الجمعة، 15 نوفمبر 2013

الكلام على حديث : ( الدِّينارُ كنزٌ ، والدِّرهمُ كنزٌ ، والقِيراطُ كنزٌ )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار 1272 : فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ النُّعْمَانِ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيَشَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
 الدِّينَارُ كَنْزٌ، وَالدِّرْهَمُ كَنْزٌ، وَالْقِيرَاطُ كَنْزٌ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: أَمَّا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُمَا فَمَا الْقِيرَاطُ ؟ قَالَ: " نِصْفُ دِرْهَمٍ، نِصْفُ دِرْهَمٍ .
      
أقول : قد استنكر أبو حاتم هذا الحديث وضعفه المناوي في فيض القدير

قال ابن أبي حاتم في العلل :" 637: وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ ابنُ وهبٍ ، قال : أخبرنِي ابنُ لهِيعة ، عنِ ابن هُبيرة ، عنِ أبي تمِيمٍ ، عن أبِي هُريرة ، عن رسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، أنّهُ قال : الدِّينارُ كنزٌ ، والدِّرهمُ كنزٌ ، والقِيراطُ كنزٌ فقِيل : يا رسُول اللهِ ، أمّا الدِّينارُ والدِّرهمُ قد عرِفناهُ ، فما القِيراطُ ؟ قال : نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ دِرهمٍ.
قال أبِي : هذا حدِيثٌ مُنكرٌ"

فإن قلت : إذا كان الراوي له عن ابن لهيعة ابن وهب فلماذا يستنكره ؟

فالجواب : أن من أهل العلم من يذهب على تضعيف ابن لهيعة مطلقاً ، وربما كان السبب في الاستنكار تدليس ابن لهيعة

قَال ابن حبان في [المجروحين]:" كان شيخا صالحا ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه. وَقَال أيضا: قد سبرت أخبار ابن لَهِيعَة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا "

وقد كان عدد من المشتغلين يعلون الأخبار بتدليس ابن لهيعة

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/446) وهو يتكلم على بعض الأحاديث :" رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو مدلس وفيه ضعف"

قال ابن كثير في تفسيره (5/404) :" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "لَيْسَ بِقَوِيٍّ " وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعة قَدْ صَرح فِيهِ بِالسَّمَاعِ، وَأَكْثَرُ مَا نَقَموا عَلَيْهِ تدليسه "

وذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة من مراتب المدلسين 

وقال في نتائج الأفكار (4/ 458 :" ومتابعة ابن لهيعة له فيها نظر، لأنه مدلس وقد عنعنه"
وقد عنعن هنا .
 وفي السند غرابة فالجيشاني لا يعرف بالرواية عن أبي هريرة ، ويستبعد ان ينفرد أهل مصر بسنة عن أبي هريرة من دون أهل المدينة.
  ثم إن هناك إشكالاً في متن الحديث ، فقد روى البخاري في صحيحه :" بَابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَة "

والدرهم والدينار لا يصلان إلى خمس أواق فكيف يكون فيها زكاة ، وإذا لم يكن فيها زكاة فكيف يقع عليه مسمى الكنز وقد صح عن جمع من الصحابة أنهم قالوا :"ما أدي زكاته فليس بكنز " ، فدل على أن مسمى الكنز لا يقع إلا على المال الذي حقت فيه الزكاة والدينار والدرهم لا تحق فيما الزكاة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم