو المنفرد بذلك، لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون،وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع، ولم يبق الخلاف بين الناس،ولا احتيج لبعث الرسل – عليهم السلام – فهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا حيث شرع مع الشارع" _ الإعتصام ( 1/50_51)

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فيرسالته فضل الإسلام :" باب ما جاء أن البدعة أشد من الكبائر
وقوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)
قال الشيخ ابن باز في شرحه لكلامه هذا :" والمعنى: أن البدعة أكبر من الكبائر لأنها تنقص للإسلام وإحداث في الإسلام واتهام للإسلام بالنقص، فلهذا يبتدع ويزيد. وأماالمعاصي فهي اتباع للهوى وطاعة للشيطان فهي أسهل من البدعة وصاحبها قد يتوب ويسارع ويتعض، أما صاحب البدعة فيرى أنه مصيب وأنه مجتهد فيستمر بالبدعة نعوذ بالله، ويرى الدين ناقص فهو بحاجة إلى بدعته. ولهذا صار أمر البدعة أشد وأخطر من المعصيةقال تعالى في أهل المعاصي: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)فأهل المعاصي تحت المشيئة،وأما أهل البدع فذنبهم عظيم وخطرهم شديد لأن بدعتهم معناهاالتنقص للإسلاموأنه محتاج لهذه البدعة ويرى صاحبها أنه محق ويستمر عليها ويبقى عليها ويجادل عنها نسأل الله العافية"

اعلم أن كلمة ابن عمر هذه تنطبق على جميع البدع لعموم اللفظ كم قدمنا ، والكفر هنا ليس الأكبر بل الأصغر كما يعلم بداهةً

ومن هذا تعلم عظيم فقه البربهاري حيث قال في شرح السنة :"فمن خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من أمر الدين فقد كفر " ، فإنه أراد البدع التي هي حكمٌ بغير ما أنزل الله وتشريعٌ من دون الله لا فرق في ذلك بين بدعةٍ عملية أو أخرى اعتقادية ، وأراد بالكفر هنا الكفر الأصغر وقد يصل إلى الكفر الأكبر كما هو الشأن في بدعة الرافضة وبدعة الجهمية

وبهذا يستبين لك جهل الفنيسان بالسنة وبألفاظ أهل العلم ويلزمه الطعن في الصحابة ، والبربهاري ذكر الصحابة لأنهم لا يتفقون على شيء إلا ويكون سنة ولا يختلفون على قولين إلا وكان الحق في أحدهما والثالث محدث مخترع

وهل يرى الفنيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته التكفير بالمعاصي حين قال :" أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ فَقَدْ كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ"

وكذا وصف المنتسب لغير أبيه بأنه كفر

قاتل الله الجهل والهوى
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم