السبت، 19 أبريل 2014

الاستدلال بالفرد الضعيف وترك المتواتر الصحيح برهان إفلاس



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فيستدل بعض الناس في محاولة بائسة لتشويه موقف السلف من أبي حنيفة إمام أهل الرأي

بهذه الأبيات التي رواها الخطيب في تاريخه

قال الخطيب في تاريخه (18/473) : أَخْبَرَنِي أَبُو القاسم الأَزْهَرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن عُمَر الخلال، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن يَعْقُوب، قَالَ: حَدَّثَنَا جدي، قال: أملى علي بعض أصحابنا أبياتا مدح بها عبد الله بن المبارك أبا حنيفة:
رأيت أبا حنيفة كل يوم يزيد نبالة ويزيد خيرا
وينطق بالصواب ويصطفيه إذا ما قال أهل الجور جورا
يقايس من يقايسه بلب فمن ذا تجعلون له نظيرا
كفانا فقد حماد وكانت مصيبتنا به أمرا كبيرا
فرد شماتة العداء عنا وأبدى بعده علما كثيرا
رأيت أبا حنيفة حين يؤتى ويطلب علمه بحرا غزيرا
إذا ما المشكلات تدافعتها رجال العلم كان بها بصيرا

أقول : هذه الأبيات في سندها مبهم

وقد روى الخطيب الشيء الكثير في ثلب أبي حنيفة فلم يترك هذا ويؤخذ بالتعديل فقط أليس هذا دليلاً على الهوى والإفلاس

وإلى الذين لما أفلسوا في البحث العلمي في هذه المسألة وثبت جلياً مخالفتهم لإجماع السلف وفتحهم للباب على مصراعيه للطعن في أئمة السلف واتهامهم بالظلم

أقول : لو كنتم صادقين لأنكرتم على من يتلاعب بهذه الطريقة ولكن كل من كتب في الدفاع عن أهل الرأي ولو بطريقة غير علمية يسكت عنه ( ولا يسعهم إلا الدفاع بطريقة غير علمية )

وإليك مجموعة من الآثار الصحيحة عن ابن المبارك في ثلب أبي حنيفة تجاوزها هذا المستدل على طريقة أهل الأهواء

قال عبد الله بن أحمد في السنة 185 - حدثني أبو الفضل الخراساني ، حدثني إبراهيم بن شماس السمرقندي ، قال قال رجل لابن المبارك ونحن عنده « إن أبا حنيفة كان مرجئا يرى السيف » ، فلم ينكر عليه ذلك ابن المبارك

وقال أيضاً 194 - حدثني عبدة بن عبد الرحيم ، من أهل مرو قال دخلنا على عبد العزيز بن أبي رزمة نعوده أنا وأحمد بن شبويه وعلي بن يونس فقال لي عبد العزيز : يا أبا سعيد ، عندي سر كنت أطويه عنكم فأخبركم ، وأخرج بيده عن فراشه فقال سمعت ابن المبارك يقول : سمعت الأوزاعي يقول : « احتملنا عن أبي حنيفة كذا وعقد بأصبعه ، واحتملنا عنه كذا وعقد بأصبعه الثانية ، واحتملنا عنه كذا وعقد بأصبعه الثالثة العيوب حتى جاء السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلما جاء السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم نقدر أن نحتمله »

وقال أيضاً 292 - حدثني عبدة بن عبد الرحيم مروزي شيخ صالح أنا سلمة بن سليمان ، قال : دخل حمزة البزار على ابن المبارك فقال : يا أبا عبد الرحمن لقد بلغني من بصر أبي حنيفة في الحديث واجتهاده في العبادة حتى لا أدري من كان يدانيه فقال ابن المبارك : أما ما قلت بصر بالحديث فما لذلك بخليق لقد كنت آتيه سرا من سفيان وإن أصحابي كانوا ليلومونني على إتيانه ويقولون أصاب كتب محمد بن جعفر فرواها ، وأما ما قلت من اجتهاده في العبادة فما كان بخليق لذلك لقد كان يصبح نشيطا في المسائل ويكون ذلك دأبه حتى ربما فاتته القائلة (1) ثم يمسي وهو نشيط وصاحب العبادة والسهر يصبح وله فترة

وقال أيضاً 293 - حدثني عبدة بن عبد الرحيم ، قال : سمعت معاذ بن خالد بن شقيق ابن عم ، علي بن الحسن بن شقيق يقول : قدمت من الحج فأدركت ابن المبارك بالعراق فسألته فقلت : يا أبا عبد الرحمن فضل معي من نفقة الحج شيء ترى إلى أن أكتب برأي أبي حنيفة ؟ فقال : « لا » ، فقلت : لم ؟ قال : « لأنه عقل رجل ليس بذاك »

وقال أيضاً 294 - حدثني أبو الفضل الخراساني ، ثنا إبراهيم بن شماس السمرقندي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، بالثغر عن أبي حنيفة ، قال : فقام إليه رجل يكنى أبا خداش ، فقال : يا أبا عبد الرحمن لا ترو لنا عن أبي حنيفة ، فإنه كان مرجئا فلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك ، وكان بعد إذا جاء الحديث عن أبي حنيفة ورأيه ضرب عليه ابن المبارك من كتبه وترك الرواية عنه ، وذلك آخر ما قرأ على الناس بالثغر ، ثم انصرف ومات ، قال : وكنت في السفينة معه لما انصرف من الثغر (1) ، وكان يحدثنا فمر على شيء من حديث أبي حنيفة ، فقال لنا : اضربوا على حديث أبي حنيفة فإني قد خرجت على حديثه ورأيه ، قال : ومات ابن المبارك في منصرفه من ذلك الثغر ، قال : وقال رجل لابن المبارك ونحن عنده : إن أبا حنيفة كان مرجئا يرى السيف فلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك

وقال أيضاً 295 - حدثني عبدة بن عبد الرحيم ، سمعت أبا الوزير محمد بن أعين رضي الله عنه وصي ابن المبارك قال : دخل رجل من أصحاب عبد الكريم على ابن المبارك والدار غاصة بأصحاب الحديث ، فقال : يا أبا عبد الرحمن مسألة كذا وكذا ، قال : فروى ابن المبارك فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال الرجل : يا أبا عبد الرحمن قال أبو حنيفة خلاف هذا فغضب ابن المبارك وقال : أروي لك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تأتيني برجل كان يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم

وقال أيضاً 296 - حدثني القاسم بن محمد الخراساني ، ثنا عبدان ، عن ابن المبارك ، قال : « ما كان على ظهر الأرض مجلس أحب إلي من مجلس سفيان الثوري كنت إذا شئت أن تراه مصليا رأيته وإذا شئت أن تراه في ذكر الله عز وجل رأيته ، وكنت إذا شئت أن تراه في الغامض من الفقه رأيته ، وأما مجلس لا أعلم أني شهدته صلى فيه على النبي صلى الله عليه وسلم قط فمجلس » ثم سكت ولم يذكر فقال : يعني مجلس أبي حنيفة

وقال أيضاً 297 - حدثني محمد بن أبي عتاب الأعين ، نا إبراهيم بن شماس ، قال : صحبت ابن المبارك في السفينة ، فقال : « اضربوا على حديث أبي حنيفة قال قبل أن يموت ابن المبارك ببضعة عشر يوما »

أقول : قد نظرت في مسند ابن المبارك والزهد له والجهاد له والبر والصلة له فلم أجد خبراً واحداً من طريق أبي حنيفة إلا خبراً رواه الحسين المروزي في الزوائد ليس ابن المبارك

وقال أيضاً 299 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : سمعت عبدان ، يقول : سمعت سفيان بن عبد الملك ، يقول : سمعت عبد الله بن المبارك ، يقول في مسألة لأبي حنيفة : « قطع الطريق أحيانا أحسن من هذا »

فهذه عشرة آثار ثابتة عن ابن المبارك في ثلب أبي حنيفة

وليست هذه الآثار في السنة فقط بل كثير منها في تاريخ بغداد وضعفاء العقيلي وغيرها من الكتب
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم