الجمعة، 25 أبريل 2014

التنبيه على حديث لا أصل له ينشره المغامسي في فضل الاستغفار



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد اسمتعت لمقطع يذكر فيه صالح المغامسي أنه ورد في الحديث أن من قال (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، سبع مرات، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ)

والحق أنه لا أصل لهذا الخبر بهذا اللفظ وإنما الوارد ثلاث مرات ولا يصح مرفوعاً وإليك تفصيل الكلام عليه

قال الحاكم في مستدركه 1884- أَنْبَأَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاَثًا ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ ، وَإِنْ كَانَ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

أما إنهما قد أحسنا إذ لم يخرجاه إذ أن له علةً

فقد رواه ابن نمير الإمام الثبت عن إسرائيل موقوفاً على ابن مسعود

قال ابن أبي شيبة في المصنف 30063- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ إسْرَائِيلَ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ ثَلاثًا غُفِرَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ.

ورواه معمر عن إسرائيل عن جده موقوفاً على معاذ وفي متنه زيادة إذ قيده ببعد الصلاة

قال عبد الرزاق في المصنف 3195 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " مَنْ قَالَ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ "

ولعل هذا أقوى الوجوه وإلا فتعصيب هذا الاضطراب بإسرائيل أولى من توهيم الثقات

وقد اختلف على أبي إسحاق في هذا الخبر على وجوه

قال ابن حجر في المطالب العالية 10000013 - وقال أبو يعلى : حدثنا عمرو بن حفص ، ثنا سعيد بن راشد ، عن الحسن بن ذكوان ، عن أبي إسحاق ، عن البراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من استغفر الله تعالى في دبر كل صلاة ثلاث مرار » فقال : « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، غفرت له ذنوبه وإن كان فر من الزحف »

الحسن ضعيف

وقال الطبراني في الأوسط 7954 - حدثنا محمد بن يعقوب ، نا يعقوب بن إسحاق ، نا علي بن حميد ، نا عمر بن فرقد البزار ، عن عبد الله بن المختار ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال دبر  كل صلاة : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له ، وإن فر من الزحف » « لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا عبد الله بن المختار ، ولا عن عبد الله بن المختار إلا عمر بن فرقد ، ولا عن عمر بن فرقد إلا علي بن حميد ، تفرد به : يعقوب بن إسحاق »

عمر بن فرقد متروك

وقال الطبراني في الكبير 8541 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّائِغِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَا يَقُولُ رَجُلٌ أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ»

وهذا موقوف على ابن مسعود وأبو إسحاق كان قد اختلط والرواية التي رواها المتثبتون عنه من موقوف معاذ لا ابن مسعود

قال ابن أبي شيبة في المصنف 30062- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ , حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ ثَلاثًا غُفِرَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ.

وشريك قوي الحديث عن أبي إسحاق



وقال هناد في الزهد 913 - حدثنا المحاربي ، عن عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن رجل من بني الحارث ، عن أبي هريرة قال : « من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم  ، وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ولو كان فر من الزحف  »

وهذا موقوف وفيه مبهم وفيه عامر بن يساف أغلظ فيه ابن عدي القول فقال ( منكر الحديث ) وكذا أغلظ فيه ابن معين في رواية وقال أبو حاتم ( صالح ) وضعفه العجلي

وقال أبو نعيم في أخبار أصبهان 1149 - حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، ثنا حاجب بن أركين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا صفوان بن عيسى الزهري ، عن بشر بن رافع ، عن محمد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : « من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاث مرات ، غفر له ، وإن فر من الزحف  »

بشر متروك وفي السند جهالة عظيمة

وقد ورد الخبر مرفوعاً بدون ذكر الثلاثة

قال الترمذي في جامعه 3577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ  قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الشَّنِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ» : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ

فهذا ضعفه الترمذي للجهالة في إسناده فكفانا مؤنته ومن قوى هذا الخبر بالموقوفات السابقة في غفل فإن الموقوفات فيها التقييد بثلاث مرات وهذا ليس فيه هذا القيد

والخلاصة أنه لا يصح مرفوع في الباب

فأما بذكر السبعة فالخبر فيه لا أصل له إنما هو وهم من المغامسي

وأما ذكر الثلاثة فمنكر مرفوعاً

وأما بدون ذكر عدد فالخبر فيه ضعيف وقد صح مقطوعا على مكحول وهو تابعي ولعل هذا ما حمل أبو داود على احتمال جهالة السند في المرفوع

وأما الموقوفات

فلا يصح عن ابن مسعود الخبر وإنما روي عنه بذكر الثلاث والخبر عنه مضطرب

وأما معاذ فالخبر عنه بالتقييد بالثلاثة وبدبر الصلاة والسند إليه فيه مبهم

وأما خبر أبي هريرة ففي سنده مبهم وهو أيضاً بذكر الثلاثة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم