الأحد، 24 نوفمبر 2013

الكلام على أحاديث ( دعاء الخروج من المنزل )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                   
قال الترمذي في علله [673]: حَدَّثَنا سعيد بن يحيى، حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا ابن جريج عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال يعني إذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان.
سَألْتُ مُحَمدًا عن هذا الحديث، فقال: حدثوني عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج بهذا الحديث ولا أعرف لابن جريج عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة غير هذا الحديث ولا أعرف له سماعا منه. اهـ ...

وجاء في العلل للدارقطني: [2346] وسُئِل عَن حَديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم: من قال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
فقال: يرويه ابن جريج، واختُلِفَ عنه؛
فرواه يحيى بن سعيد الأموي، وحجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.
ورواه عبد المجيد بن أبي روّاد - وهو أثبت الناس في ابن جريج، قال: حدثتُ عن إسحاق. والصحيح أن ابن جريج لم يسمعه من إسحاق.انتهى

أقول: وابن جريج إذا قال [حدثت] فخبره ساقط ضعيفٌ جداً

قال عَبد الله بن أحمد في العلل: قال أبي: بعض الأحاديث التي كان يرسلها ابن جُرَيْج أحاديث موضوعة. كان ابن جُرَيْج لا يبالي من أين يأخذها، يعني قوله: أخبرت، وحدثت عن فلان - [2 / الترجمة 5226]
وقد روي موقوفاً على ابن مسعود.

قال الطبراني في الكبير [8889] حدثنا أبو مسلم ثنا عبد الله ثنا المسعودي عن عون قال كان عبد الله إذا خرج من بيته قال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله فقال محمد بن كعب القرظي هذا في القرآن {اركبوا فيها بسم الله} وقال: على الله توكلنا
أقول: وعون لم يسمع عبد الله , وليس فيه قوله [هديت ووقيت وتنحى عنه الشيطان]

وقال الطبراني في الدعاء ص141 : حدثنا محمد بن عيسى بن شيبة المصري ثنا محمد بن أبي معشر ثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أحدكم أن يخرج من المسجد فليقل بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال يقول الشيطان ليس بيني وبين هذا عمل.
أقول: أبو معشر السندي ضعيف، وضعفه بعضهم جداً، ولعل ذلك لما حدث به من المناكير بعد اختلاطه , وهو في الخروج من المسجد وليس في الخروج من المنزل فلا يصلح شاهدا لحديث الباب.

وَقَال أبو بكر بن أَبي خيثمة أيضاً: سمعت محمد بن بكار ابن الريان يقول: قد كان أبو معشر تغير قبل أن يموت تغيرا شديدا حتى كان يخرج منه الريح ولا يشعر بها. [نقله المزي في تهذيب الكمال]

وَقَال ابن حبان: كان ممن اختلط في آخر عُمَره وبقي قبل أن يموت سنتين في تغير شديد لا يدري ما يحدث به فكثر المناكير في روايته من قبل اختلاطه فبطل الاحتجاج به. [المجروحين: 3/ 60]
أقول: وليس في خبر أبي معشر قوله (هديت ووقيت )

وأما حديث أم سلمة في دعاء الخروج من المنزل
فقال الترمذي في جامعه [3427]: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن منصور عن عامر الشعبي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نظلم أو نظلم أو نجهل أو يجهل علينا.

أقول: قد تكلم ابن المديني في سماع الشعبي من أم سلمة، وتعقبه المنذري بأنه قد أدركها
فرد عليه ابن حجر في نتائج الأفكار بقوله (1/ 159): ولا يقال اكتفى بالمعاصرة لأن محل ذلك أن لا يحصل الجزم بانتفاء سماع المتعاصرين إذا كان النافي واسع الإطلاع مثل ابن المديني. اهـ
ونقل الآجري عن أبي داود أنه أثبت سماعه منها 

وسؤالات الآجري والآجري ومن يروي عنه لم أقف له على توثيق ، ولم أقف على رواية للشعبي يصرح فيها بالسماع من أم سلمة فقول ابن المديني أقوى ، ولا يقال المثبت مقدم على النافي بل المسألة راجعة للأدلة والبينات والمعاصرة معلومة للفريقين ولا يجهلها حافظ على أن السند لأبي داود فيه جهالة
وكذلك أثبت سماعه منها الحاكم بل وادعى أنها سمع منها وأكثر ، ولو كان كما قال لما خفي على ابن المديني وتساهل الحاكم معروف ، ودعاويه الكبيرة المخالفة لما عليه المتقدمون كثيرة منها قوله أنهم أجمعوا على أن علياً أول من أسلم وأنهم أجمعوا على تكذيب ابن قتيبة فمثله لا يقوى على معارضة ابن المديني

ثم إن زيادة (بسم الله ) انفرد بها سفيان عن منصور وخالفه شعبة ولم يذكرها

وروى سفيان هذا الحديث عن زبيد عن الشعبي مرسلاً، ولم يذكر البسملة
قال النسائي في الكبرى [9914] أخبرنا سليمان بن عبيد الله بن عمرو قال حدثنا بهز قال حدثنا شعبة عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال اللهم إني أعوذ بك من أن أزل أو أضل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي
رواه سفيان وزاد فيه باسم الله توكلت على الله

[9915] أخبرنا محمود بن غيلان قال ثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نظلم أو نظلم أو نجهل أو يجهل علينا
رواه زبيد عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

[9916] أخبرنا محمد بن بشار عن حديث عبد الرحمن عن سفيان عن زبيد عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يذكر بسم الله.

أقول: وقد رجح الدارقطني في العلل رواية منصور ومن تابعه، وسفيان أحفظ من شعبة، ومنصور أحفظ من زبيد فزيادته مقبولة
والخلاصة على نقاط:
النقطة الأولى: عدم صحة حديث(  بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وخصوصاً زيادة (يقال له هديت ووقيت) لشدة ضعفها، وعدم وجود شواهد لها.

النقطة الثانية: حديث أم سلمة الطويل في دعاء الخروج من المنزل الذي يظهر أن الشعبي لم يسمعه منها غير أن هذه العلة يسيرة ومحتملة يبقى الحديث يعمل به مع وجودها

النقطة الثالثة: اختلف في زيادة (البسملة) في حديث أم سلمة، وقد انفرد بها سفيان عن منصور .
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم