الجمعة، 7 فبراير 2014

وقفات منهجية مع حديث ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله)



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال أبو داود في سننه  3597 - حدثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال جلسنا لعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس فقال
 : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال ( الوحل الشديد ) حتى يخرج مما قال "

أقول : هذا الحديث العظيم فيمن حالت شفاعته دون حد من الحدود فكيف بمن عطل الحدود كلها واستبدلها بعقوبات جاءت من طواغيت الشرق أو الغرب ؟

لا شك أن هذا أعظم بلاءً ومثل هذا أحوج إلى أن يدعى له بالصلاح من أن يمدح ويطرى ولا يجوز لمسلم أن يحب من كان هذا شأنه فإن الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله

والخروج مراعاة للمصلحة لا يعني الجنوح إلى ما يعاكس ذلك من المنافحة بالباطل والاحتفاء بالصور والتصريح بالمحبة والتبني لهم فيقولون ( أبناء فلان وأبناء فلان ) في بعض أئمة الجور وهذا مع كونه من الانتساب لغير الأب ففيه ما ذكرنا

قال الإمام مسلم في صحيحه 4832- [65-1855] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ رُزَيْقِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ ؟ فَقَالَ : لاَ ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ ، وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ.

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 22353- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ ، قَالَ : حدَّثَنَا عَوْفٌ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ ، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : إنَّ مِنْ إجْلاَلِ اللهِ إكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلُ الْقُرْآنِ غَيْرُ الْغَالِي فِيهِ وَلاَ الْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامُ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ.

فالمستحق للتعظيم السلطان المقسط لا سواه ، وغير المقسط وإن نهي عن الخروج عليه لا يعظم التعظيم الذي لا يستحقه إلا العادلون فكيف بالعلماني الزنديق

وأعظم الأمن الأمن غضب الله عز وجل وقد جاء في الخبر ( وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ، إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)

فترك تحكيم كتاب الله في كل صغير وكبير سبب لفقدان الأمن وتباغض القلوب 

قال الله تعالى : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )

ومن كفران النعم مؤاخاة الرافضة واللجوء إلى الديمقراطية والعلمانية والليبرالية

ولا تستروح كثيراً لما قاله جمع من أئمة الإسلام من أن المرجئة يرون السيف فهذا وإن كان في أكثرهم حتى  بعض المعاصرين منهم اليوم جمعوا بين الإرجاء والسيف( وأعني به تجويز الخروج على الفاسق مطلقاً )

إلا أن هناك ضرباً من المرجئة مع السلطان

قال الساجي في يونس بن بكير : قال الساجي وكان صدوقا إلا أنه كان يتبع السلطان وكان مرجئا.

وكذا قالها ابن معين

وهذا أبو يوسف صاحب أبي حنيفة أنكر على أستاذه القول بالسيف ومع ذلك هو مرجيء

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/ 508) :" وهذه طريقة خيار هذه الأمة قديما وحديثا وهى واجبة على كل مكلف وهى متوسطة بين طريق الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشىء عن قلة العلم وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك ملك طاعة الأمراء مطلقا وأن لم يكونوا أبرارا ونسأل الله أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه من القول والعمل والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"

فصرح بأن هناك مرجئة في باب التعامل مع الولاة يقابلون الحرورية

وكذا قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/412) :" ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة أنه لا يسب ولا يحب قال صالح ابن أحمد بن حنبل قلت لأبي إن قوما يقولون إنهم يحبون يزيد قال يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر فقلت يا أبت فلماذا لا تلعنه قال يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحدا"

وإذا كان هذا يقال في يزيد بن معاوية _ رضي الله عن أبيه وجده وإن رغمت أنوف _ وقد كان يحكم بالشرع بل الإسلام كان عزيزاً في الجملة في وقته وكان ظهور منحسراً

فما عسى أن يقال فيمن لا يحكم بالشرع وانتشر في زمانه بدع عظيمة بل كفر كثير ككفر القبورية والليبرالية والعلمانية والجهمية والرافضة والإسماعيلية

وجاء في الأربعين المتباينة السماع لابن حجر العسقلاني ص96 :" سئل شيخنا عن لعن يزيد بن معاوية وماذا يترتب على من يحبه ويرفع من شأنه فأجاب أما اللعن فنقل فيه الطبري المعروف بالكيا الهراسي الخلاف في المذاهب الأربعة في الجواز وعدمه فاختار الجواز ونقل الغزالي الخلاف واختار المنع وأما المحبة فيه والرفع من شأنه فلا تقع إلا من مبتدع فاسد الاعتقاد فإنه كان فيه من الصفات ما يقتضي سلب الإيمان عمن يحبه لأن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان والله المستعان"

وهذه فتيا فيها شدة وابن حجر لا يعتمد في هذا وإنما المراد التنبيه على أصل المسألة

وهنا لطيفة : وهي أن السمع والطاعة لا يخرج المرء عن كون خارجياً إذا كان يدين ببعض قولهم

قال ابن أبي شيبة في المصنف 7647- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، قَالَ : سَأَلْتُ مَيْمُونًا ، عَنْ رَجُلٍ فَذَكَرَ ، أَنَّهُ مِنَ الْخَوَارِجِ ، فَقَالَ : أَنْتَ لاَ تُصَلِّي لَهُ إنَّمَا تُصَلِّي لِلَّهِ قَدْ كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَكَانَ حَرُورِيًّا أَزْرَقِيًّا.

وهذا صحيح إلى ميمون بن مهران والحجاج معروف أنه من غلاة طاعة بني أمية ولكنه هو الذي خرج على ابن الزبير وكان يدين ببعض قول القوم مع أنه من أكثر الأمراء قتالاً للخوارج

قال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه 1102 - حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا سيار بن حَاتِم أَبُو سَلمَة الْعَنزي قَالَ حَدثنَا جَعْفَر قَالَ حَدثنَا مَالك بن دِينَار قَالَ سَأَلت سعيد بن جُبَير وَهُوَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام يَا أَبَا عبد الله مَا أميركم هَذَا قَالَ يُفَسر الْقُرْآن تَفْسِيرا أزرقيا فِي طَاعَة شامية يَعْنِي الْحجَّاج

ومثل الحجاج من حمل حديث ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) على الكفر الأكبر ليتوصل إلى تكفير فئة معينة 



وأسوأ حالاً من محكمي القوانين الوضعية المستحلين بل الداعين إلى إسقاط بعض الحدود الشرعية والأحكام المرعية كحكم الجزية وحد المرتد وجهاد الطلب وعدم قتل المسلم بالكافر كما فعل مصطفى السباعي وراشد الغنوشي وغيرهم في تصانيف معروفة

وقد بلغ من إلحاد بعضهم أن استدل بإسقاط عمر لحد السرقة في عام المجاعة على إسقاط حد الردة الآن !

وهذا من أعجب القياس وأسخفه فإن المرء قد يشرف على الموت من المجاعة فيسرق غيره ، وأما الردة فما الذي اضطر الناس إليها وإنما ذلك يكون في حالات فردية يكون فيها المرء مضطراً للتلفظ بالكفر وقلبه مطمئن بالإيمان

وتأمل شدة الصديق في أمر الردة وإصراره على قتالهم مع أنهم كانوا ذوي شوكة ومنعة وقبائل كثيرة فحمى الله الإسلام بذلك




ومن المضادين لله في ملكه المخذلون عن أهل البدع فإن الرد على أهل البدع وتطبيق منهج السلف معهم أنفع من إقامة كثير من الحدود فإن من الحدود ما مقصده حفظ المال كحد السرقة ومنها ما قصده حفظ العقل كحد شارب الخمر

وأما الرد على أهل البدع فمنفعته عامة ونفعه على الدين حتى عده بعض السلف أفضل من عبادة ستين سنة

بل إن مضادة صاحب البدعة لله عز وجل أعظم من مضادة من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فإنه مشرع مع الله فإذا أضيف إلى هذا رد السنة وتضليل أهلها اكتمل الخسران

وبعض الناس يزعم حرب الطواغيت ويخص الطواغيت ببعض من سماهم أهل العلم طواغيت وينسى أن أهل العلم عدوا الرأس في كل ضلالة طاغوتاً

فالرأس في ضلالة الرأي طاغوت والرأس في ضلالة التجهم الصريح أو تجهم المخنثين طاغوت ، فأنت أيها الدعي إنما تحارب من ترجو من محاربته مصلحة دنيوية من تحصيل ملك أو غيره

جاء في الدرر السنية (12/55) :" قال النووي: قال الليث وأبو عبيدة والكسائي، وجماهير أهل اللغة: الطاغوت: كل ما عبد من دون الله ; وقال الجوهري: الطاغوت الشيطان، وكل رأس في الضلالة، انتهى"

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/290) :" وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةَ كُلَّهَا أَدْوِيَةٌ نَافِعَةٌ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهَا مَرَضُ الْقُلُوبِ وَهِيَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَرَأْفَتِهِ بِهِمْ الدَّاخِلَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } فَمَنْ تَرَكَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ النَّافِعَةَ لِرَأْفَةِ يَجِدُهَا بِالْمَرِيضِ فَهُوَ الَّذِي أَعَانَ عَلَى عَذَابِهِ وَهَلَاكِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ إلَّا الْخَيْرَ إذْ هُوَ فِي ذَلِكَ جَاهِلٌ أَحْمَقُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ الْجُهَّالِ بِمَرْضَاهُمْ وَبِمَنْ يُرَبُّونَهُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَغِلْمَانِهِمْ وَغَيْرِهِمْ فِي تَرْكِ تَأْدِيبِهِمْ وَعُقُوبَتِهِمْ عَلَى مَا يَأْتُونَهُ مِنْ الشَّرِّ وَيَتْرُكُونَهُ مِنْ الْخَيْرِ رَأْفَةً بِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبَ فَسَادِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ وَهَلَاكِهِمْ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ تَأْخُذُهُ الرَّأْفَةُ بِهِمْ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ وَذَوْقِهِ مَا ذَاقُوهُ مِنْ قُوَّةِ الشَّهْوَةِ وَبُرُودَةِ الْقَلْبِ وَالدِّيَاثَةِ فَيَتْرُكُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَظْلَمِ النَّاسِ وأديثهم فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَنُظَرَائِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَرْضَى قَدْ وَصَفَ لَهُمْ الطَّبِيبُ مَا يَنْفَعُهُمْ فَوَجَدَ كَبِيرُهُمْ مَرَارَتَهُ فَتَرَكَ شُرْبَهُ وَنَهَى عَنْ سَقْيِهِ لِلْبَاقِينَ"

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس رأفة بالأمة أقام حد شارب الخمر على رجل يعلم أنه يحب الله ورسوله

قال الدولابي في الكنى حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَنْبَأَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: " قَدِمْتُ الْمَدِينَةََ فَنَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِي فَعَقَلْتُهَا وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَحْلًّ عِقَالَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فَاعِلٌ بِأُمِّهِ، فَقَدَّمَنِي إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَضَرَبَنِي ثَمَانِينَ سوطًا، فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ:
[البحر الكامل]
أَلَا لَو تَرَوْنِي يَوْمُ أُضْرَ ... بُ ثَمَانِينَ سوطًا إِنَّنِي لَصَبُورٌ

فلم يسقط أبو هريرة عنه الحد بالشبهات الواهية التي تستخدم اليوم كقولهم ( لعله غاضب ) والتي ينافح بها بعض الناس عن سابي الله عز وجل والله المستعان

وصاحب البدعة مستحق للعقوبة للحفاظ على الدين

ومن مضادة الله في ملكه رفض أحكام السلف التي أجمعوا عليها وأقاموا عليها البراهين في الجهمية وأهل الرأي

قال ابن بطة في الإبانة الكبرى (6/31) :" ولكن الجهمية الملحدة تجحده كله وتنكره ، فتجحد القرآن وترد الآثار ، فمن أنكر أن الله كلم موسى كلاما بصوت تسمعه الأذنان وتعيه القلوب ، لا واسطة بينهما ، ولا ترجمان ولا رسول ، فقد كفر بالله العظيم وجحد بالقرآن ، وعلى إمام المسلمين أن يستتيبه ، فإن تاب ورجع عن مقالته ، وإلا ضرب عنقه ، فإن لم يقتله الإمام وصح عند المسلمين أن هذه مقالته ففرض على المسلمين هجرانه وقطيعته ، فلا يكلمونه ، ولا يعاملونه ، ولا يعودونه إذا مرض ، ولا يشهدونه إذا مات ، ولا يصلى خلفه ، ومن صلى خلفه أعاد الصلاة ، ولا تقبل شهادته ، ولا يزوج ، وإن مات لم ترثه عصبته من المسلمين إلا أن يتوب"

فانظر كيف فرق ابن بطة بين فعل الإمام مع المتلبس بالكفر ، وفعل العامة مما يبطل بدعة ( دعاة لا قضاة ) وتخصيص الحكم بالتكفير في القضاة ، فما كان أحمد قاضياً ولا ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب وسلطان العلم أعلى من سلطان القضاء

واليوم القائل بهذه المقالة التي يتكلم عنها ابن بطة وما هو أعظم منها من إنكار صفة العلو وغيرها من الصفات يقال عنه ( من أهل السنة ) و ( من بدعه هو المبتدع )

بل اعجب ممن يقول ( من وقع في بدعة ولم تقم عليه الحجة فليس صاحب البدعة ، ومن قامت عليه الحجة فهو مبتدع )

فإذا تكلم في واقع في عدد من البدع الظاهرة كإنكار العلو والحرف والصوت والتخبط في مسائل الإيمان والقدر والنبوات وتوحيد الألوهية لم يطلق عليه ( صاحب بدعة أو مبتدع )

وبعضهم يرد على داعية شرك فيصدر رده ب( رد على الأخ فلان ) فيسمي داعية الشرك أخاً له وما كان هذا هدي السلف مع أصحاب البدع المفسقة فكيف بدعاة الشرك 

وهذا الذي نبهت عليه قد وقع فيه أكثر الناس اليوم والله المستعان

جاء في جزء دعلج  (32) أخبرنا أبو محمد دعلج بن أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب: حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه: حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو: أخبرني أزهر بن عبد الله الحرازي، عن عبد الله بن بسر قال: كان يقال: إذا جلست في قوم فيهم عشرون رجلا أقل أو أكثر فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم أحدا يهاب في الله عز وجل فاعلم أن الأمر قد رق

وهذا صحيح وقد جلسنا إلى أكثر من هؤلاء فلم نجد من أراد فيبدو أنه قد رق حقاً


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم