الاثنين، 23 سبتمبر 2013

من العجائب : غني يتودد وفقير يعرض !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )

وفقرنا يا أخوة ذاتي وغنى الله عز وجل ذاتي
فلا غنى لنا عن فضله ورحمته ورزقه وعفوه ومغفرته
قال الله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
وقال الله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)
فهو سبحانه يستقرضنا فهو الغني ونحن الفقراء ومن ينفق منا في سبيله إنما ينفع نفسه
فانظر العجب يستقرضنا وهو الغني ليشكر لنا وهو الشكور الغفور ويعرض أكثر بني آدم وهم الفقراء

قال الطبري في تفسيره 5619- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بهذه الآية قال:"أنا أقرض الله"، فعمد إلى خير حائط له فتصدق به. قال، وقال قتادة: يستقرضكم ربكم كما تسمعون، وهو الولي الحميد ويستقرض عباده.
قال البخاري في صحيحه 1410 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ تَابَعَهُ
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال 901 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَتَادَةَ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:  مَا تَصَدَّقَ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ السَّائِلِ، وَهُوَ يَضَعُهَا فِي يَدِ السَّائِلِ.
 ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ}
فانظر العجب تقع في يده سبحانه وليس بحاجة إليها قبل أن تقع في يد المحتاج إليها ثم يكون عليه ثوابها سبحانه فيضاعفها أضعافاً كثيرة وهو الشكور الغفور ، وإذا كانت النفقة في سبيل فإنها تبدأ من سبعمائة
قال الله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
قال مسلم في صحيحه 4931- [132-1892] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ ، فَقَالَ : هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِئَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ.
فهذا شكره سبحانه لنفقة الذهب والورق ونفقة الدواب فكيف يكون شكره لنفقة العلم وهي أفضل النفقة كما ورد عن جماعة من السلف هو وحده أعلم

قال البخاري في صحيحه 1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ
فانظر العجب أخي ينزل وهو الغني ويعرض على عباده الفقراء أن يغفر لهم وأن يعطيهم وهو الذي يبده خزائن الخير ولا يعجزه شيء ، وكثير منهم معرضون
فيا للعجب غني يتودد وفقير يعرض !
قال الله تعالى : ( إِن الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)
فانظر أخي يقتلون أولياءه ويحرقونهم وهو يرغبهم سبحانه بالتوبة فيقول ( ثم لم يتوبوا )

ويقول ( إن بطش ربك لشديد ) وهذا لهم إن لم يتوبوا
ثم يقول : ( وهو الغفور الودود ) وهذه لهم إن تابوا
قال أبو نعيم في الحلية (9/291) : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ، يَقُولُ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ: " كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَاطْلُبْ مَا يَعْنِيكَ بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ، فَإِنَّ فِي تَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ دَرَكٌ لِمَا يَعْنِيكَ. قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَاللَّهَ اللَّهَ اسْمَعْ أُحَدِّثْكَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعِ الْمُتَوَاضِعِينَ بِقَدْرِ تَوَاضُعِهِمْ وَلَكِنْ بِقَدْرِ كَرَمِهِ وَجُودِهِ، وَلَمْ يُفْرِحِ الْمَحْزُونِينَ بِقَدْرِ حُزْنِهِمْ وَلَكِنْ بِقَدْرِ رَأَفْتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَمَا ظَنُّكَ بِالتَّوَّابِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤْذِي بِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يُؤْذَى فِيهِ؟ وَمَا ظَنُّكَ بِالتَّوَّابِ الرَّحِيمِ الْكَرِيمِ الَّذِي يَتُوبُ عَلَى مَنْ يُعَادِيهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يُعَادَى فِيهِ، وَالَّذِي يَتَفَضَّلُ عَلَى مَنْ يَسْخَطُهُ وَيُؤْذِيهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَرَضَّاهُ وَيَخْتَارُ سَخَطَ الْعِبَادِ فِيهِ "
قوله : (فَمَا ظَنُّكَ بِالتَّوَّابِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَتَوَدَّدُ إِلَى مَنْ يُؤْذِي بِهِ فَكَيْفَ بِمَنْ يُؤْذَى فِيهِ)
استفاد هذا المعنى من قصة أصحاب الأخدود فاعجب من فقير عاجز مجرم يعرض والغني القدير الشكور الحليم إليه يتودد بعرض التوبة والمغفرة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم