السبت، 16 نوفمبر 2013

الكلام على حديث : ( لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر اذا استجمعت غليا )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                  
قال الطبراني في الكبير  598 : حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه عن أبيه عن المقداد بن الاسود قال :
 جاءنا المقداد بن الاسود لحاجة له فقلنا اجلس عافاك الله حتى تطلب حاجتك قال : العجب من قوم مررت بهم آنفا يتمنون الفتنة يزعمون ليبتليهم الله فيها بما ابتلى رسوله صلى الله عليه و سلم واصحابه وأيم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ان السعيد لمن جنب الفتن يرددها ثلاث مرات وان ابتلي فصبر
وأيم الله لا أشهد لأحد من أهل الجنة حتى أعلم ما يموت عليه بعد حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
 لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر اذا استجمعت غليا
      
عبد الله بن صالح كاتب الليث كان يدخل عليه وفيه ضعف ، وقد خالفه الليث بن سعد فروى الحديث ولم يذكر زيادة (لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر اذا استجمعت غليا) فدل على نكارتها

قال أبو داود في سننه 4263 : حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي قال ثنا حجاج يعني ابن محمد قال ثنا الليث بن سعد قال حدثني معاوية بن صالح أن عبد الرحمن بن جبير حدثه عن أبيه عن المقداد بن الأسود قال
 ايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلى فصبر فواها .


وقد روى ابن بطة الخبر المذكور من طريق الليث بن سعد بالزيادة التي استنكرتها على عبد الله

قال ابن بطة في الإبانة 749 : حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان النعماني الباهلي قال : حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا حجين ، قال : حدثنا الليث ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن المقداد بن الأسود : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
 لقلب ابن آدم أسرع انقلابا من القدر ، إذا استجمعت غليا .
 وقال : إن السعيد لمن جنب الفتن , يرددها ثلاثا .

وابن بطة رحمه الله على علمه وفضله كان ضعيفاً في الحديث .
 ولا تصدنك هذه الفائدة عن كتابه الإبانة فإنه كتاب جليل وعامة الأخبار التي فيه ثابتة في مصادر أخرى ، وضعفه مع مخالفة رواية أبي داود لروايته يجعل هذه الزيادة منكرة من طريق الليث

وابن بطة هنا نقص في سنده فجعل الليث مخالفاً لعبد الله بن صالح  في السند

فإن عبد الله بن صالح رواه من طريق ( عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن المقداد )

والليث في رواية ابن بطة من طريق ( عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن المقداد مباشرة )

وعبد الرحمن لم يسمع المقداد إذ أن المقداد مات سنة 33 فهو متقدم الوفاة جداً مات قبل عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير من الطبقة التي تلي الوسطى من التابعين وهذه الطبقة لا تدرك متقدمي الوفاة أمثال المقداد وأبي الدرداء

فلو فرضنا ان هذه الرواية محفوظة فهي منقطعة

قال أحمد في مسنده 23816 : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا الْفَرَجُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: لَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ خَيْرًا وَلَا شَرًّا حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُخْتَمُ لَهُ، يَعْنِي بَعَدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ: وَمَا سَمِعْتَ؟
 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: .
لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلَابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا.

الفرج ضعيف وسليمان بن سليم ليس تابعياً أصلاً فروايته عن الصحابي منقطعة ولا شك

ورواه المحاملي وزاد في إسناده

قال المحاملي في أماليه 322 : حدثنا محمد بن عمرو بن حنان قال: حدثنا بقية قال: حدثنا الفرج بن فضالة قال: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ انْقِلابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا.

ويحيى بن جابر هذا لم يسمع المقداد يقيناً

قال العلائي في جامع التحصيل :" 868 - يحيى بن جابر الطائي أخرج له أبو داود عن عوف بن مالك وجبير بن نفير والترمذي والنسائي عن المقداد بن معدي كرب وروى أيضا عن عبد الله بن حوالة وأبي ثعلبة النهدي والنواس بن سمعان وذكر المزي في التهذيب أن حديثه عن هؤلاء كلهم مرسل لم يلقهم"

وهؤلاء عامتهم ماتوا بعد المقداد

ولا تصلح روايته لتقوية رواية عبد الرحمن بن جبير بن نفير المنقطعة من طريق الليث على فرض أنها محفوظة لأمرين

الأول : أن الانقطاع في نفس المكان في السند وهو بين التابعي والصحابي والتابعيان من الشام فاحتمال عود السند إلى كونه إسناداً واحداً وراد بقوة

الثاني : أن يحيى بن جابر من تلاميذ عبد الرحمن بن جبير أصلاً وروايته عنه في صحيح مسلم فقد يكون هو الساقط من السند فيبقى السند على انقطاعه

غير أن محمد بن عمرو بن حنان قد خولف عن بقية

فقال ابن أبي عاصم في السنة 226: حَدَّثَنَا عمرو بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ مَا آمَنُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا

فجعل عمرو بن عثمان عبد الله بن سالم الثقة مكان الفرج بن فضالة الضعيف
ورواية محمد بن عمرو بن حنان عندي أرجح لوجهين

الأول : أن الحديث معروف من حديث فرج بن فضالة ، وخرجه أحمد في المسند من طريقه ولو كان محفوظاً عند الأئمة من حديث عبد الله بن سالم لخرجوه واستغنوا به عن حديث فرج بن فضالة

الثاني : أن إسناد محمد بن عمرو بن حنان أصعب وأبعد عن الجادة

وقد يكون بقية اضطرب فيه وجعل الحمل عليه أولى من توهيم الثقات

وعليه فخبر (لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلَابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا) لا يثبت من هذه الطرق ولا أعرف له طرقاً غيرها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم