الأحد، 9 فبراير 2014

بيان غلط من ادعى أن الإمام أحمد قال في الواثق (إني لأرى طاعته في العسر واليسر)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فينشر بعض الناس أن الإمام أحمد قال في الخليفة الواثق _ الجهمي الذي قتل الخزاعي _ :" إني لأرى طاعته في العسر واليسر، والمنشط والمكره والأثرة، وإني لآسف عن تخلفي عن الصلاة، وعن حضور الجمعة، ودعوة المسلمين). _ رحمه الله _"

وقد قال ذلك الكاتب عبد الله الفوزان في رسالته المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد

وهذا كذب على أحمد ابن حنبل رحمه الله وإنما قال ذلك في المتوكل السني

جاء في سيرة أحمد رواية صالح ص94 :" بَاب ذكر وُرُود كتاب المتَوَكل إِلَى عبد الله بن إِسْحَاق فِي سَبَب الْعلوِي الَّذِي طلبه

اُخْبُرْنَا الْأُسْتَاذ الإِمَام أَبُو عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي رَضِي الله عَنهُ قِرَاءَة عَلَيْهِ قدم علينا دمشق فِي رَجَب سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن احْمَد المخلدي رَضِي الله عَنهُ قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر عبد الله الاسفرايني قَالَ سَمِعت أَبَا الْفضل صَالح بن احْمَد يَقُول
لما توفّي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَولى ابْنه مُحَمَّد بن عبد الله بن إِسْحَاق كتب المتَوَكل إِلَيْهِ أَن وَجه إِلَى احْمَد بن حَنْبَل أَن عنْدك طلبة أَمِير الْمُؤمنِينَ فوجهه بحاجبه مظفر وَحضر صَاحب الْبَرِيد وَكَانَ يعرف بِابْن الْكَلْبِيّ وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا
قَالَ مظفر يَقُول لَك الْأَمِير قد كتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن عنْدك طلبته
وَقَالَ لَهُ ابْن الْكَلْبِيّ مثل ذَلِك وَكَانَ قد نَام النَّاس فدق الْبَاب وَكَانَ على أبي ازار فَفتح لَهُم الْبَاب وقعدوا على بَابه وَمَعَهُمْ شَيْء فَلَمَّا قرئَ عَلَيْهِ الْكتاب

فَقَالَ لَهُم أبي مَا اعرف هَذَا واني لارى طَاعَته فِي الْعسر واليسر والمنشط وَالْمكْره والاثرة
واني لاسف عَن تخلفي عَن الصَّلَاة جمَاعَة وَعَن حُضُور الْجُمُعَة ودعوة الْمُسلمين
قَالَ أَبُو الْفضل وَقد كَانَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَجه إِلَى أبي
الزم بَيْتك وَلَا تخرج إِلَى جُمُعَة وَلَا جمَاعَة وَإِلَّا نزل بك مَا نزل بك فِي أَيَّام أبي إِسْحَاق
قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ قد امرني أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أحلفك مَا عنْدك طلبة فتحلف
قَالَ إِن استحلفني حَلَفت _ فاحلفه بِاللَّه وبالطلاق أَن مَا عنْدك طلبة أَمِير الْمُؤمنِينَ وَكَأَنَّهُم اومأوا إِلَيّ أَن عِنْده علويا ثمَّ قَالَ لَهُ أُرِيد أَن أفتش مَنْزِلك _
قَالَ أَبُو الْفضل وَكنت حَاضرا فَقَالَ ومنزل ابْنك
فَقَامَ مظفر وَابْن الْكَلْبِيّ وَامْرَأَتَانِ مَعَهُمَا فدفلا فَفَتَّشَا الْبَيْت ثمَّ فتشتا الْمَرْأَتَانِ النِّسَاء
وَقَالَ أَبُو الْفضل ثمَّ دخلُوا إِلَى منزلي ففتشوا الْحَرِيم ثمَّ خَرجُوا
فَلَمَّا كَانَ بعد يَوْمَيْنِ ورد كتاب عَليّ بن الجهم أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ قد صَحَّ عِنْده براءتك مِمَّا قذفت بِهِ وَقد كَانَ أهل الْبدع قد مدوا أَعينهم فَالْحَمْد لله الَّذِي لم يشمتهم بك"

فأحمد قال هذه الكلمة في شأن المتوكل لما اتهم أحمد بأنه يؤوي علوياً يريد الخروج على المتوكل

وأما قوله (قَالَ أَبُو الْفضل وَقد كَانَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَجه إِلَى أبي
الزم بَيْتك وَلَا تخرج إِلَى جُمُعَة وَلَا جمَاعَة وَإِلَّا نزل بك مَا نزل بك فِي أَيَّام أبي إِسْحَاق)

فصالح ابن الإمام أحمد يستحضر شيئاً قديماً وإلا فإن إسحاق بن إبراهيم كان ميتاً عند حصول تلك الحادثة وقول أحمد ما قال

ومعلوم أن المتوكل هو الذي رفع المحنة

وأما الواثق فقد نهى أحمد عن الخروج عليه

قال الخلال في السنة 90- وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى , قَالَ : سَمِعْتُ حَنْبَلاً يَقُولُ فِي وِلاَيَةِ الْوَاثِقِ : اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَطْبَخِيُّ , وَفَضْلُ بْنُ عَاصِمٍ , فَجَاؤُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , فَاسْتَأْذَنْتُ لَهُمْ , فَقَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , هَذَا الأَمْرُ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا , يَعْنُونَ إِظْهَارَهُ لِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : فَمَا تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : أَنْ نُشَاوِرَكَ فِي أَنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ , وَلاَ سُلْطَانِهِ , فَنَاظَرَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَاعَةً , وَقَالَ لَهُمْ : عَلَيْكُمْ بِالنَّكِرَةِ بِقُلُوبِكُمْ , وَلاَ تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ , وَلاَ تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ , وَلاَ تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ

وقد صح عن أحمد ما يدل على أنه لم يكن يرى إسلامه ولكن الذي يظهر أنه منع من الخروج عليه درءً للمفسدة


قال القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية ص20:"
وقد روي عنه ما يعارض هذا؛ فقال في رواية حنبل: "وأي بلاء كان أكبر من الذي كان أحدث عدو الله وعدو الإسلام: من إماتة السنة؟" يعني الذي كان أحدث قبل المتوكل فأحيا المتوكل السنة. وقال فيما رأيته على ظهر جزء من كتب أخي رحمه الله " حدثنا أبو الفتح بن منيع قال " سمعت جدي يقول: كان أحمد إذا ذكر المأمون قال: كان لا مأمون". وقال في رواية الأثرم في امرأة لا ولي لها " السلطان" فقيل له: تقول السلطان، ونحن على ما ترى اليوم؟ وذلك في وقت يمتحن فيه القضاة. فقال " أنا لم أقل على ما نرى اليوم، إنما قلت السلطان". وهذا الكلام يقتضي الذم لهم والطعن عليهم، ولا يكون هذا إلا وقد قدح ذلك في ولايتهم) انتهى.

ولا فرق ظاهر بين المأمون والواثق

وليعلم أنه ليس كل من حكم بكفره أو وقوعه في الكفر يجوز الخروج عليه والتهييج بل لا بد من شروط أخرى وتأمل فقه الحسن البصري في فتنة ابن الأشعث وفقه أحمد في حادثة الواثق تدرك سفه السفهاء الذين يركبون الثورات التي ترفع شعارات الديمقراطية ويسفك فيها الدماء وتنتهك فيها الأعراض ثم يريدون إباحتها بكل طريقة من البتر والاجتزاء والافتراء على الله ورسوله ولو فرضنا أن القدرة توفرت فهل يجوز الخروج تحت راية ديمقراطية والله المستعان 

ومن الناس من يدعي الحمية على دماء المسلمين فهلا كان عنده من الحمية على عقائدهم ما عنده من الحمية على دمائهم 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم